الرئيسية / زاد الاخرة / وصية الإمام الخميني(قده) إلى السالكين

وصية الإمام الخميني(قده) إلى السالكين

بني: 

الذنوب.. حتى إذا كانت صغيرة بنظرك، لا تستخف بها “انظر إلى من عصيت” وبهذا المنظار كل الذنوب عظيمة وكبيرة.. لا تغتر بأي شيء، ولا تغتر بالله تبارك وتعالى الذي كل شيء منه وإذا انقطعت عنايته الرحمانية عن موجودات جميع أرجاء عالم الوجود لحظة لن يبقى أثر حتى من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين. لأن كل العالم مظهر رحمانيته جل وعلا..

ورحمته الرحمانية جل وعلا هي على نحو الإستمرار – مع قصور اللفظ والتعبير – مبقية لنظام الوجود و”لا تكرار في تجليه جل وعلا”.

وأحياناً يعبر عنها ببسط الفيض وقبضه على سبيل الإستمرار..

على أي حال.. لا تنس حضوره ولا تغتر برحمته. كما يجب أن لا تيأس ولا تغتر بشفاعة الشافعين عليهم السلام -فإن لذلك كله موازين إلهية ونحن لا نعرفها (11- * أي أن الشفاعة حق ولكن ما الدليل لأحدنا على أن الموازين الإلهية التي تقوم الشفاعة وفقها تنطبق عليه حتما حتى يغتر بشفاعة الشافعين عليهم السلام.. وهذا يعنى أن يعيش أحدنا -في مسألة الشفاعة- بين الخوف والرجاء، الخوف من عدم انطباق موازينها الإلهية عليه والرجاء بشمول الشفاعة له وانطباق موازينها عليه.. وهذا غير الركون الحتمي إليها والاغترار بها..).

إجعل التأمل في أدعية المعصومين عليهم السلام وتحرُّقهم وتفَجُّعهم خوفاً من الحق والعذاب عنوان أفكارك وسلوكك.

الأهواء النفسانية، وشيطان النفس الأمّارة يدخلاننا في الغرور ويجراننا -من هذا الطريق- إلى الهلاك..

بني: 

لا تسعَ أبداً أثر تحصيل الدنيا حتى الحلال منها. فإن حب الدنيا حتى حلالها رأس جميع الخطايا (12- مضمون رواية عن الإمام السجاد عليه السلام “حب الدنيا رأس كل خطيئة” ورواية عن الإمام الصادق عليه السلم: “رأس كل خطيئة حب الدنيا” أصول الكافي كتاب الإيمان والكفر باب ذم الدنيا والزهد فيها حديث 11 وباب حب الدنيا والحرص عليها حديث1.) لأنها حجاب كبير وتجر الإنسان مرغما إلى الدنيا الحرام.

أنت شاب وتستطيع بقوة الشباب التي أعطاك الحق أن تبتر أول خطوة انحراف ولا تدعها تنجر إلى خطوات أخرى.. لكل خطوة خطوة تتبعها، وكل ذنب -حتى إذا كان صغيرا- يجر الإنسان إلى ذنوب كبيرة وأكبر بحيث تصبح الذنوب الكبيرة في نظر الإنسان ليست شيئا يذكر..

بل أحياناً يفتخر الأشخاص على بعضهم بارتكاب بعض الكبائر وأحيانا -بواسطة شدة الظلمات والحجب الدنيوية- يصبح المنكر معروفا والمعروف منكراً..

أنا أسأل الله تعالى جل اسمه أن ينير عين قلبك بجماله الجميل ويرفع الحُجب من أمام عينيك وينجيك من القيود الشيطانية والإنسانية حتى لا تتأسف مثل أبيك -بعد تصرم أيام الشباب وحلول الكهولة- على ماضيك، وتربط قلبك بالحق حتى لا تستوحش من أي حادث وتحرر قلبك من الآخرين لتحرر نفسك من الشرك الخفي والأخفي..

بعد هذه الآيات إلى آخر السورة مسائل شيقة

جداً لا حال لي ولا مجال لأتحدث حولها..

اللهم اجعل أحمد عندك محموداً، وافطم فاطمة عن الذنوب واجعل حسن أحسن ويسِّر أمر ياسر وربِّ هذه العائلة المنتسبة إلى أهل بيت العصمة بعناياتك الخاصة واحفظها من شر شياطين الداخل والخارج ومُنَّ عليهم بسعادة الدارين.

وآخر وصيتي هي: 

أبذل جهدك في خدمة الأرحام خصوصاً أم التي لها علينا حقوقاً واحصل على رضاهم.

