الوقت_ يُصر كيان الاحتلال الغاصب على تجربة المُجرب وإعادة تكرار الأخطاء نفسها ما يُنذر بانفجارات لا يُحمد عقباها في الساحة الفلسطينيّة، والدليل ما أشار إليه المكتب الوطنيّ للدفاع عن الأرض الفلسطينيّة ومقاومة الاستيطان العسكريّ،
حول أنّ وزارة الأمن الداخلي “الشاباك” التابعة للعدو وسعت سياسة منح رخص الأسلحة لعصابات المستوطنين، ويأتي ذلك الخبر بالتزامن مع الجرائم الإسرائيليّة الممنهجة بحق أهالي الضفة الغربيّة المحتلة منذ عام 1967، وعنصريّتها المقيتة تجاه أهالي الـ48، مع مواصلة سياسة الاستيطان والقتل المروعين بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة،
وارتفاع حدة المقاومة والمواجهة في المنطقة التي تمادت فيها قوات المحتل الباغي ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، فيما تؤكّد الوقائع أنّ حسابات تل أبيب خاطئة بامتياز، حيث بات الفلسطينيون يشعرون بأنّهم “جمر تحت الرماد”، مع إقدام الكيان الغاصب على خطوات تصعيديّة كثيرة ستؤدي بلا محالة إلى انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحالي ويمكن أن تكون أكثر مما يتخيل الإسرائيليون، مع تلك الحرب المباشرة التي أعلنتها حكومة العدو.
من اللحظة الأولى التي تحدث فيها المكتب الوطني أنّ وزير أمن الاحتلال الداخلي، جلعاد أردان، قد صادق على إجراء تعديلات بشأن حمل السلاح، تسمح لمليون مستوطن بالحصول على رخصة سلاح، تبيّن أنّ العدو الصهيونيّ غير مستعد لأدنى تغيير في منهجه الإباديّ ضد الفلسطينيين،
وتأتي تلك الأنباء بعد سلسلة من الهجمات وعمليات المقاومة في القدس والضفة الغربية في الفترة الأخيرة رداً على الجرائم الإسرائيليّة، وقدوم حكومة نتنياهو الفاشيّة التي بدأت تمارس العنف المفرط وتؤيّد ارتكاب المستوطنين اليهود جرائم الإعدام بحق أبناء فلسطين.
وعقب هذا القرار الذي يمثل “إعلان حرب” إسرائيليّة، يكون قد وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين حدا خطيرا للغاية لا يمكن السكوت عنه أبداً، حيث إنّ التاريخ والواقع يثبتان أنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن توقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة، والدليل على ذلك هو دعم عصابات المستوطنين لقتل الفلسطينيين بشكل مباشر وبمختلف الطرق دون أيّ رادع قانونيّ أو إنسانيّ أو أخلاقيّ، في ظل ارتفاع احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم، في كل الأراضي المحتلة، بسبب ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لمصلحة المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، والتي قارب تعداد مستوطنيها 800 ألف مستوطن، وقيام قوات الاحتلال والمستوطنين باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.
وتؤكّد المعلومات أنّ التعليمات الجديدة تحظى بتشجيع من حكومة العدو، حيث تم تخفيض متطلبات حصول المستوطنين على رخصة سلاح ناري ضمن شروط أبرزها العيش في مستوطنة قريبة من جدار الفصل العنصريّ الذي يحد بين أراضي الـ48 و الـ67 المحتلة، في تطور خطير يعني السماح لأي مستوطن خضع لتدريب مشاة في مجال الأسلحة الناريّة بالتأهل للحصول على تصريح لاقتناء السلاح، الذي لا يستخدم إلا لقتل الفلسطينيين وترهيبهم في بلادهم المحكومة عسكريّاً، ما يشي بارتفاع الرد الشعبيّ والفرديّ على هذه الجرائم التي يرتكبها العدو، وإنّ الأراضي الفلسطينية أرسلت رسائل عدّة للمحتل، أثبتت فيها أنّ ثورة الشعب الفلسطينيّ لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، وأنّ رد الشعب الفلسطينيّ الذي يتعرض للإبادة في أراضيه المسلوبة سيكون بشكل دائم مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة.
وبالاستناد إلى أنّ التسهيلات تسمح للمستوطنين من صغار بالسن، ممن ينتمي أغلبيتهم لمنظمات إرهابية “كشبيبة التلال” وعصابات “تدفيع الثمن”، اقتناء أسلحة لمجرد عيشهم في مستوطنة بالقرب من جدار الفصل العنصريّ، يثبت الكيان من جديد حقيقته الدمويّة والإجراميّة، حيث إنّ الكيان الصهيوني اللقيط منذ ولادته غير الشرعيّة، قام على العنف المفرط والقتل غير المسبوق، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون تلك الحقيقة، لأنّهم أسّسوا سرطانهم المقيت وفق ما يُعرف بمنهج “القبضة الحديديّة” أو “الإبادة الجماعيّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة أو قرار، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، حين قام هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ والحاضر أكبر شاهدين على الوحشيّة والدمويّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.
والدليل الآخر على ذلك، هو وجود نحو 145 ألف إسرائيلي ّفي المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 يحوزون على تصاريح لحمل السلاح، وهي لا تشمل الجنود وضباط الشرطة، ولا يخفى على أبناء فلسطين كما غيرها من دول المنطقة والعالم، أنّ العصابات الصهيونيّة الفاشية لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وأكبر دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة الذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من “بلادهم”، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
إضافة إلى ذلك، إنّ قيام حكومة الاحتلال العسكريّ لفلسطين بتخفيف معايير ترخيص الأسلحة سيزيد عدد المستوطنين الذين يحملون رخصة سلاح بنحو 35- 40 ألفًا، ما يعني أن الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع عدد المستوطنين الذين يحملون السلاح إلى ما يقارب 200 ألف، الشيء الذي يرفع بلا شك نسبة الجرائم الصهيونية بحق الأبرياء، ما يعني أنّ العمليات الفدائية للشبان الفلسطينيين سترتفع لأقصى حدودها، لأنّ التحرر من استعباد المحتل الأرعن لا يكون إلا بالمقاومة ولو بأبسط الوسائل، فما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها، وسيكون المسبب الأوحد لنهاية “إسرائيل” هو الجرائم التي يرتكبها العدو في بحق أبناء فلسطين، والتي ترفع يوماً بعد آخر من احتماليّة وقوع “ثورة غضب” عارمة بوجه الاحتلال وعصاباته، لأنّ التصدي لهجمات المستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، ومنع إنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس.
خلاصة القول، إنّ القرار الإسرائيليّ الجديد يمثلاً عدواناً متصاعداً من قبل الصهاينة على أبناء فلسطين في كل المناطق الفلسطينيّة المحتلة، وهو شهادة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ العنصريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة الفاشيّة، واعتراف من قبل حكومة العدو نفسها بجرائمهما المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، الشيء الذي يجب أن يدفع المجتمع الدوليّ بشكل أكبر إلى تحمل مسؤولياته بسرعة تجاه العنصريّة المقيتة التي تمارسها تل أبيب، ومساءلة وتذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي التي تؤكّدها كل يوم الأخبار الآتية من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، وبالتالي نقل ملف تسليح المستوطنين إلى المحافل الدولية، للتحذير من خطورة هذه الترتيبات، والمطالبة بتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطينيّ.