“انتفاضة الأقصى”.. ثورة متجددة عنوانها التحرير
لليوم الثاني على التوالي… مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى
الأقصى بين كماشة الاحتلال والاقتحام.. هل اقتربت “سيف القدس 2″؟
صبري : لا يجوز ترك المقدسيين وحدهم يدافعون عن الأقصى
الوقت- يُحيي الفلسطينيون ذكرى “انتفاضة الأقصى” الثانية والعشرين أو ما يُطلق عليها الانتفاضة الفلسطينيّة الثانيةّ، التي اندلعت بعد قيام رئيس وزراء العدو الأسبق، أرئيل شارون، بزيارة المسجد الأقصى أواخر عام 2000، الأمر الذي اعتبره الفلسطينيون وقتها تدنيساً لأرض المسجد الطاهر، ما أدى لقيام شباب فلسطين بالتصدي لتلك الزيارة رغم أنّه كان بحماية 3 آلاف جنديّ صهيونيّ، وفي اليوم التالي، قامت قوات العدو الصهيونيّ بفتح النيران على رؤوس المصلين قبل الانتهاء من صلاة الجمعة وجرت مواجهات في ساحات الأقصى بين المصلين وجنود الاحتلال أسفرت وقتها عن استشهاد 7 أشخاص و250 جريحاً، ثم امتدت الاشتباكات إلى كل أرجاء فلسطين والضفة الغربيّة وقطاع غزة بالإضافة إلى مناطق الـ 48 ما شكل بداية للانتفاضة المباركة الثانيّة، وقدم فيها الفلسطينيون آلاف الشهداء والجرحى دفاعاً عن بلادهم وقضيّتهم.
مقاومة فلسطينيّة شاملة
“المقاومة الشاملة هي الطريق المعبّد والسبيل لتحرير الأقصى وفلسطين” هذا ما أشارت إليه حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” في بيانها الذي أكّدت فيه أنّ هذه الاستراتيجية تلزمها “الشراكة مع أمتنا العربية والإسلامية التي تمثل العمق الاستراتيجي للقضية الفلسطينية”، مضيفة إنّ تلك القضية شكّلت في ذاكرة الشعب الفلسطيني الحية محطة فارقة في تاريخ نضاله المشرف والمستمر، منذ وطأت أقدام الاحتلال الأراضي الفلسطينية ودنست مقدسات هذا الشعب.
وتأتي تلك المناسبة في توقيت حساس للغاية، بالتزامن مع الاعتداءات غير المسبوقة والهجمة الإسرائيلية الشرسة في هذه الأيام على المسجد المبارك، في ظل الدعوات إلى الاحتشاد في المسجد الأقصى المبارك لمواجهة أخطر وأوسع عدوان منذ احتلال العاصمة الفلسطينية، ناهيك عن ازدياد هجمات العصابات الصهيونيّة على الأقصى، وإعلان منظمة صهيونية قبل أسبوع عن توفير مركبات من جميع أنحاء الأراضي المحتلة لمقتحمي هذا المكان الإسلاميّ المقدس من أجل زيادة عدد الصهاينة في الهجوم عليه، حيث إنّ التنظيمات الصهيونية بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة، تقوم باعتداءات واسعة النطاق على أقدس مقدسات الفلسطينيين، ما يشي باحتماليّة كبيرة لأن تفتح أبواب جهنم على تل أبيب التي اختارت تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، حيث يتوقع أن تنفجر الأوضاع نتيجة التمادي الإسرائيليّ الذي وصل حدوداً خطيرة للغاية.
وعقب مرور 22 عاماً على الانتفاضة التي حملت اسم المسجد الأقصى، يؤكّد الشعب الفلسطينيّ أنّ الانتفاضة بوجه الاعتداء الإسرائيليّ كانت وستبقى ملهمة لكل الأجيال معاني البطولة والانتصار للقدس والأقصى، وأنّ الكيان الإسرائيليّ لن يفلح في إخماد جذوة المقاومة المتأصلة في الشعب الفلسطيني لانتزاع حقوقه الوطنية وتحرير أرضه ومقدساته، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك،
كذلك، إنّ “انتفاضة الأقصى” التي اشتعلت بعد 7 سنوات من التوقيع على “اتفاق أوسلو” الذي دشن لمرحلة جديدة أُريدَ لها أن تكون تكريساً للأمر الواقع، حيث ظن كثيرون أن الشعب الفلسطينيّ قد طوى صفحة المقاومة والنضال، بل كان هناك رهانات على أنّ المنطقة ستودع بالكامل تاريخها وروحها وتدخل في حقبة “السلام المدنس”، لكن الوقائع أثبتت بالكثير من البراهين أنّ هذا الشعب لا يمكن أن يتنازل عن أرضه المسلوبه مهما حدث، وأنّ كل عدوان ترتكبه الآلة العسكريّة الدمويّة للعدو يزيد الفلسطينيين إصراراً في اقتلاع سرطان الاحتلال من بلادهم.