والحمد الله أولاً وآخراً والصلاة على رسول الله وآله الأطهار واللعن على أعدائهم.

بتاريخ 17 شوال 1404 (هـ. ق)

روح الله الموسوي الخمينى

هــدية غيــبية

بسم الله الرحمن الرحيم

 أهدى كتاب “آداب الصلاة” (1- هذا الكتاب ألفه الإمام الخميني (س) عام (1261هـ/1942م) بعد كتاب سر الصلاة، وهو شرح لآداب الصلاة واسرارها المعنوية، وهو غني بالفوائد الأخلاقية والعرفانية.) -الذي لم أجنِ منه سوى الأسف على القصور والتقصير في ما خلا من الأيام التي كنت قادراً فيها على بناء النفس، وسوى الحسرة والندامة في مرحلة الشيخوخة حيث يدي خالية وحملي ثقيل والسفر بعيد والبلاء شديد ونداء الرحيل يتردد في سمعي -إلى ولدي العزيز “أحمد” لعله، إن شاء الله ينتفع -وهو يتمتع بقوة الشباب- بمحتواه، جمعته من كتاب الله والسنّة المطهرة وما أُثر عن الأولياء العظام فيرقى -مستفيداً من إرشادات أهل المعرفة- المعراج الحقيقي، ويستنقذ قلبه من هذه الظلمة، ويوفق لبلوغ مقصد الإنسانية الأصلي الذي سلكه أنبياء الله العظام وأولياؤه الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، وأهل الله ودعوا الآخرين إليه.

بني: 

اسع للعثور على نفسك المعجونة بفطرة الله، واستنقذها من مستنقع الضلالة وأمواج العجب

والأنانية، واركب “سفينة نوح” التي هي “ولاية الله” “فإن من ركبها نجا من وتخلف عنها هلك” (2- جزء من حديث شريف مروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مستدرك الصحيحين ج2 ص 343.).

بني:

إجهد أن يكون سيرك في “الصراط المستقيم”. صراط الله -وإن كان ذلك بخطى وئيدة بطيئة، واسعَ أن تكون حركات قلبك وسكناته وسائر جوارحك في إطار التسامي والارتباط بالله، واحرص على السعي في خدمة الخلق لأنهم خلق الله، فرغم أن أنبياء الله العظام والخواص من أوليائه تعالى كانوا يمارسون الأعمال كالآخرين، فإنهم لم يتعلقوا بالدنيا قط وذلك لأن شغلهم كان بالحق وللحق، إلا أنه رُوي عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “إنه ليغان على قلبي واني لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة” (2- رواية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب مستدرك الوسائل، كتاب الصلاة، أبواب الذكر، الباب22 الحديث1.) ولعله كان يرى أن رؤية الحق في الكثرة كُدورة.

بني: 

تهيأ بعدي لمواجهة مختلف مشاعر الجفاء والضغائن التي أكنّتها الصدور مني، فسوف تنعكس عليك، وإذا كان حسابك مع ربك سليما، وتحصّنت بذكر الله؛ فإنك لن تخشى الخلق.  فأمر الخلق وحسابهم هينٌ سريع الانقضاء، والأزلي هو الحساب أمام الحق تعالى.

بني:

قد تُعرضُ عليك بعدي المناصب، فإن كانت نيتك خدمة الجمهورية الإسلامية والإسلام العزيز فلا ترفض، ولكن إذا كانت نيتك -لاقدر الله- إطاعة هوى النفس وإرضاء الشهوات، فاجتنب القبول إذا لا قيمة للمقامات والمناصب الدنيوية كي تضيع نفسك من أجلها.

اللهم مُنَّ على (أحمد) وذريته وأهل بيته -وهم عبادك ومن نسل رسولك الأكرم صلواتك عليه وعلى آله- بالسعادة في الدنيا والآخرة، إحفظهم من شر الشيطان الرجيم -اللّهم خذ بأيدينا نحن الضعفاء العاجزين المتخلّفين عن قافلة السالكين- اللهم عاملنا بفضلك، ولا تعاملنا بعدلك.

والسلام على عباد الله الصالحين

23 ربيع الأول 1405 هـ

روح الله الموسوي الخميني

شاهد أيضاً

فيديو.. إسقاط الطائرة الأمريكية MQ9 في أجواء صعدة  

فيديو.. إسقاط الطائرة الأمريكية MQ9 في أجواء صعدة     نشر الإعلام الحربي اليمني مشاهد ...