الإحتجاج (ج1) / الصفحات: ٣٤١ – ٣٦٠
يا أمير المؤمنين قويت قلبي بما بينتفقال لي: يا أصبغ من شك في ولايتي فقد شك في إيمانه، ومن أقر بولايتيفقد أقر بولاية الله عز وجل، ولايتي متصلة: بولاية الله كهاتين – وجمع بينإصبعيه – يا أصبغ من أقر بولايتي فقد فاز، ومن أنكر ولايتي فقد خاب وخسر،وهوى في النار، ومن دخل في النار لبث فيها أحقابا.
وعن الأصبغ أيضا قال: قام ابن الكوا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وهوعلى المنبر فقال:
يا أمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا؟ وأخبرني عنقرنيه أمن ذهب كان أم من فضة؟
فقال: لم يكن نبيا، ولا ملكا، ولم يكن قرناه من ذهب ولا فضة، ولكنهكان عبدا أحب الله فأحبه الله، ونصح لله فنصح الله له، وإنما سمي ” ذا القرنين “لأنه دعا قومه إلى الله عز وجل فضربوه على قرنه، فغاب عنهم حينا ثم عاد إليهمفضرب على قرنه الآخرة وفيكم مثله (١).
عن الصادق (٢) عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين كان ذات يوم جالسا في
(١) يعني بذلك نفسه سلام الله عليه، فقد ضربه عمرو بن عبد ود الضربة الأولىوالضربة الثانية هي ضرية ابن ملجم لعنه الله، التي كانت شهادته عليه السلام فيها.
(٢) ذكر هذا الحديث العلامة المجلسي في ج ٩ من بحار الأنوار ص ١٥ وذكرله مصدرين هما: الاحتجاج وهو الكتاب الذي بين يديك، والثاني أمالي ابن الشيخ بهذاالسند: عن الحسين بن عبيد الله عن هارون بن موسى عن محمد بن همام عن علي بن الحسينالهمداني عن محمد بن البرقي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلامعن آبائه عليهم السلام.. الخ.
وذكره الإمام شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي في كتابه الجليل: ” الحجةعلى الذاهب إلى تكفير أبي طالب فقال:
وبالإسناد عن الشيخ أبي الفتح الكراجكى – رحمه الله – قال: حدثنا الشيخ الفقيه
=>
الرحبة، والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال:
يا أمير المؤمنين أنت بالمكان الذي أنزلك الله به وأبوك معذب في النار؟
فقال له علي بن أبي طالب: مه فض الله فاك، والذي بعث محمدا بالحق نبيالو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي معذب في الناروابنه قسيم الجنة والنار؟! والذي بعث محمدا بالحق نبيا إن نور أبي يوم القيامةليطفئ أنوار الخلايق كلهم إلا خمسة أنوار: نور محمد صلى الله عليه وآله، ونوري، ونورالحسن، ونور الحسين، ونور تسعة من ولد الحسين، فإن نوره من نورنا خلقه اللهتعالى قبل أن يخلق آدم عليه السلام بألفي عام (١).
<=
أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي – رضي الله عنه – قال: حدثنيالقاضي أبو الحسين محمد بن عثمان بن عبد الله النصيبي في داره، قال: حدثنا جعفر بن محمدالعلوي، قال: حدثنا عبيد الله أحمد، قال: حدثنا محمد ين زياد، قال حدثنا مفضل بنعمر عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام.. الخ.
وذكره الحجة الأميني في ج ٧ ص ٣٨٧ من كتاب الغدير وذكر له عدة مصادر فراجع
(١) شيخ البطحاء، ورئيس مكة، وشيخ قريش، أبو طالب بن عبد المطلبابن هاشم بن عبد مناف، عم الرسول وكافله، وأبو الأئمة سلام الله عليهم أجمعين.
اسمه الشريف عبد مناف، وقيل: ” عمران ” وقيل اسمه: ” كنيته ” والأولأصح لقول عبد المطلب وهو يوصيه برسول الله ” ص ” بعده:
وقوله أيضا:
بابن الحبيب الأكرم الأقارب * بابن الذي قد غاب غير آيب
وأمه فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم، وهي أم عبد الله والد النبيوأم الزبير بن عبد المطلب وقد انقرض.
