الواقع الاداري بين المشاكل والحلول – الاخيرة
10 مايو,2023
بحوث اسلامية
206 زيارة
الواقع الاداري بين المشاكل والحلول – الاخيرة
عبد الستار الجابري
الحادي عشر: عدم وجود رقابة علي الجانب الاعلامي والثقافي، مما يجعل الشعب تائها في كم المعلومات المتضاربة.
الاعلام من المفاصل المهمة في اي دولة من الدول، كما ان الثقافة ايضا من المفاصل المهمة في تلك الدول، وينبغي ان يكون الاعلام معبرا عن توجهات الامة وتطلعاتها، وان يراعي الثقافة العامة للشعب، وان تمنح السطلة حرية مقننة للاعلام فلا تسمح بان يكون الاعلام والجهات الثقافية وسيلة من وسائل الفوضى وهدم القيم الاجتماعية والاخلاقية للمجتمع،
وهذا الامر تتعاطى معه جميع الدول فان النظام الاجتماعي يجب ان يكون محفوظا ومرعيا في الجوانب الاعلامية.
الذي حصل في العراق وخاصة ابان الصراع الطائفي في العراق والحراك في الغربية قبل 2014وفي احداث تشرين 2019، وماحدث في الايام الاخيرة بعد اقتحام الخضراء، ان الدور الاعلامي لبعض القنوات الاعلامية كان دورا تحريضيا تاجيجيا سواء ما كان منها على القنوات الفضائية او وسائل التواصل الاجتماعي،
ان الدولة الحريصة على شعبها وامنها الاجتماعي يجب عليها ضبط ايقاع الاعلام لئلا يتحول الى سلاح بيد الاعداء ويستهدف من خلاله الشعب، ان السكوت عن قنوات التحريض الطائفي والقومي، والسكوت عن المقالات ذات البعد التاجيجي التي تهدف لحرق الاخضر واليابس من الخلل البنيوي في الدولة العراقية، والذي يجب السيطرة عليه ومعالجته للتحقيق الامن والسلام المجتمعي.
الثاني عشر: التلاعب بمصير الشعب من خلال السماح للقوى الخارجية بالتحرك بالنحو الذي يؤدي الى شل الحركة واغلاق الدوائر والمؤسسات وسفك الدماء كما حصل في 2019.
الدور الاساسي لجهاز المخابرات هو اكتشاف المخططات التي ترمي اليها مخابرات الدول الاخرى في البلد والسيطرة عليها ووضع الخطط المقابلة التي تفشل الخطط المخابراتية الاخرى في الحد، والقضاء على اذرع المخابرات الاجنبية في البلاد او الحد من نشاطاتها واضرارها.
والذي شهده الوضع العراقي مابعد 2003 ان العراق اصبح مسرحا للمخابرات الدولية والاقليمية، وان اذرع تلك المخابرات لعبت دورا سلبيا في تاجيج الصراع الطائفي وجعلت العراق مسرحا للقتل والتفجير وسفك الدماء ثم احتلال المناطق الغربية من العراق بعد ان كان الحاضن الداخلي قد قدم لها كافة التسهليلات ثم انضوى تحت لوائها ليستعر بالناس القتل والدمار، وبعد ان نهض الشيعة ملبين لنداء المرجعية وانهوا المؤامرة الكبرى انبثق فكر المخابرات الاقليمية والدولية عن الصراع داخل الوسط الشيعي في 2019، كما كان للدور الاقليمي متمثلا بالاتراك والقطريين والسعوديين والاماراتيين دوره الكبير في وصول الامور الى ما وصلت اليه اليوم بعد الانتخابات الاخيرة.
