الوقت- أعلن الكيان الاسرائيلي أن وزير التعاون الإقليمي في الحكومة سيلتقي خلال الأيام القريبة وزير الاقتصاد الفلسطيني، بهدف الترتيب لعقد اجتماع اقتصادي بين الجانبين.
ويندرج هذا الاجتماع ضمن ما يعرف بالملحق الاقتصادي الموقع خلال اتفاق أوسلو المتوقف عن العمل منذ عقد من الزمن.
جاءت موافقة الكيان الاسرائيلي على عقد لقاء فلسطيني – اسرائيلي اقتصادي بعد توقف لأكثر من ثلاثة عشر عاماً في خطوة لا شك ترتبط بزيارة بايدن ويندرج هذا الاجتماع ضمن ما يعرف بالملحق الاقتصادي الموقع ضمن اتفاق أوسلو عام 1994 المتوقف عن العمل منذ أعوام. “والذي يتمحور حول عمل اللجنة ونشاطها حول تحديث حصص الواردات الفلسطينية ومواضيع رقابية أخرى”.
ونقلت قناة “i24 news” في الكيان الإسرائيلي عن وزير التعاون الإقليمي في الحكومة “عيساوي فريج” قوله إنه سيلتقي خلال الأيام القريبة مع وزير الاقتصاد في الحكومة الفلسطينية “خالد العسيلي”، من أجل ترتيب موعد رسمي لعقد القمة الاقتصادية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، بعد تعطيل استمر منذ عام 2009. وأضاف فريج إن رئيس الوزراء يائير لابيد منحه الضوء الأخضر للقاء وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي خلال الأيام المقبلة لترتيب موعد رسمي لعقد قمة اللجنة الاقتصادية المشتركة .
وسبق أن حاول فريج الدفع نحو عقد القمة الاقتصادية، لكن رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت رفض ذلك خشية من الانعكاسات السياسية للقرار على حزبه (يمينا) ذي الجمهور الديني.
ومنتصف أيار الماضي، انتقد فريج في حديث لموقع “غلوبس” الاقتصادي العبري بعض زملائه في الحكومة لأنهم لم يسمحوا بانعقاد قمة اللجنة الاقتصادية المشتركة مع الفلسطينيين من أجل زيادة حصص التصدير والاستيراد من الضفة الغربية.
وتعطلت اجتماعات اللجنة المذكورة منذ عام 2009، مع بداية تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية وهو المنصب الذي استمر في شغله حتى حزيران 2021.
فيما كان قد أشار تقرير أممي جديد إلى زيادة النشاط بين الاقتصادين الإسرائيلي والفلسطيني كما سلط التقرير الضوء على أن مساحة النشاط الاقتصادي الفلسطيني في الضفة الغربية، ولا سيما في المنطقة ج، لا تسمح بالنمو الاقتصادي الفلسطيني المطلوب. ويقول التقرير إن القيود الإسرائيلية على الحركة واستخدام الأراضي، والنشاط الاستيطاني المستمر والتوسع الاستيطاني، والافتقار إلى تصاريح البناء الإسرائيلية، والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها، يؤكد هذا التطور السلبي.
من جانبه حذر المتحدث باسم حركة “حماس” حازم قاسم، من خطورة الاستجابة لما يتم الإعلان عنه من طرف مسؤولين إسرائيليين عن ترتيبات لعقد قمّة اقتصادية “فلسطينية إسرائيلية“.
وأكد قاسم، في تصريح صحفي، أن “القبول بهذا المسار يعد تسليماً ورضوخاً لمخططات الاحتلال المشبوهة، تحت عنوان ما يسمّى السلام الاقتصادي. و أوضح أن “ذلك يشجّع الاحتلال على فرض المزيد من خطوات الأمر الواقع، التي تنتقص من الحقوق والثوابت الوطنية وتكرّس أجندته الاحتلالية“.