رباطٌ في المسجد المبارك
لا يخفى على أحد أن الكيان الإسرائيليّ يستمر بفرض الأمر الواقع ضمن هذا الصرح الدينيّ المقدس، إضافة إلى استماتة سلطات الاحتلال لتغيير معالم المدينة المقدسة وتهويدها، بهدف بسط السيطرة الصهيونيةّ الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، والمقدسات التاريخيّة للشعب الفلسطينيّ، وعلى وقع تصعيد قوات العدو حربها العدوانية على المسجد الأقصى والمرابطين فيه، وحمايتها لقطعان مستوطنيه المتطرّفين للإمعان في تهويده وتدنيسه واستفزازهم مشاعر المسلمين في العالم، وإنّ مشاهد النفخ بالبوق خلال عمليات اقتحام المستوطنين للمسجد، ونشر الصور الاستفزازية على عديد من المنصات التابعة للعدو، إضافة إلى قيام المقتحمين بالرقص والغناء بصوت مرتفع وأداء طقوس تلمودية في باحات المسجد المبارك، يُهدد الساحة الفلسطينيّة برمتها، ناهيك عن استمرار الاقتحامات اليوميّة للمسجد الأقصى في الوقت الذي يخطط فيه العدو الصهيونيّ لبناء ألف وحدة استيطانيّة؛ لعزل القرى الفلسطينيّة شرق مدينة القدس بالكامل، ضمن ما يسمى مشروع “القدس الكبرى”.
بالمقابل، يحاول الفلسطينيون بقدر ما يستطيعون التصدّي لجرائم العدو وإرهاب المتطرفين الصهاينة، باعتبار أنّ المسجد الأقصى المبارك وقف إسلامي خالص، كان وسيبقى بعقيدتهم، لا يقبل القسمة أو الشراكة، ولن يكون فيه سيادة أو شرعية للعصابات الصهيونية على أيّ شبر منه، فهو قلب الصراع مع الاحتلال، ومحرك الانتفاضات، ومشعل الثورات في وجه الكيان ومخططاته التهويديّة، حيث يؤكّد هذا الشعب الأعزل يوماً بعد آخر بأنّه لن يستكين أو يتراجع عن تمسكه بحقه في تحريره مهما كان الثمن، ومهما بلغت التضحيات، وفقاً لتوصيف حركة “حماس”.
إضافة إلى ما ذُكر، إنّ روح الانتفاضة الفلسطينيّة تتجدد كل مدّة نتيجة تصعيد “إسرائيل” في حرب الإبادة التي تخوضها ضد الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم، كما أن اعتداءات العصابات الصهيونية من اقتحامات استفزازية وممارسات دنيئة داخل المسجد الأقصى، تدفع باتجاه تصاعد المقاومة الشاملة لحماية الأقصى ودحر الاحتلال، وقد دعت حركة “حماس” الفلسطينيين في عموم الضفة الغربية والداخل المحتل وبيت المقدس وأكنافه إلى النفير العام، ومواصلة شد الرحال والرباط والاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك، حماية وذودا عن حياض الأقصى المبارك، وإفشالاً لمخططات تل أبيب ومجرميها، وطالبت الحركة المقاومة للاحتلال الأمتين العربية والإسلامية بالتضامن والإسناد الفاعل والدائم، على كل الأصعدة، السياسية، والدبلوماسية، والإعلامية، والشعبية، لحشد طاقات الأمة، دفاعًا عن قبلة المسلمين الأولى ومسرى الرسول محمد (ص)، حتى تحريره وتحرير كل الأراضي المحتلة.
في الختام، يواجه الشعب الفلسطينيّ حرباً إسرائيليّة ضده وعلى كل المستويات، لإبادتهم وتصفيّة قضيتهم العادلة،في ظل استمرار الكيان الصهيونيّ باحتلال الأراضي العربيّة، وممارسة الإجرام بحق أبناء الأمّة، والعبث بمقدساتها التاريخيّة، وفي ظل تزايد الرغبة الصهيونيّة في اقتحام المسجد المبارك وإثارة مشاعر أصحاب الأرض والمقدسات، من غير المُستبعد أن تنطلق شرارة انتفاضة فلسطينيّة جديدة، وإنّ أكثر ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو الوحدة ولا شيء غيرها، لمواجهة الخطر الداهم الذي يهدد مستقبلهم، وبالتأكّيد فإنّ الشعب الفلسطينيّ يستطيع بوحدته أن يُفشل كل الخيانات والمؤامرات، كما أنّ المقاومة الفلسطينية لن تتخلى عن مسؤولياتها إزاء ما يحدث في المسجد الأقصى الذي يتعرّض لأخطر وأوسع عدوان منذ احتلاله، واقتحامات المستوطنين تشكّل مرحلة جديدة من تهويده.