الكتاب والحجاب
نظمها الازري معارضا لقصيدة ( المرأة في الشرق ) التي أنشدها الاستاذ معروف الرصافي على أحد مسارح بغداد.
أمنازل الخفرات بالزوراء |
لا زعزعتك عواصف الاهواء |
|
قري فانك للفتاة أريكة |
ضربت سرادقها على النجباء |
|
لا تحزني مما رماك به الهوى |
ظلما وظنك معقل الاسراء |
|
أين الاسارة من عفاف طاهر |
أين المعاقل من كناس ظباء |
|
أكريمة الزوراء لا يذهب بك ال |
نهتج المخالف بيئة الزوراء |
|
أو يخدعنك شاعر بخياله |
ان الخيال مطية الشعراء |
|
حصروا علاجك بالسفور وما دروا |
ان الذي حصروه عين الداء |
|
أو لم يروا ان الفتاة بطبعها |
كالماء لم يحفظ بغير اناء |
|
من يكفل الفتيات بعد ظهورها |
مما يجيش بخاطر السفهاء |
|
ومن الذي ينهى الفتى بشبابه |
عن خدع كل خريدة حسناء |
|
ليس الحجاب بمانع تهذيبها |
فالعلم لم يرفع على الازياء |
|
أولم يسغ تعليمهن بدون أن |
يملأن بالاعطاف عين الرائي |
|
ويجلن ما بين الرجال سوافرا |
بتجاذب الارداف والاثداء |
|
فكأنما التهذيب ليس بممكن |
الا اذا برزت بدون غطاء |
|
وكأنما الاصلاح عز بناؤه |
ما لم يشيد مسرح بنساء |
|
ان المسارح لا تدير شؤونها |
من كلفت برعاية الابناء |
|
مثل بها دور الفضيلة انها |
تغنيك عن تمثيل دور اباء |
|
وانظر الى شأن المحيط وأهله |
كيلا تفوتك حكمة الحكماء |
|
نص الكتاب على الحجاب ولم يبح |
للمسلمين تبرج العذراء |
|
قل لي فماذا يصنع العلماء لو |
نزهتهم من سيرة الجهلاء |
|
ماذا يريبك من حجاب ساتر |
جيد المهاة وطلعة الذلفاء |
|
ماذا يريبك من ازار مانع |
وزر الفؤاد وضلة الاهواء |
|
ما في الحجاب سوى الحياء فهل من |
التهذيب أن يهتكن ستر حياء |
|
هل في مجالسة الفتاة سوى الهوى |
لو أصدقتك ضمائرالجلساء |
|
شيد مدارسهن وارفع مستوى |
أخلاقهن لصالح الابناء |
|
وافحص عن الاخلاق قبل حجابها |
أو ما سمعت بطائر العنقاء |
|
هلا اختبرت الاقوياء خلاقهم |
لو كنت تأمن عفة الضعفاء |
|
أسفينة الوطن العزيز تبصري |
بالقعر لا يغررك سطح الماء |
|
وحديقة الثمر الجني ترصدي |
عبث اللصوص بليلة ليلاء |
٩١
الانانية
غمر السرورفؤادها بزواجه |
|
وأعاد شاحب وجهها متهللا |
قد كان من أقصى الاماني عندها |
|
يوم ترى فيه ابنها متأهلا |
حتى اذا نعمت بليلة عرسه |
|
وتفيأ الضيف الجديد المنزلا |
نظرتهما مسرورة وتجاهلت |
|
قلقا افاق بنفسها فتململا |
لم تدر ما هو؟ غير أن فؤادها |
|
قد عاد لا يجد السرور الاولا |
ظنته وهما عارضا فاذا به |
|
داء على مر الليالي استفحلا |
وطغت عليها وحشة من بيتها |
|
فكأنه بعد العشي تبدلا |
وكأنها ندمت وودت لو أبى |
|
ليعيش معها راهبا متبتلا |
كان ابنها ملكا اليها خالصا |
|
واليوم ها هو للغريب تحولا |
وتوهمت شبحا يحاول فصلها |
|
عنه ويطلب منه أن يتنصلا |
* * *
رجعت لعزلتها تناجي نفسها |
|
وتود عما نالها أن تسألا |
فأجابها القلق الذي شعرت به |
|
مهلا فاني لم اجئ متطفلا |