وأولد أبو طالب أربعة بنين: طالبا، وعقيلا، وجعفرا، وعليا أمير المؤمنين
=>
إحتجاجه (ع) على من قال بزوال الأدواء بمداوات الأطباء دون اللهسبحانه وعلى من قال بأحكام النجوم من المنجمين وغيرهم من الكهنة والسحرة.
وبالإسناد المقدم ذكره عن أبي محمد العسكري عن علي بن الحسن زينالعابدين عليهم السلام أنه قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام قاعدا ذات يوم، فأقبل إليه رجلمن اليونانيين المدعين للفلسفة والطب، فقال له:
<=
عليه السلام، وكان كل واحد منهم أكبر من الآخر بعشر سنين، وأمهم جميعا فاطمةبنت أسد بن هاشم، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي.
كان أبو طالب عليه السلام: شيخا، وسيما، جسيما، عليه بهاء الملوك، ووقارالحكماء، وكانت قريش تسميه: ” الشيخ “، وكانوا يهابونه، ويخافون سطوته، وكانوايتجنبون أذية رسول الله ” ص ” في أيامه، فلما توفي سلام الله عليه، اجترأوا عليهواضطر إلى الهجرة؟؟ من وطنه مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
قيل لأكثم بن صيفي حكيم العرب ممن تعلمت الحكمة والرياسة، والحلم والسيادة؟
قال: من حليف الحلم والأدب، سيد العجم والعرب، أبو طالب بن عبد المطلب.
وجرى ذات يوم كلام خشن بين معاوية بن أبي سفيان وصعصعة وابن الكواء،فقال معاوية: لولا إني أرجع إلى قول أبي طالب لقتلتكم وهو:
وكان سلام الله عليه مستودعا للوصايا فدفعها إلى رسول الله ” ص “، وهو الذيكفله وحماه من قريش ودافع عنه.
روى عن فاطمة بنت أسد: أنه لما ظهر أمارة وفاة عبد المطلب قال لأولاده: منيكفل محمدا؟ قالوا: هو أكيس منا، فقل له يختار لنفسه، فقال عبد المطلب: يا محمدجدك على جناح السفر إلى القيامة، أي عمومتك وعماتك تريد أن يكفلك؟ فنظر فيوجوههم ثم زحف إلى عند أبي طالب، فقال له عبد المطلب: يا أبا طالب إني قد عرفتديانتك وأمانتك، فكن له كما كنت له.
وروي: أنه قال له: يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد ووجدي به، أنظر كيف
=>
يا أبا الحسن بلغني خبر صاحبك وأن به جنونا، وجئت لأعالجه فلحقته قد
<=
تحفظني فيه، قال أبو طالب: يا أبه لا توصني بمحمد فإنه ابني وابن أخي، فلما توفيعبد المطلب، كان أبو طالب يؤثره؟؟ بالنفقة والكسوة على نفسه، وعلى جميع أهله.
فلما بعث النبي ” ص ” وصدع بالأمر امتثالا لقوله تعالى: ” فاصدع بما تؤمر “ونزل قوله تعالى: ” إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ” أجمعت قريش على خلافهفحدب عليه أبو طالب عليه السلام ومنعه وقال:
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وابشر بذاك وقر منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصح * فلقد صدقت وكنت قبل أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه * من خير أديان البرية دينا
وروى عن زين العابدين عليه السلام: أنه اجتمعت قريش إلى أبي طالب ورسولالله ” ص ” عنده فقالوا: نسألك من ابن أخيك النصف. قال: وما النصف منه؟ قالوا:
يكف عنا ونكف عنه، فلا يكلمنا ولا نكلمه، ولا يقاتلنا ولا نقاتله، إلا أن هذهالدعوة قد باعدت بين القلوب، وزرعت الشحناء، وأنبتت البغضاء. فقال: يا بن أخيأسمعت؟ قال: يا عم لو أنصفني بنوا عمي لأجابوا دعوتي، وقبلوا نصيحتي، إن اللهتعالى أمرني أن ادعوا إلى دينه الحنيفية ملة إبراهيم، فمن أجابني فله عند الله: الرضوانوالخلود في الجنان، ومن عصاني قاتلته حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين، فقالوا:
قل له يكف عن شتم آلهتنا فلا يذكرها بسوء، فنزل: ” قل أفغير الله تأمروني أعبد “قالوا: إن كان صادقا فليخبرنا من يؤمن منا، ومن يكفر، فإن وجدناه صادقا آمنا بهفنزل: وما كان الله ليذر المؤمنين ” قالوا: والله لنشتمنك وإلهك فنزل: ” وانطلقالملأ منهم ” قالوا: قل له: فليعبد ما نعبد، ونعبد ما يعبد، فنزلت سورة الكافرين.
