اتهام النظام الإسلامي بسلب الحرية
يتهمون النظام الإسلامي بأنه لا يمنح الحرية.
ولكن كيف بأي معنى نحن لا نمنح الحرية؟ هل هناك بلد في هذا العدد من الصحف والمجالات والنشريات التي يكتبون فيها ما يريدون؟ إن الصحف الرسمية في البلد تنتقد سياسات الحكومة علناً وتضعها في دائرة الاستفهام، ثم تبادر الحكومة للجواب على نقد الصحافة بشهامة تامة.
تطبع الآن مجلات في إيران يستطيع من له أدنى معرفة بالعناصر الثقافية في عهد الطاغوت وبالكتّاب والفنانين وحملة الأقلام في العهد الملكي، وبالعناصر الجبانة أمام العدو، والموالية لأمريكا، أن يدرك من أين تموّل هذه المجلات!
هذه المسألة قابلة للحدس، ونحن على علم بالأمر، وكذلك الجهاز المسؤول، ولكن رغم ذلك ما تزال هذه المجلات تطبع، من دون أن نتعرض لها. نحن لا نخشى من مجلة تكتب ضدّ رؤيتنا بضع كلمات؛ فنحن نكتب أيضاً بما يتسق مع رؤيتنا أو في سياق الردّ على ما تكتبه .
إن سعة الحرية التي تحظى بها المطبوعات في إيران لا يوجد في
الأماكن الأخرى، ومن ثمَّ فإنَّ نظامنا مظلوم في مضمار حرية المطبوعات، وآية هذه الظلامة أن المجلات والصحف تحصل على الحرية، ثم تمتلئ بنقد النظام، ومع ذلك يأتي من يردّد في سياق هذه الانتقادات بأننا لا نملك الحرية!
والسؤال: إذا لم تكن تملك الحرية فكيف كتبت ما كتبت؟ ومن الذي عوقب في البلاد لمجرد أن كتب وعبّر عن رأيه بالكتابة؟ أجل، إذا اجترح أحدهم جريمة صحفية فإن ذلك جرم كائناً من كان صاحب الذنب. والشخص الذي يخالف القانون يتعرض للعقوبة. وإحدى العقوبات التي ينص عليها القانون هو تعطيل الصحيفة أو المجلة التي ارتكبت الجريمة.
وهذه قضية أخرى غير حرية المطبوعات. أما الكلام وإبداء الرأي فالإنسان فيها حر.
وما يحصل أن العدو يرمي النظام بتهمة سلب الحرية لمجرد أن الأجهزة المعنية تبدي إحساساً بالمسؤولية إزاء ما يُكتب وترُدُّ عليه. عن العدو يريد لكتّاب التيار الثقافي التابع للاستكبار أن يكتب ما يشاء، ولكن لا يرضى للكتّاب المرتبطين بالنظام الإسلامي والموالين للاتجاه الإسلامي أن يردّوا ما يلبث أن يقول: ليس هناك حرية! هُم يريدون تخويفنا! هذه هي الأجواء التي يصنعها العدو، وهناك من البساط من يُخدع بذلك. وما أكثر من ينخرط في هذا التيار من دون قصد ومن دون أن يعي ماذا يقول أو يعرف ما الذي يعمله 16.
16- المصدر السابق.
يناهض بعض الكتّاب والمتحدثين ممن أمضى عمره غارقاً في مستنقع الفساد والرذيلة وضروب الانحطاط الأخلاقي والسياسي، الحكومة الإسلامية التي سدّت الطريق على هذه الممارسات الماجنة، وطردت أسياد هؤلاء الكتّاب. ثم يعمد هؤلاء إلى تسويغ معارضتهم التي تتجه حقيقة ضدّ الإسلام والاستقلال الوطني وحرية البلد والطهارة الأخلاقية، من خلال تتبع العثرات الصغيرة وتوجيه النقد إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية.
وفي الوقت الذي يتحدث هؤلاء بما يشاؤون بحرية، تراهم يطالبون بالحرية بوقاحة!
إن ما يبتغيه هؤلاء حقيقة هو فتح المجال للنفوذ الأمريكي وتسليم مقدرات البلد بيد الأعداء، بيد أن الخصم الذي يواجه هؤلاء هو الشعب الرشيد الواعي. فشعبنا سيجعل من عودة عهد العبودية لأمريكا مجرد حسرة في قلوب أولئك، وسيدافع بما يملك عن إنجازه الكبير المتمثل بالنظام الإسلامي وحاكمية
إرادة الإنسان وإيمانه.
