إشارة عرفانية
لم يكن الإمام الخميني ليرحل من هذا العالم دون أن يترك وصيته لشعبه ولمحبيه ولكل من أراد أن يسير على درب الولاية الذي تجسد في دولة إسلامية معاصرة تُعتبرنموذجاَ ، وعلماَ ، يُهتدى به في ظلمات الفتن والمؤامرات التى حاكها الشياطين والمستكبرين والطغاة على مدار التاريخ ، وخاصة المكر الشيطاني الأمريكي في هذا العصر ، والذي أطلق عليه الإمام وبصدق ( الشيطان الأكبر ) ليمثل أكبر فتنة تمر بها البشرية في تاريخها .
وسوف أشير هنا إلى مقدمة الوصية فقط ، وعناوين موضوعاتها ، ثم ختامها ، وانصح بقراءة الوصية تفصيليا ..
أما مقدمة الوصية فتحدث فيها الإمام عن ( حديث الثقلين ) ، وكأنما أراد أن يكتب في وصيته ماحال البعض بين رسول الله صلوات الله عليه وأله أن يكتبه وصية للأمة كي لا تضل بعده أبدا ، وفيما أطلق عليه بعض الصحابة (رزية يوم الخميس ) وكان يبكى حتى تبتل لحيته وهو يروى الواقعة ، وكانت متعلقة بحديث الثقلين كما يُفهم من السياق .
وكأنما الإمام الخميني أراد أيضاَ أن يصل عصرنا بعصر النبوة ، تمهيدا لعصر الخلافة على منهاج النبوة ، كما ورد فى الروايات الشريفة …! وتمهيدا لدولة العدل الإلهي .
وتعال معي لنقرأ ماكتبه الإمام عن حديث الثقلين فى مقدمة وصيته الخالدة ونتدبر في عباراته وإشارته:
الوصية الإلهية السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الوصية
حديث الثقلين
(قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إني تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي … فإنّهما لن يفترِقا حتى يردا عليّ الحوض” )
الحمد لله وسبحانك اللهم، صلِّ على محمد وآله مظاهر جمالك وجلالك وخزائن أسرار كتابك الذي تجلت فيه الأحدية بجميع أسمائك حتى المُستأثر منها، الذي لا يعلمهُ غيرك. واللعن على ظالميهم أصل الشجرة الخبيثة
مقامات الثقلين العرفانية.
(وبعد.. فإني أرى من المناسب التعرض باقتضابٍ قاصر لموضوع الثقلين، لا من حيث المقامات الغيبيّة والمعنويّة والعرفانيّة ، فقلمي لا يجسر على مرتبةٍ يستعصي عرفانها، ويصعب ـ أن لم أقل يمتنع ـ تحملها على كل دائرة الوجود من الملك إلى الملكوت الأعلى ، ومنه إلى اللاهوت ، وإلى ما يفوق فهمي وفهمك ، ولا من حيث ما مَرَّ على البشرية جرّاء عدم إدراك حقائق المقام السامي للثقل الأكبر، والثقل الكبير ، الذي يكبر كل شيء عدا الثقل الأكبر الذي يمثل الأكبر المطلق،)
مظلومية الثقلين
(ولا ما حيث من قاساه هذان الثقلان من الطواغيت والشياطين من أعداء الله، ذلك عليّ عسير لقصور الاطلاع وضيق الوقت. فجلَّ ما رأيته مناسباً للذكر، هو الإشارة باختصار بالغ إلى ما تعرض له هذان الثقلان.
لعلَّ قوله ( لن يَفترِقا حتّى يردا عليَّ الحوضَ ) إشارة إلى أن كلّ ما يجري ـ وبعد حياة رسول الله (ص) المباركة ـ على أحد هذين الثقلين يجري على الآخر، وإلى أنّ هجران أيٍّ منهما يُعدُّ هجراناً للآخر، وحتى تلك الساعة التي يرد فيها هذان المهجوران الحوض على رسول الله صلوات الله عليه وأله .)
المعنى العرفانى للحوض
(أما هل أن هذا الحوض هو مقام اتصال الكثرة بالوحدة، واضمحلال القطرات في البحر، أو أنّه شيء آخر؟ فلا سبيل له إلى العقل والعرفان البشري.
ولكنَّ ما تنبغي الإشارة إليه، هو أنّ ظلم الطواغيت الذي لحق وديعتي الرسول الأكرم هاتين، لحق الأمة الإسلامية، بل البشرية جمعاء، وإن القلم ليعجز عن بيان ذلك)
حديث الثقلين حجة على البشرية
(ولا يفوتني هنا التذكير بأنّ حديث الثقلين متواتر بين جميع المسلمين، فقد نقلته كتب أهل السنة، بدءاً من الصحاح الستّة ، حتى الكتب الأخرى بألفاظ مختلفة وفي أبواب عديدة متواتراً عن رسول الله (ص)؛ وبذا فالحديث الشريف يُعدُّ حُجَّة قاطعة على البشر جميعاً، خصوصاً المسلمين على اختلاف مذاهبهم. وعليه فإنَّ على جميع المسلمين الذين تمت الحجة عليهم أن يوضحوا موقفهم إزاء ذلك، وإن كان ممكناً التماس العذر للجاهلين غير المطّلعين، فلا عذر للعلماء من كل المذاهب )
إطلالة على أهم موضوعات الوصية الخالدة
1 ـ الدافع الألهى ووحدة الكلمة سر النصر
2 ـ إقامة الحكومة الإسلامية من أسمى العبادات
3 ـ أهمية الإكتفاء الذاتي
4 ـ الإنتخابات تكليف إلهي
5 ـ عدالة القضاء الإسلامي
6 ـ الإهتمام بالقوات المسلحة
7 ـ وسائل الإعلام وخطرها
8 ـ الإسلام يرفض الرأسمالية والشيوعية
9 ـ نصيحة إلى المتلبسين بزى العلماء
10 ـ وصية إلى مستضعفي العالم
11 ـ كلمة الوداع
وفى كلمة الوداع يقول الإمام رضوان الله عليه
( بفؤاد هاديئ وقلب مطمئن وروح مسرورة وضمير اَمل بفضل الله ، أستأذن الأخوات والأخوة ، وإسافر نحو المقر الأبدي ، وإننى في حاجة مبرمة إلي دعائكم لي بالخير ، وأسأل الله أن يقبل عذرى في نقص الخدمة وقصوري وتقصيري ، واَمل من الشعب أن يقبل عذري في النقائص والقصور والتقصيرات ، وأن يمضوا قدماَ بقوة وتصميم وإرادة ، وليعلموا أنه بذهاب خادم سوف لن يحصل خلل فى سد الشعب الحديدي فإن خداماَ أسمى وأفضل يخدمون الأن ، والله حافظ هذا الشعب ومظلومي العالم والسلام عليكم وعلى عباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته )
1 جمادي الأولى 1403 هجري قمرى
روح الله الموسوى الخمينى