فقالوا: قل له أرسله الله إلينا خاصة، أم إلى الناس كافة؟ قال بل إلى الناس أرسلت كافة:
إلى الأبيض والأسود، ومن على رؤس الجبال، ومن في لجج البحار، ولأدعون ألسنةفارس والروم، يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ” فتجبرت قريش واستكبرتوقالت: والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا، ولقلعت الكعبة حجراحجرا، فنزلت: ” وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ” وقوله تعالى: ” ألم
=>
مضى لسبيله، وفاتني ما أردت من ذلك، وقد قيل لي إنك ابن عمه وصهره وأرى
<=
تر كيف فعل ربك ” فقال المطعم بن عدي: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك،وجهدوا على أن يتخلصوا مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا.
فقال أبو طالب: والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت على خذلاني، ومظاهرةالقوم على، فاصنع ما بدا لك، فوثب كل قبيلة على ما فيها من المسلمين يعذبونهم،ويفتنونهم عن دينهم، ويستهزؤون بالنبي ” ص ” ومنع الله رسوله بعمه أبي طلب منهموقد قام أبو طالب حين رأى قريشا تصنع ما تصنع في بني هاشم، فدعاهم إلى ما هو عليهمن منع رسول الله ” ص ” والقيام دونه إلا أبا لهب.
وله في الدفاع عن رسول الله ” ص ” مواقف شهيرة وشعر رواه الفريقان، نذكرفيما يلي نموذجا منها:
منها: ما روى من أن أبا جهل بن هشام جاء إلى رسول الله ” ص ” وهو ساجدوبيده حجر يريد أن يرميه به، فلما رفع يده لصق الحجر بكفه فلم يستطع ما أراد، فقال
وإلا فإني إذن خائف * بوائق في داركم تلتقي
تكون لغيركم عبرة * ورب المغارب والمشرق
كما نال من لان من قبلكم * ثمود وعاد وماذا بقي
غداة أتاهم بها صرصر * وناقة ذي العرش قد تستقي
فحل عليهم بها سخطه * من الله في ضربة الأزرق
غداة يعض بعرقوبها * حساما من الهند ذا رونق
وأعجب من ذاك في أمركم * عجائب في الحجر الملصق
بكف الذي قام من خبثه * إلى الصابر الصادق المتقي
فأثبته الله في كفه * على رغمه الجائر الأحمق
أحيمق مخزومكم إذ غوى * لغى الغواة ولم يصدق
ومنها: ما روى عن ابن عباس، أن النبي ” ص ” دخل الكعبة، وافتتح الصلاةفقال أبو جهل: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعرى،
=>
بك صفارا قد علاك، وساقين دقيقين، ولما أراهما تقلانك، فأما الصفار فعندي دوائه
<=
وتناول فرثا ودما وألقى ذلك عليه ” ص ” فجاء أبو طالب – وقد سل سيفه – فلمارأوه جعلوا ينهضون فقال: والله لئن قام أحد جللته بسيفي، ثم قال: يا بن أخي منالفاعل بك؟ قال: هذا عبد الله فأخذ أبو طالب فرثا ودما وألقى ذلك عليه.