لا يريد النظام الإسلامي أن يتعلم الحرية أبداً من أدعيائها الكذبة في الأنظمة الغربية، خاصة وأن راية الحرية هو الإسلام والقرآن.
إننا نرفض بصراحة وحزم وحرية الفساد والتحلل والفحشاء والكذب والاحتيال والظلم والاستغلال والاعتداء على حقوق الشعوب؛ فهذه الحرية التي مارسها الغرب ويرفع لواءها.
إننا نرفض الحرية التي تبيح للمرتد سلمان رشدي إهانة مقدسات
مليار إنسان، في حين أنّها تمنع المسلمين الإنكليز حقهم في توجيه شكوى ضدّ هذه الإهانة.
إننا نرفض ونبدي استياءنا من الحرية التي تبيح لأمريكا أن تحرك الغوغاء والأوباش ضدَّ حكومة شعبية بيد أنها ترفض حتى هذه الحكومة في مواجهة هؤلاء.
إننا نرفض وندين الحرية التي تبيح للرأسماليين الإغارة على البلدان الضعيفة والسطو على مقدرات الشعوب ونهب ثرواتها، وتأخذ على هذه الشعوب حقها في المواجهة، نحن نرفض هذه الأنماط من الحرية ونستنكرها ونعدّها عاراً على البشرية.
إن الحرية في منطقنا هي ما يهبه الإسلام للشعوب؛ وهو يحوّلها إلى جبال من الثبات والصمود بوجه الظلمة والغاصبين، تماماً كما حصل لشعب إيران، حيث ظهرت هذه المعجزة.
إن الحرية في منطقنا هي ما يهبه الإسلام للشعوب؛ وهو يحوّلها إلى جبال من الثبات والصمود بوجه الظلمة والغاصبين، تماماً كما حصل لشعب إيران، حيث ظهرت هذه المعجزة.
هذه هي الحرية الموجودة والتي ستبقى دائماً في بلدنا، وعلى جميع أفراد الشعب حمايتها والحفاظ عليها 17.
هناك حرية للمطبوعات في بلدنا، ونحن نهتم بالحرية ونعدها شأناً كريماً عزيزاً. وبذلك ينبغي أن توجد مثل هذه الحرية. ولكن حرية المطبوعات لا تعني تنفيذ سياسات العدو، كما هو شأن بعض المطبوعات 18.
17- كلمة قائد الثورة في الذكرى السنوية الأولى لوفاة الإمام الخميني. 10/3/1369.
18- حديث قائد الثورة في لقاء وزير ومعاوني وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 4/9/1371.
أتوجه إليكم بهذا السؤال: إذا أبدى مدير مدرسة معنية إحساساً بالمسؤولية وخشي عاقبة فساد 500 أو 600 أو 1000 شاب يافع من الطلاب الذين أوكلت إليه مسؤوليتهم، فقام بمعاقبة صبي شيء تحوّل إلى آلة بيد الأعداء وهو يوزّع مادة “الهيروئين” داخل المدرسة وبين الطلاب، فماذا نقول لهذا المدير؟ هل نقول له إنَّ أسلوبك في معاقبة الصبي المخطئ يتعارض مع الحرية؟ هل مثل هذا الكلام صحيح؟ سيرد مدير المدرسة بأنه مسؤول عن مصير 1000 فتىً يافع تحمّل مهمة تربيتهم وهو لا يريد أن يعودوا إلى آبائهم وهم مدمنون على تناول مادة “الهيروئين”.
هل من الصحيح أن نقول لمثل هذا المدر: كلا، لم يكن تدبيرك صائباً، دعهم ينتخبون ما يريدون. نحن نوزّع “الهيروئين” والذي لا يرغب بها بمقدوره أن لا يتناولها.. إن مسؤوليتك تنحصر في حدود الحديث عن مضار “الهيروئين” وحسب!
أليسَ هذا النمط من التعامل هو جزء من الغزو الثقافي؟ 19.
19- حديث قائد الثورة إلى العاملين في وسائل الاتصال الجمعي ومسؤولي دوائر التربية، 21/5/1371.