علي اليوسف:
بعد انهيار ائتلاف حكومة الكيان الإسرائيلي الهشة أساساً، تتجه الأنظار إلى الانتخابات الخامسة خلال أكثر من ثلاث سنوات، وبالتالي قد تخلط الأوراق، ويعود بنيامين نتنياهو -زعيم حزب الليكود المعارض في الكنيست، والذي أطاح به الائتلاف الذي يقوده بينيت من السلطة قبل عام- لرئاسة الحكومة من جديد.
هذا التخوف كان حاضراً لدى الائتلاف الصهيوني الذي كابر حتى الانهيار، ولهذا لم يكن القرار الذي اتخذه نفتالي بينيت بالتنحي وحلّ الكنيست، وحتى الانسحاب من الحياة السياسة برمتها، مفاجئاً، بل المفاجأة كانت بتأجيل زيارة الرئيس الأمريكي والتي تشي بأن هناك معلومات لديه -طبعاً من الجانب الصهيوني- أن بينيت سيتنحى قبل الموعد المقرّر للقاء جو بايدن، الذي سيصل إلى الأراضي المحتلة في 13 تموز الحالي، أي أن بايدن لا يريد لقاء رئيس حكومة مستقيل من الحياة السياسية كي لا تكون الزيارة بلا “نكهة”.
وما دام انحل الكنيست، وعاد بينيت إلى عائلته، فإن زيارة بايدن ستركز بلا شك على ترتيب البيت الصهيوني وتهدئة ذات البين لأسباب كثيرة جداً تفرضها معادلات المنطقة التي بات لمحور المقاومة الكلمة الفصل في مواجهة أي أزمة يصدرها الكيان الإسرائيلي، وتالياً عدم إشغال واشنطن المتفرغة لمواجهة الصين وروسيا، وأخيراً عدم التشويش على مستقبل بايدن السياسي الذي يعاني أيضاً من انتكاسات سياسية واقتصادية قد ترجعه إلى عائلته كما بينيت.
حتى الآن، يبدو أن الطريق سيكون غير سالك أمام بايدن، ولن يكون قادراً على حلّ الخلافات الداخلية بين الأطراف المتمسّكة بالسلطة، وتلك التي تصارع للانقضاض على رئاسة حكومة العدو، وخاصةً إذا ما أخذنا بالاعتبار حالة الجفاء التي تعامل بها بايدن مع نتنياهو بعد دخوله البيت الأبيض، وحتى إزاحته عن السلطة عبر لعبة الائتلاف التي كان بطلاها بينيت ولابيد اللذان لم يصمدا أكثر من عام. لهذا، وحتى موعد الانتخابات التي تمّ تحديدها في الأول من تشرين الثاني القادم، فإن الأيام القادمة ستكون مواجهة من العيار الثقيل بين نتنياهو وشريك بينيت في الائتلاف، وزير الخارجية سابقاً، ورئيس الوزراء المؤقت لاحقاً، يائير لبيد، رئيس حزب الوسط.
ولحين تكشّف ما تحمله الأيام القادمة، تبقى الزيارة الأولى لبايدن إلى الأراضي المحتلة أقرب ما تكون إلى رحلة طارئة حتى إشعار آخر، أو حتى انتخابات التجديد النصفي، وبالتالي فإن هذه الزيارة لن يكون لها أي تأثير يذكر في مسرح الصراع الصهيوني على السلطة، وأن أكثر ما يمكن أن تقدّمه هذه الزيارة هو الدفع المعنوي لخصوم نتنياهو. لذلك سيكون بايدن حريصاً على تجنّب أن ينظر إليه على أنه يتدخل مع أطراف ضد أطراف أخرى، خاصةً وأنه قد يجتمع مع نتنياهو حسب التقليد المتمثل في لقاء رؤساء الولايات المتحدة بزعيم المعارضة الإسرائيلية، وهذا الأخير لا يتمتّع بعلاقة ودية مع بايدن، بل معقدة تعود إلى 40 عاماً، وعليه لن يكون لزيارة بايدن أي تأثير ما دام زعيم المعارضة يسعى لوضع حدّ لمحاكمة الفساد الجارية ضده حالياً، والقيام بانقلاب على السلطة.