من جانب آخر، يرى مراقبون أن الإدارة الأمريكية الحالية، غير جادة في إيجاد أي حلول سياسية للقضية الفلسطينية، وأنها تسعى لاستنساخ سياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، القائمة على “تحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين مع بقاء الاحتلال الإسرائيلي”.
بروتوكول العلاقات الاقتصادية (اتفاقيات اوسلو- باريس)
هي اتفاقية إضافية ضمن اتفاقيات اوسلو. تم التوقيع على البروتوكول في باريس، في 29 أبريل 1994، وتم فيه تنظيم العلاقات المالية والنقدية والتجارية بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية طوال فترة أوسلو المؤقتة (1994-1999). واستناداً إلى البروتوكول ، احتفظ الكيان الاسرائيلي بالسيطرة الكاملة على التجارة الفلسطينية وعلى جمع الضرائب. وكان الفرق بأن الضرائب والجبايات لن تستمر بالتدفق إلى الخزينة الإسرائيلية، بل تستلمها السلطة الوطنية الفلسطينية. وبهذه الإيرادات يمكن تمويل جزء كبير من نفقات السلطة الوطنية الفلسطينية. وهذا ما أعطى سلطات الاحتلال أيضاً وسيلة إلزام قوية فيما يتعلق بالسلطة الوطنية الفلسطينية. وقد كان هذا مجالاً واحداً فقط استمرت إسرائيل من خلاله بالتحكم، فيما بقيت دائرة عمل منظمة التحرير الفلسطينية صغيرة.
يطلب اتفاق باريس (أوسلو) أن تكون حركة العمل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل هي الوضع الطبيعي السائد، لكنه يترك كثيرا من الأمور لتقدير كل جانب. يشترط البروتوكول أن “كِلا الجانبين سيحاول الحفاظ على حركة عمالة طبيعية بينهما شريطة أن يكون لكل جانب الحق في أن يُقرّر من فترة إلى أخرى حجم وظروف حركة العمالة إلى مناطقه. وإذا قام أي جانب بتعليق مؤقّت للحركة الطبيعية، فسيبلّغ الجانب الآخر على الفور”.
فيما يتعلّق بالتبادل التجاري الثنائي للبضائع، ينص اتفاق أوسلو على تبادل البضائع الفلسطينية والإسرائيلية بين الجانبين بلا رسوم أو جمارك.
بالنسبة للسياسات التي تحكم الاستيراد من أطراف ثالثة، ينص اتفاق أوسلو على أن يتم استخدام نظام التجارة الخارجية وسياسة الاستيراد في إسرائيل كبرنامج لنظام التجارة الخارجية وسياسة الاستيراد في فلسطين (أي لا تستطيع السلطة الفلسطينية فرض رسوم وجبايات أخرى أقل من تلك التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي).
وتتكون الاتفاقية من 82 بندا بهدف تنظيم العلاقات الاقتصادية عبر “اللجنة الاقتصادية المشتركة” بين الطرفين خلال 5 سنوات هي عمر المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو التي انتهت فعليا عام 1999، غير أن هذه اللجنة لم تجتمع سوى مرات قليلة، قبل أن تجمدها إسرائيل كليا عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.
وجوبهت مطالبات سابقة للسلطة بإجراء تعديلات على بعض بنود الاتفاقية -التي مضى أكثر من ربع قرن على توقيعها- برفض إسرائيلي.
ووصفت دراسة للاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين بعنوان “الاقتصاد الفلسطيني المجني عليه باتفاقية باريس الاقتصادية” هذه الاتفاقية بأنها “مصيدة” دخلتها منظمة التحرير الفلسطينية جراء عدم خبرة المفاوض الفلسطيني بالقضايا الاقتصادية والمالية والفنية، ولم تستطع الفكاك من هذه المصيدة حتى الآن.
في المقابل، امتلكت سلطات الاحتلال الإسرائيلي القرار النهائي بكل ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية الفلسطينية التي قيدتها الاتفاقية بالموافقات الإسرائيلية السياسية والأمنية والمهنية.
