الرئيسية / بحوث اسلامية / الواقع الاداري بين المشاكل والحلول 4

الواقع الاداري بين المشاكل والحلول 4

الواقع الاداري بين المشاكل والحلول 4

عبد الستار الجابري

الثالث: التفاوت الطبقي الكبير الذي يكشف عن خلل في واقع العدالة الاجتماعية.

الامر الثالث التفاوت الطبقي الخطير في الواقع الاجتماعي، والتفاوت الطبقي مرجعه الى احد امرين، الاول التنامي المالي في ظل ظروف تجارية تم استثمارها بصورة صحيحة نتج عنها ظهور طبقة ثرية واخرى دونها في الثراء، وهذا امر طبيعي لا غبار عليه متفرع على النشاط المالي ومعرفة نظام السوق وكيفية استثمار راس المال بصورة منتجة وصحيحة وبعيدة عن المخاطر التي تؤدي الى تلف راس المال. والثاني سلوك السبل التي تؤدي الى ظهور طبقة ثرية على حساب الطبقات الاجتماعية الاخرى دون وجه ودون استثمار للمال او الطاقات بنحو يكون منتج للمال والثراء المشروع وهذا قد يتفرع على سن القوانين الجائرة فيكون ذلك ظلما اجتماعيا مقننا او نتيجة السطو على المال الخاص او العام بطرق ملتوية تؤدي الى ظهور تفاوت طبقي وتؤسس لفساد اجتماعي واداري ومالي وقد يتعدى ذلك الى الفساد السياسي.

وهذه المسالة تحتاج الى سلطة قضاء نزيهه وشجاعة وسلطة تنفيذية قوية وشجاعة وبرلمان نزيه وشريف اذ لا يمكن محاربة الفساد دون هذه الاركان الثلاثة، وحيث ان الفساد المستشري في العراق له جذور اجتماعية وسياسية وفنية، فلابد من العمل على ايجاد هذه العناصر الثلاث وهي متوفرة في الواقع الاجتماعي،

غاية الامر هناك حاجة للعمل على وصول من يحقق هذه الامور المهمة كما ان عناصر الاسناد متوفرة في الواقع العراقي وقد دعت المرجعية الدينية فيما سبق حكومة العبادي لضرب الفساد بيد من حديد وتعهدت بدعمه،

فهذا يعني ان هناك قوة اسناد قوية ستكون الاغلبية الشعبية مصطفة خلفها يمكنها دعم حركة القضاء على اسباب التمايز الطبقي غير المشروع والتي ستفتح المجال واسعا امام قوى التنافس الشريف للاسهام في بناء العراق بناء صحيحا سليما.

ويمكن ان يكون العمل في هذا المجال ذو مرحلتين انية واستراتيجية، ويمكن ان تتحق المرحلة الانية في مكافحة اسباب التمايز الطبقي من خلال الغاء القوانين المتسببة في ظهور التفاوت الطبقي والسيطرة على الاجراءات الادارية التي تؤدي الى ذلك.

الرابع: الفساد الاداري والمالي.

الامر الرابع الذي يعاني منه المجتمع العراقي والعملية السياسية هي مسالة الفساد الاداري والمالي، وجذور الفساد الاداري والمالي في المؤسسات العراقية ليس حديث عهد بل متأصل ولكنه بلغ ذروته مع التحولات الاجتماعية والادارية والسياسة بعد 2003.

وقد شغلت محاربة الفساد الاداري والمالي حيزا كبيرا من خطب المرجعية الدينية منذ بداية العملية السياسية ودعت بقوة الى محاربة الفساد وضرب الرؤوس الكبيرة فيه، الا انها لم تجد اذانا صاغية.

واليوم اصبحت مكافحة الفساد امرا ضروريا وملحا وانه من المهم رسم برامج لمكافحة الفساد الاداري والمالي كي ينعم الشعب بالاستقرار وتحفظ ثروات البلد من الضياع، وهناك اسباب مباشرة واخرى غير مباشرة تسببت في هيمنة الفساد على مفاصل الدولة.