ان العراق اصبح ساحة للمخابرات الدولية والاقليمية تتلاعب به كيف تشاء وتحركه بالنحو الذي تريد ومالم يكن هناك قرار وطني شيعي المحتد والمنطلق في تطويق هذه الاذرع المخابراتية كما حصل بعد غزو داعش للعراق حيث افشل شيعة الجنوب المؤامرة الكونية ضد العراق، فلا مناص من عدم استقرار الوضع العراقي، ولذا من الضروري صعود طبقة ثورية من شيعة الجنوب تاخذ على عاتقها بناء دولة قوية وتكتسح كل ما في الساحة من خروقات امنية ومخابراتية، وتعيد الامر الى نصابه وتصحح جميع الانحرافات التي افرزتها مرحلة ما بعد 2003 فان الامور لن تستقر في هذا البلد.
الثالث عشر: ضعف الاداء في المسائل المصيرية
ادى ضعف اداء الحكومات المتعاقبة في المسائل المصيرية التي تتعلق بمستقبل العراق، الى اخضاع مستقبل العراق السياسي والاقتصادي لطبيعة رغبات المحاور التي ترتبط بها بشكل او اخر، وكمثال على ذلك مشكلة المياه مع تركيا،
مشكلة الحدود البرية والبحرية مع الكويت، ميناء الفاو وطريق الحرير، مشروع الفاو – العقبة، الربط الكهربائي مع السعودية ودول الخليج، المحور الامني القطري الاماراتي الاردني المصري وزج العراق بنفسه فيه، جولات التراخيص النفطية.
والحل لهذه الازمة بان تشكل لجان استشارية ذات كفاءة عالية وتقدم دراساتها حول هذه المواضيع على ضوء الامكانات المتوفرة فعلا وكيفية استغلالها للوصول الى تحقيق مصلحة العراق العليا مع حفظ مكانة العراق الاقليمية والدولية وان يتحول العراق الى بلد له ثقله ومركزيته بفعل الطاقات البشري الهائلة فيه والثروات الكبيرة والموقع الجغرافي المهم.
وان لا يسمح بتحول المشاريع الاستراتيجة في العراق الى مشاريع حكومة تاتي وتذهب كل اربع سنوات بل لابد من ان تكون لكل حكومة مشاريع تتكامل في فترة توليها السلطة واما المشاريع الاستراتيجية فيجب ان لا تضخع لتبدل الحكومات بل يجب ان يكون هناك قرار استراتيجي ابعد من القرار المرحلي للسلطة التي تنتجها الانتخابات، ففي كل البلدان هناك خطط استراتيجية وخطط انية والخطط الاستراتيجية لا تتعلق بالحكومة التي تفرزها الانتخابات بل لابد من قرار وطني ابعد عمقا من السلطة الجديدة.
الرابع عشر: فشل نظام التعليم في العراق.
التعليم من الامور المهمة في كل بلد من بلدان العالم، حيث تكون المدرسة مصنع الاجيال، وحيث ينهل الطالب علومه وتبنى شخصيته العلمية، وفي كل امة يراد لها بناء المجتمع على اسس راسخة عليها ان تهتم بجانب التعليم منهجا وكادرا وبيئة، فلا ينتظر من منهج منحرف او استاذا منحرفا او بيئة تعليمية فاسدة ان تنتج جيلا صالحا، لقد تم غزو البلدان الاسلامية فكريا وثقافيا واجتماعيا من خلال المدارس والجامعات،
واليوم الفرصة سانحة لاعادة بناء المجتمع على الاسس القويمة والاخلاق الفاضلة والقيم النبيلة، وقد اثبت الواقع جدارة الاخلاق الاسلامية في بناء مجتمع صالح راسخ القيم، فكل ما يحتاجه المجتمع اليوم هو العمل على اعادة وهج تلك القيم الى المجتمع.
عندما اتحدث عن المدرسة اقصد بها موضع تلقي العلم من رياض الاطفال وحتى الجامعات، وعندما اتحدث عن المعلم اقصد به الاستاذ الذي يتحمل مسؤولية بناء الجيل، وعندما اقول المنهج اعني به المنهج التعليمي في مختلف مراحل النشأ.