ومنها قوله عليه السلام يخاطب الرسول ” ص ” مسكنا جأشه طالبا منه إظهار دعوته
فإن كفك كفي إن مليت بهم * ودون نفسك نفسي في الملمات
ومنها قوله يؤنب قريشا ويحذرهم الحرب:
طواني قد نامت عيون كثيرة * وسامر أخرى ساهر لم ينوم
لأحلام قوم قد أرادوا محمدا * بظلم ومن لا يتقي البغي يظلم
سعوا سفها واقتادهم سوء أمرهم * على خائل من أمرهم غير محكم
رجاء أمور لم ينالوا انتظامها * ولو حشدوا في كل بدو وموسم
يرجون منه خطة دون نيلها * ضراب وطعن بالوشيج المقوم
يرجون أن نسخي بقتل محمد * ولم تختضب سمر العوالي من الدم
كذبتم وبيت الله حتى تفلقوا * جماجم تلقى بالحطيم وزمزم
وتقطع أرحام وتنسى حليلة * حليلا ويغشى محرم بعد محرم
هم الأسد أسد الزأرتين إذا غدت * على حنق لم تخش أعلام معلم
فيا لبني فهر أفيقوا ولم تقم * نوائح قتلى تدعى بالتندم
على ما مضى من بغيكم وعقوقكم * وإتيانكم في أمركم كل مأثم
وظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى * وأمر أتى من عند ذي العرش قيم
فلا تحسبونا مسلميه ومثله * إذا كان في قوم فليس بمسلم
فهذي معاذير وتقدمة لكم * لئلا تكون الحرب قيل التقدم
ومنها: لما رأى المشركون موقف أبي طالب عليه السلام من نصرة الرسول وسمعواأقواله، اجتمعوا بينهم وقالوا ننافي بني هاشم، ونكتب صحيفة ونودعها الكعبة: أن
=>
وأما الساقان الدقيقان فلا حيلة لي لتغليظهما، والوجه أن ترفق بنفسك في المشي
<=
لا نبايعهم، ولا نشاريهم، ولا نحدثهم، ولا نستحدثهم ولا نجتمع معهم في مجمع،ولا نقضي لهم حاجة، ولا نقتضيها منهم، ولا نقتبس منهم نارا حتى يسلموا إلينا محمداويخلوا بيننا وبينه، أو ينتهي عن تسفيه آبائنا، وتضليل آلهتنا، وأجمع كفارمكة على ذلك.
فلما بلغ ذلك أبا طالب عليه السلام قال، يخبرهم باستمراره على مناصرة الرسولومؤازرته له، ويحذرهم الحرب، وينهاهم عن متابعة السفهاء:
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب
وأن عليه في العباد محبة * ولا حيف فيمن خصه الله بالحب
وأن الذي لفقتم في كتابكم * يكون لكم يوما كراغية السقب
أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى * ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب
ولا تتبعوا أمر الغواة وتقطعوا * أواصرنا بعد المودة والقرب
وتستجلبوا حربا عوانا وربما * أمر على من ذاقه حلب الحرب
فلسنا وبيت الله نسلم أحمدا * لعزاء من عض الزمان ولا حرب
ولما تبن منا ومنكم سوالف * وأيد أبيدت بالمهندة الشهب
بمعترك ضنك ترى كسر القنا * به والضباع العرج تعكف كالسرب
كأن مجال الخيل في حجراته * وغمغمة الأبطال معركة الحرب
أليس أبونا هاشم شد أزره * وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب
ومنها: أنه كان إذا نامت العيون وأخذ النبي ” ص ” ممضجعه، جاءه فانهضه واضجععليا مكانه فقال له علي عليه السلام – ذات ليلة -: يا أبتاه إني مقتول، فقال أبو طالب
قد بلوناك والبلاء شديد * لفداء النجيب وابن النجيب
لفداء الأعز ذي الحسب الثاقب * والباع والفناء الرحيب
إن تصبك المنون بالنبل تترى * مصيب منها وغير مصيب
كل حي وإن تطاول عمرا * آخذ من سهامها بنصيب
=>
تقلله ولا تكثره، وفيما تحمله على ظهرك وتحتضنه بصدرك، أن تقللهما ولا تكثرهما
<=
فقال علي عليه السلام:
ولكنني أحببت أن ترى نصرتي * وتعلم أني لم أزل لك طائعا
وسعيي لوجه الله في نصر أحمد * نبي الهدى المحمود طفلا ويافعا
هذا نزر يسير من مواقف أبي طالب ” ع ” ومؤازرته الرسول ” ص ” ومقاومتهللمشركين، وله كثير من أمثالها في دفاعه عن محمد، وعن دين محمد، وعن قرآن محمدوعن اتباع محمد، فهلا يأخذك العجب بعد اطلاعك على هذا وشبهه من أقوال أبي طالبوأفعاله، ألا تستغرب بعد هذا لو سمعت بعصابة أثرت فيها الروح الأموية الخبيثة،فدفعها خبث عنصرها، ورداءة نشأتها، وجرها الحقد إلى القول بأن أبا طالب ” ع “مات كافرا!! وإن تعجب فعجب قولهم: أبو طالب يموت كافرا؟!!
