كتب سالم الصباغ
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)ويقول عز وجل عن رحمته تعالى :
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)والسؤال هو :
مالفرق بين الرحمتين في الأيتين الكريمتين ..؟
الإجابة :
لا فرق بين الرحمتين حسب ظاهر الأيتين الكريمتين ، ( فالعالمين ) هم ( كل شئ ) ماعدا الله عز وجل ..
ولكن الفرق الوحيد هو :
أن الرحمة الإلهية هي على سبيل ( الاستقلال )
والرحمة المحمدية للعالمين هي على سبيل ( الاستظلال ) ، أي أنها ظل للرحمة الإلهية الواسعة ..
أي أن رحمة الله الواسعة تتجلى بتمامها وكمالها في الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله …
وكذلك في باقي أسماء الله الحسنى … ولعل هذا أحد معاني ( وعلم أدم الأسماء كلها ) ، والرسول الأكرم هو خاتم النبيين وصفوة المرسلين وسيد أولي العزم من الرسل وهو أحق بأن يكون مظهراَ للعلم بالأسماء كلها .. حيث أن أدم ليس من أولي العزم :
( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) ..
صفة العلم
ثم ننتقل إلى صفة أخرى وهى موضع النزاع أو قل الحوار وهي صفة ( العلم ) ..
يقول الله تعالى :
( قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ )
فالله هو الشهيد .. ولكن يوجد شهيد أخر شهادته على نفس النسق مع شهادة الله وهذا الشهيد عنده ( علم الكتاب ) ، وهذا العلم من مقتضيات مقام الشهادة .. وفي الروايات أنه علي عليه السلام ..
فمقام الشهادة هو الشهادة على الأعمال ، وكيف يشهد الشاهد وليس عنده علم كل شئ ..؟
ولكن ماهو المقصود ( بعلم الكتاب ) …؟
أية أخرى حدثتنا عن جزء واحد من علم الكتاب كان يملكه وزير سليمان عليه السلام أستطاع به أن يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى القدس ..
يقول الله تعالى عن هذا الجزء من العلم :
( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ)
لاحظ أن الأمر لا يتعلق بمعجزة ، ولكنه نوع من العلم له مدخلية في الإتيان بعرش ملكة سبأ ..! وهذا العلم ليس علم الكتاب كله ، ولكنه علم حرف واحد من الكتاب كما قال الأئمة عليهم السلام ، وهو يساوى ما تأخذه الأبرة من مياه البحر بالنسبة لعلم محمد وأل محمد صلوات الله عليهم .. فما بالك بعلم الرسول الأكرم صلوات الله عليه وأله
والخلاصة :
أن الله عز وجل هو ( الشهيد ) ، ولكن تتجلى هذه الشهادة في العبد الكامل أو الإنسان الكامل حيث أعطاه الله علم الكتاب كله .. فأصبح مظهر للعلم الإلهي ..
يقول الله تعالى :
(وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ )
ويقول تعالى :
(مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)
والسؤال هو :
مالفرق بين الأيتين بين :
علم الإمام المبين
وبين : علم الكتاب ..؟
الأجابة :
علم الله هو علم استقلالي
وعلم الإمام هو علم استظلالي … أي ظل للعلم الإلهي ، ومظهرا له حيث أن الرسول الأكرم والأئمة من أهل بيته عليهم السلام هم الإنسان الكامل قلب هذا العالم قد وصلوا إلى كمال العبودية …
ولقد أراد الله أن يوضح هذه القضية الكبرى قضية الإنسان الكامل القدوة والمثل الأعلى لمن كان يرجوا الله ..
بطريقة مباشرة في قوله تعالى :
( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ)
( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ)
ولو أضفنا إلى ذلك حديث قرب النوافل وحديث قرب الفرائض الذي أجمعت على صحته الأمة لظهرت القضية ..
ونصه في البخاري :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
{ إن الله تعالى قال : من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعـطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه } .
[رواه البخاري:6502] .