ان المجتمع العراقي مجتمع مسلم متدين، بغض النظر عن مدى التزام افراده بالالتزام الديني، فلذا من الضروري ان يلحظ واضع المنهج التدريسي هذه المسالة، وان القيم الاخلاقية التي اقرها الاسلام هي اعظم القيم الاخلاقية التي تلتزم بها المجتمعات، وبالنتيجة من الضروري ان يكون المعلم قدوة للتلميذ لانه سيكون بمثابة الاب الثاني للطالب فمن الضروري ان يكون عمله ليس مجرد زق المعلومات في ذهن الطالب بل ان يكون قدوة له في التصرف والتعامل الاخلاقي بحيث ينعكس ذلك على شخصية الطالب وبناءه الاخلاقي،
كما ان عليه ان يقوم بدوره التعليمي لايصال المعلومات الصحيحة الدقيقة الى الطالب، كما ان المنهج يجب ان يتصف بكونه منهجا علميا، وان لا يكون بالنحو الذي عشناه ايام الدراسة حيث كان التاريخ لا يمثل التاريخ الحقيقي الذي نؤمن به ولا التربية الدينية تنجسم مع المباني الدينية التي نؤمن بها، وكان درس الوطنية عبارة عن ترسيخ لقيم البعث في اذهان الطلاب، فلابد ان يكون المنهج متطابقا مع الحقيقة كي لا يقع الطالب بين المباني التي يؤمن بها والمباني التي تفرض عليه والتي يكتشف بعد ذلك عدم واقعيتها وانعدام الصدق فيها.
ان الواقع العملي يفرض ان تكون المدرسة موضعا لصناعة الاجيال والنهوض بها وتمهيد اسباب تطورها ورقيها وان يلحظ الجانب التدريسي حاجة البلد الى الكوادر العلمية ويتبنى النهوض بالكفاءات وان توفر يتم تبني مشروع ان تتحمل الكليات والمعاهد التي ينتمي اليها الطلاب مسالة تدريب الطالب بعد تخرجه لعدة سنوات كي يكون خريجا منتجا ولا يكون دور الجامعات والكليات دور المستلب لامكانيات الطالب المادية، فمن الضروري ان يتم تعديل وقت الدوام في المدارس من اربع الى سبع ساعات،
وان يكون في المدرسة دوام واحد، واما بالنسبة للجامعات فان كل كلية اهلية لا تمنح اجازة الا اذا كانت تمتلك او لها ارتباط بمؤسسة تتناول تخصصها فلا تمنح الاجازة لكلية الطب البشري الاهلية الا في حال كانت لديهم مستشفى وكذا لكلية طب الاسنان وكلية الصيدلة والتمريض ولا تمنح اجازة لكلية الهندسة الا اذا كانت لها شركات فمثلا هندسة
الميكانيك قسم السيارات لا تمنح اجازة الا اذا كانت لديها شركة تتناسب مع اختصاصها وهكذا، ويفرض على الكلية ان توظف الخريج لديها بعقد لمدة من السنوات التي تفي بان يكون مؤهلا لممارسة اختصاصه خارجا كما انه يفرض على الكليات ان يكون لها مصرف من خلاله يتم اقراض الطلبة الذين لا يسعهم سداد النفقات الدراسية ومن ثم لها الحق في ان تفرض عليهم العمل في شركاتها لحين استيفاء المبالغ التي اقترضوها،
اذ ان مانعيشه اليوم من فوضى شهادات من دون ان تكون لها ادنى خبرة عملية بحيث اصبحت الكليات كثيرة العدد وخريجيها كثيرون وهم لا يحسنون شيئا سوى طلب الحصول على وظيفة في الدولة لا تتناسب مع اختصاصهم للاستفادة من شهادة البكالوريوس في تحسين الراتب، فان هذا ليس صحيحا ومن اثار الفساد المالي والاداري الذي يعيشه واقعنا.
2023-05-10