أبو طالب الذي يقول:
يموت كافرا؟!!
أبو طالب الذي يقول،
أتانا بهدى مثل ما أتيا به * فكل بأمر الله يهدي ويعصم
يا لله ويا للعجب قائل هذا يموت كافرا!!
أبو طاب الذي يقول:
ويقول مخاطبا رسول الله ” ص “:
ويقول:
قد أتاكم من المليك رسول * فاقبلوه بصالح الأعمال
ويقول:
=>
فإن ساقيك دقيقان لا يؤمن عند حمل ثقيل انقصافهما، وأما الصفار فدوائه عندي
<=
وهو الذي يقول:
وشق له من اسمه ليجله * فذو العرش محمود وهذا محمد
ويقول:
ويقول:
إن ابن آمنة النبي محمد * سيقوم بالحق الجلي ويصدق
أبو طالب الذي يقول:
من ظل في الدين فإني مهتدي
كل هذا وأبو طالب مات كافرا!!
إذا كان الإيمان بالتوحيد والإقرار بنبوة محمد لا تكفي في إيمان الرجل، ويكونمعتقدها والمقر بها كافرا، فما هو الإسلام إذن؟!
إذا كان الذب عن الرسول والاعتراف بنبوته كفرا فما هو الإسلام؟ طبعا يقوللسان حال تلك العصابة في الجواب:
الإيمان أن تتمكن في نفسك مبادئ أبي سفيان، وتؤمن بالذي يحلف به أبوسفيان وتقول كما قال: ” ما من جنة ولا نار “أبو طالب مات كافرا، وأبو سفيان مات مسلما.
هكذا يقولون كبرت كلمة تخرج من أفواههم أن يقولون إلا كذبا!
ويقولون الذين كفروا هؤلاء أهدي من الذين آمنوا سبيلا!
وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا.
أبو سفيان الذي حزب الأحزاب ضد النبي ” ص ” والذي ما قامت راية كفرلحرب رسول الله ” ص ” إلا وهو قائدها وناعقها، والذي لم يزل يعلن الحرب والعداء
=>
وهو هذا، وأخرج دوائه وقال:
<=
لمحمد، ودين محمد، وإله محمد، وكتاب محمد، حتى فتح مكة فدخل الإسلام عليه رغمأنفه، ولم يدخل في قلبه، وأظهر الإسلام وأبطن الكفر، على العكس مما كان عليهأبو طالب تماما.
أبو سفيان الذي أصر على محو اسم محمد رسول الله يوم صلح الحديبية يموت مسلماوأبو طالب الذي يعترف برسالة محمد ويقول: هو رسول كموسى وعيسى يموت كافرا!
أبو سفيان الذي يقول – حين انتهت إليهم الخلافة بمحضر من عثمان -:
يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، والذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا ناريموت مسلما، والذي يعترف بالبعث والنشور يموت كافرا!