وحسب الدراسة، فإن اللجنة الاقتصادية المشتركة بين الطرفين والمشكّلة من عدد متساوٍ من الأعضاء وأي لجان فرعية أخرى يمكن تشكيلها تحولت إلى اسم فقط وأدخلت إلى “الثلاجة”، ولم تعد لها أي سلطة أو تأثير على مجمل العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية بين الجانبين.
من الطبيعي أن ترفض إسرائيل إجراء تعديلات، فالاتفاقية ضمنت لها الكثير في مقابل الفتات القليل الذي تمنحه للسلطة.
و هل يعقل بعد كل هذه السنوات أن تستمر إسرائيل في فرض شروطها وقيودها التي تضمن لها توريد حوالي 65% من احتياجات السوق الفلسطيني، فيما لا تزيد نسبة التجارة الفلسطينية مع الدول العربية على 4%.
الوضع الاقتصادي الفلسطيني
إن الضغوط على المالية العامة الفلسطينية زادت جراء اقتطاعات إضافية أجرتها الحكومة الإسرائيلية من الإيرادات الضريبية الشهرية التي تقوم بتحصيلها لحساب السلطة الفلسطينية (إيرادات المقاصة).
والمقاصة هي ضرائب على الواردات الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة مقابل عمولة 3% وتحولها للخزينة الفلسطينية نهاية كل شهر.
ويبلغ معدل المقاصة حوالي 250 مليون دولار شهريا، وتقتطع الحكومة الإسرائيلية من طرف واحد حوالي 50 مليون دولار شهريا من عائدات المقاصة الفلسطينية لمصلحة مزودي خدمات إسرائيليين، من جانبه حذر البنك الدولي من أن السلطة الفلسطينية قد لا تتمكن من الوفاء بالتزاماتها ما لم توقف إسرائيل الاقتطاع من المقاصة وتستجب لمعالجة الملفات المالية العالقة، فضلا عن استئناف المانحين تقديم مساعداتهم.
وتبلغ مديونية الحكومة الفلسطينية للبنوك المحلية حوالي 2.3 مليار دولار، في حين لم تتلق هذا العام سوى 30 مليون دولار مساعدات خارجية، بانخفاض 90% عن المقدر في الموازنة.
وفي هذا السياق سلط تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية الضوء على وضع المالية العامة الفلسطينية الحافل بالتحديات حيث لا يزال النمو الاقتصادي وإيرادات السلطة الفلسطينية أقل من إمكاناتهما بما في ذلك في المنطقة (ج). وتخضع التجارة الخارجية الفلسطينية لسيطرة سلطات الاحتلال الاسرائيلي وتخضع لحواجز غير جمركية باهظة التكلفة أدت إلى تراجع القدرة التنافسية. علاوة على ذلك، أدى الإغلاق الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة إلى وجود اقتصاد مغلق تماماً تقريباً. ومن المتوقع أن يظل عجز المالية العامة (قبل المعونات) كبيراً في عام 2022 عند 5.1% من إجمالي الناتج المحلي.
ختام القول هل يسعى الكيان الصهيوني من خلال هذه الحركة القيام بالتعتيم على الحل السياسي و ذلك عن طريق ضخ الأموال في جيوب السلطة الفلسطينية والتي من جانبها تقوم بالضغط على الشعب الفلسطيني المظلوم للسكوت على الوضع الراهن و بذلك يظهر الكيان الاسرائيلي أمام العالم بأنه يعمل على تحسين الوضع الاقتصادي للشعب الفلسطيني ما يلمع صورته أمام الرأي العام العالمي بهدف تسريع عملية التطبيع مع السعودية و دول عربية أخرى. و هي السياسة ذاتها التي لعبتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي عام 2016 حينما طلبت من السلطة الفلسطينية أن تدين العمليات الفدائية وتقف في وجه حركات المقاومة و تعزز تعاونها مع الكيان الاسرائيلي في المجال الأمني ومن جانبها تعمل سلطات الاحتلال على تنفيذ وعود اقتصادية و تقديم تسهيلات على منح التصاريح في إطار العمل للشركات الفلسطينية.