وغالبية اسباب الفساد يمكن القضاء عليها بعدة امور:

الاول: الغاء المحاصصة في التعيينات والحصول على المناصب على الاسس الحزبية والانتمائية،

واسناد المناصب الى الاشخاص الاكفاء وذوي الخبرة من اصحاب الاختصاص في مجالاتهم،

لضمان سير العمل الاداري في مساره الصحيح، وهذا امر ممكن وان كان صعبا،

ويمكن الشروع فيه من خلال التشدد في معايير التنصيب والتعيين من خلال جهات رقابية مخلصة ومختصة والبدء منه من مسؤولي الشعب والاقسام ومعاوني المدراء العامين ودعمهم والوقوف الى جانبهم ثم الانتقال الى المدراء العامين ووكلاء الوزراء ومن ثم الوزراء من بعدهم، وان يكون ذلك في فترة زمنية محددة مع مراجعة الاداء في كل فترة،

وان يتضمن ذلك تحويل من ثبت فساده الى القضاء واسترجاع الاموال التي تسبب في تلفها منه، وتحمليه الاضرار التي تسبب بها نتيجة فساده الاداري والمالي،

وعزل غير الاكفاء من مناصبهم اذا لم يثبت عليهم فساد وايكال تلك المناصب الى الشخصيات المهنية الكفوءة، وتبني الرقابة الالكترونية التي تضعف دور المعقبين والمتوسطين والفاسدين وان تكون هناك متابعة من جهة رقابية مختصة تتابع التلكؤ والخلل الذي يعرقل سير العمل الاداري.

الثاني: تفعيل الدور الرقابي ومحاسبة المقصرين.

الثالث: تفعيل نظام الثواب والعقاب، وحماية الكوادر الجيدة والمتميزة والتضييق على الكوادر السلبية، فان دعم الكفاءات الجيدة من شانه ان يغير الواقع السلبي في الجانبين الاداري والمالي.

الرابع: معالجة الدستور وتعديل مواده التي تسببت في ترسيخ الفساد واستشرائه والانتقال من مرحلة المحاصصة التي لا ينص على الدستور الى مرحلة المواطنة، والغاء المواد الدستورية التي تسلط الاقليات على القرار الوطني، اذ ليس من المنطقي ان تعرقل اقلية عرقية او مذهبية متسقبل البلد وان يتحول الدستور الى وسيلة لابتزاز الاقلية للاكثرية من خلال عرقلتها لجريان العملية السياسية.

الخامس: الحد الى الوصول الى انهاء تدخل القوى السياسية في عمل السلطات الثلاث، اذ ان من اسباب الفساد الاداري والمالي تدخل القوى السياسية في تعيين الموظفين في مناصب معينة، وهو نتاج نظام المحاصصة وان لكل مكون وزارات بحسب حصته وفي كل وزارة يتم تتقاسم الحصص في المناصب والتعيينات، فانه وبحسب الانتخابات الاخيرة لم تشكل جماهير الاحزاب الا اقل من 20% من مجموع الناخبين،

وهذا يعني ان 80% من الشعب العراقي خارج دائرة الانتماء الحزبي، ونظام المحاصصة يشير الى خلل كبير، مضافا الى عمل بعض المكونات على ايجاد خلل في التوازن الواقعي ومقتضيات المصلحة الوطنية كما حصل في قبولات الكلية العسكرية مؤخرا.

شاهد أيضاً

بالفيديو: إصابة بن غفير جرّاء انقلاب سيارته قرب مكان عملية الطعن في الرملة

أصيب وزير “الأمن” الصهيوني، إيتمار بن غفير، بجروح وُصفت بالمتوسطة ونقل على إثرها إلى المستشفى، ...