روي عن ابن عباس قال: والله ما كان أبو سفيان إلا منافقا، ولقد كنا فيمحفل فيه أبو سفيان وقد كف بصره، وفينا علي عليه السلام، فأذن المؤذن فلما قال:
أشهد أن محمدا رسول الله ” ص “، قال: هاهنا من يحتشم؟ قال واحد من القوم: لا. فقال:
لله در أخي هاشم انظروا أين وضع اسمه، فقال على ” ع “: أسخن الله عينك يا أبا سفيانالله فعل ذلك بقوله عز من قائل: ” ورفعنا لك ذكرك ” فقال أبو سفيان: أسخن اللهعين من قال: ليس هاهنا من يحتشم.
والعجيب أنهم يقولون عنه إنه مات مسلما، وأبو طالب مات كافرا،،لعنوا بما قالوا، نحن أعلم بما يقولون، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فاصبرعلى ما يقولون.
وأكثر من هذا عجبا، وأبعد منه غرابة، ما لفقته تلك العصابة، وافترته علىالرسول من أنه ” ص ” – وحاشاه – قال عنه إنه في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه،وإنه منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه.
ولا أدري وليتني أبدا لا أدري لماذا يستحق أبو طالب هذا العذاب؟
أ لأنه دافع عن رسول الله ” ص ” أم هو الحقد، والبغض لابن أبي طالب الذي
ثم هل تريد أن أزيدك وأزودك من أمثال هذه الأضاليل والأباطيل، فأذكر لكما رواه الزهري عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: كنت عند رسول الله ” ص “
=>
هذا لا يؤذيك، ولا يخيسك (١) ولكنه تلزمك حمية من اللحم أربعين صباحاثم يزيل صفارك.
فقال له علي بن أبي طالب عليه السلام: قد ذكرت نفع هذا الدواء لصفاري فهلتعرف شيئا يزيد فيه ويضره؟ فقال الرجل: بلى حبة من هذا – وأشار إلى دواء معه -وقال: إن تناوله إنسان وبه صفار أماته من ساعته، وإن كان لا صفار به صار بهصفار حتى يموت في يومه.
فقال علي عليه السلام فأرني هذا الضار، فأعطاه إياه.
فقال له: كم قدر هذا؟ قال: قدره مثقالين سم ناقع، قدر كل حبة منه يقتل رجلا.
<=
إذ أقبل العباس وعلي فقال: يا عائشة إن هذين يموتان على غير ملتي، أو قال: ديني.
وفي أخرى بنفس السند عنها أيضا قالت كنت عند النبي فقال: يا عائشة إن سركأن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا العباسوعلي بن أبي طالب.
أسمعت هذا وبعد فهلا ترفع يدك إلى الدعاء وتقول معي:
” اللهم ادخلني النار التي يقطن فيها علي بن أبي طالب، واجعلني في الضحضاحالذي فيه أبو طالب، ولا تدخلني الجنة التي يدخل فيها أبو سفيان، ومعاوية بن أبي سفيان،ويزيد بن معاوية فسلام على تلك النار، ولعنة الله على هذه الجنة “.
فذاك بمكة آوى وحامى * وذاك بيثرب خاض الحماما
فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
توفي سلام الله عليه في ” ٢٦ ” رجب في آخر السنة العاشرة من مبعث النبي ” ص “ورثاه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله:
لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلى عليك ولي النعم
ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خير عم
(١) أي لا ينقصك كناية عن عدم النفع.
فتناوله علي عليه السلام فقمحه (١) وعرق عرقا خفيفا، وجعل الرجل يرتعدويقول في نفسه: الآن أؤخذ بابن أبي طالب، ويقال: قتلته ولا يقبل مني قوليإنه هو الجاني على نفسه.
فتبسم علي بن أبي طالب عليه السلام وقال: يا عبد الله أصح ما كنت بدنا الآنلم يضرني ما زعمت أنه سم.
ثم قال: فغمض عينيك، فغمض، ثم قال: افتح عينيك ففتح، ونظر إلى وجهعلي بن أبي طالب عليه السلام، فإذا هو أبيض أحمر مشرب حمرة، فارتعد الرجل لما رآه.
وتبسم علي عليه السلام وقال: أين الصفار الذي زعمت أنه بي.
فقال: والله لكأنك لست من رأيت، قبل كنت مضارا، فإنك الآن مورد.