أنا ذلك الغرض الاناني الذي |
|
في كل نفس لم أزل متأصلا |
حب الامومة لابنها حب لها |
|
فاذا تلمست العقوق تسللا |
نار الحروب توقدت من لذعتي |
|
والحرص يختلق الذنوب تعللا |
لو لم اكن لم تشهدي متظلما |
|
من جائريه ولا بطاغ مبتلى |
لا يستطيع العلم جذم أواصري |
|
ولو أنه بلغ السموات العلى |
بل كلما ارتقت الحضارة في الورى |
|
اشتدت قوادحها وزادتني صلى |
* * *
أنا كاللظى والناس في غليانهم |
|
كالماء والدنيا استحالت مرجلا |
فترة
أضحكتنا ورب ضحك بكاء |
|
فترة من زماننا رعناء |
فترة ضاعت المقاييس بين |
|
الناس فيها وسادت الاهواء |
خلقت من خشارة الناس رهطا |
|
عرفت بعد خلقه الآباء |
لمة من بني الشوارع عاشت |
|
حيث عاش الاعيار واللقطاء |
حشرات طلعن من طبقات |
|
الارض لما استتبت الظلماء |
وجراثيم حين لاءمها الماء |
|
تفشى من سمهن الوباء |
رفعتها من الحضيض ولم تر |
|
فع نهاها فمسها الخيلاء |
وكذاك اعتلاء من ليس اهلا |
|
للمعالي مصيبة وبلاء |
* * *
يا لها فترة من الدهر فوضى |
|
يستوي الهدم عندها والبناء |
كثر الانتحال فيها وباتت |
|
تستغل الانساب والاسماء |
كيف لا ترقبن كل عثار |
|
من قصير عليه طال الرداء |
غره المرتقى فظن بأن |
|
الناس ـ حاشاه ـ اعبدو اماء |
وله وحده الكرامة ، والعزة |
|
والمجد، والنهى ، والعلاء |
تقرأ العجب فيه من نظرات |
|
ملؤها الاحتقار والازدراء |
مطرق ان مشى كمن اشغلته |
|
لحلول المشاكل الآراء |
لو تصفحته وجدت ثيابا |
|
فوق جسم كأنه المومياء (١) |
مجدبا كالسباخ من كل خير |
|
جل ما في جرابه الكبرياء |
ان تسل منه فالجواب اقتضاب |
|
أو تسلم فرده ايماء |
* * *
واذا ما استنسبته قال انا |
|
من أياد وغيرنا الادعياء |
نحن من حاملي اللواء بذي ( قار ) |
|
أبونا ، وأمنا البرشاء |
__________________
١ ـ المومياء دواء يحنط به الاجسام كالهياكل القديمة.
وبنو عمنا الاراقم من تغلب |
|
والاعشيان والخنساء |
دارنا الغور ، والعذيب ، ووادي |
|
الجزع ، والابرقان ، والدهناء |
وجبل السراة تشهد أنا |
|
عرب ليس غيرنا عرباء |
هكذا تفعل المهازل في الدنيا |
|
وتقضي الغباوة العمياء |
وكذا يبطر الرخاء خفيف الوزن |
|
من حيث لم يسعه الاناء |
* * *
تتغنى به البلاهة والطيش |
|
وبعض من الغناء رثاء |
لا تلمه فقد رأى فوق ما لم |
|
يتصور ، وانجاب عنه الشقاء |
من رياش تحفه في المقاصير |
|
وكانت تلفه القرفصاء |
* * *
وتخب السيارة اليوم فيه |
|
بعد ما خد أخمصيه الحفاء |
يوجد الخير حيث يوجد في المرء |
|
ضمير يشع منه الضياء |
* * *
أيها الفترة اقترفت ذنوبا |
|
قد تلقى عقابها النبلاء |
ليس هذا الزمان الا كتابا |
|
انت منه الصحيفة السوداء |
فيك راح الهوى يخط ويملي |
|
لم تقيده ذمة أو حياء |
طالما غرت الظواهر عيني |
|
وغطى على الظنون الرياء |
ثم دارت رحى الزمان فأبدت |
|
لي ما ينطوي عليه الخفاء |
رب داء ترى من العار شكواه |
|
وشكوى يثنيك عنها الاباء |