لا يحتفل المؤمن بنجاحاته!
✍ مقدام باقر: ليس من الهيّن أن لا ينتهي مآل أعمالنا ومصيرها إلى العجب والغرور، فكلما ازددنا حظا من الخير والبر، تقربنا من شفا حفرة العجب أكثر. ولا يكاد ينجو منها ولا واحد من مليون.
لا نذهبْ بعيدا؛ فحسبنا من العجب أن يخفت فينا نَفَس الانكسار والخجل والشعور بالتقصير، ومن ثَمّ نحسب أنفسنا في عداد الصالحين بل نقيس أنفسنا بهم. وهذا هو العجب الذي يقضي على الأعمال ويصرع الرجال.
إذا ما خطر ببالكم علاج فأتحفونا به، فإن الأمر من الصعوبة بمكان، بحيث كاد أن يكون مستحيلا.
ما إن عشنا بضعة أيام مثل الآدميّين، فنهضنا مبكّرين ثمّ انطلقنا بعزم إلى العمل والعبادة والجهاد والخدمة والعطاء، اعترتنا الأوهام وحسبنا أنفسنا فوق الأنام. ثم أخذنا نحدّث أنفسنا بأنه إذا استمرنا على هذا المنوال سنة، سنصبح كذا وكذا، وسيقال عنا كيت وكيت. أوليس العجب غير هذا؟!
فهنا وقبل أن نُخَرّب بالعجب كلّ شيء ونُهلك به أنفسنا، يعمد اللّه إلى إنقاذنا فيسلبنا توفيق الاستمرار، بل قد يوقعنا في بعض الذنوب، لكي نصحو من نشوة الغرور ويعود إلينا لبّنا. كأن خطورة العجب تقتضي سرعة العلاج دون إبطاء، ولو بصعق الابتلاء بالذنوب. فقد روي عن الإمام الصادق عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أنه قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ عَلِمَ أَنَّ اَلذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ اَلْعُجْبِ وَ لَوْ لاَ ذَلِكَ مَا اُبْتُلِيَ مُؤْمِنٌ بِذَنْبٍ أَبَداً.» [الكافي/ج٢/ص٣١٣]
يبدو أن المفترض على المؤمن هو أنه إذا ما أذنب وعصى، ندم وحزن على ذلك، وإذا أحسن وعمل صالحا، خاف وقلق من العجب والغرور. فيلجأ إلى اللّه منكسرا صفر اليدين من أي حيلة، لعل اللّه يحدث له أمرا. أساسا لا يحتفل المؤمن بنجاحاته إلا بعد الموت.