فقال علي عليه السلام: فزال عني الصفار الذي تزعم أنه قاتلي.
وأما ساقاي هاتان ومد رجليه وكشف عن ساقيه، فإنك زعمت أني أحتاجإلى أن أرفق ببدني في حمل ما أحمل عليه، لئلا ينقصف الساقان، (٢) وأنا أريكأن طب الله عز وجل على خلاف طبك، وضرب بيده إلى اسطوانة خشب عظيمة،على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه، وفوقه حجرتان، أحدهما فوق الأخرىوحركها فاحتملها، فارتفع السطح والحيطان وفوقهما الغرفتان، فغشي على اليوناني.
فقال علي عليه السلام: صبوا عليه ماء فصبوا عليه ماء فأفاق وهو يقول: واللهما رأيت كاليوم عجبا.
فقال له علي عليه السلام: هذه قوة الساقين الدقيقين واحتمالهما أفي طبكهذا يا يوناني؟
فقال اليوناني أمثلك كان محمدا؟
فقال علي عليه السلام: وهل علمي إلا من علمه، وعقلي إلا من عقله، وقوتي إلا منقوته، ولقد أتاه ثقفي وكان أطب العرب، فقال له:
(١) قمحت السويق – بالكسر – إذا سففته.
أي: تنكسر
إن وصي محمد رسول الله يأمر أجزائك: أن تتفرق وتتباعد.
فذهب فقال لها: ذلك، فتفاصلت، وتهافتت، وتنثرت، وتصاغرت أجزائهاحتى لم ير لها عين ولا أثر، حتى كأن لم تكن هناك نخلة قط.
فارتعدت فرائص اليوناني وقال: يا وصي محمد رسول الله قد أعطيتني اقتراحيالأول، فاعطني الآخر، فأمرها أن تجتمع وتعود كما كانت، فقال: أنت رسوليإليها فعد فقل لها: يا أجزاء النخلة إن وصي محمد رسول الله يأمرك أن تجتمعي كماكنت وأن تعودي.
فنادى اليوناني فقال ذلك، فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور، ثمجعلت تجتمع جزو جزو منها، حتى تصور لها القضبان، والأوراق، وأصول السعفوشماريخ الأعذاق، ثم تألفت، وتجمعت، وتركبت، واستطالت، وعرضت، واستقرأصلها في مقرها، وتمكن عليها ساقها، وتركب على الساق قضبانها، وعلى القضبانأوراقها، وفي أمكنتها أعذاقها، وكانت في الابتداء شماريخها متجردة لبعدها منأوان الرطب، والبسر، والخلال.
فقال اليوناني: وأخرى أحب أن تخرج شماريخها أخلالها، وتقلبها منخضرة إلى صفرة وحمرة، وترطيب وبلوغ، لتأكل وتطعمني ومن حضرك منها.
فقال علي عليه السلام أنت رسولي إليها بذلك، فمرها به.
فقال لها اليوناني: ما أمره أمير المؤمنين عليه السلام فأخلت، وأبسرت، واصفرتواحمرت، وترطبت، وثقلت أعذاقها برطبها.
فقال اليوناني: وآخرها أحبها أن تقرب من بين يديي أعذاقها، أو تطوليدي لتنالها، وأحب شئ إلي: أن تنزل إلي إحديهما، وتطول يدي إلى الأخرىالتي هي أختها.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: مد اليد التي تريد أن تنالها وقل: يا مقرب البعيدقرب يدي منها، واقبض الأخرى التي تريد أن ينزل العذق إليها وقل: يا مسهلالعسير سهل لي تناول ما يبعد عني منها ففعل ذلك فقاله، فطالت يمناه فوصلت إلى
العذق، وانحطت الأعذاق الأخر فسقطت على الأرض وقد طالت عراجينها.
ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنك إن أكلت منها ولم تؤمن بمن أظهر لكمن عجائبها، عجل الله عز وجل إليك من العقوبة التي يبتليك بها ما يعتبر بهعقلاء خلقه وجهالها.
فقال اليوناني: إني إن كفرت بعد ما رأيت فقد بالغت في العناد، وتناهيتفي التعرض للهلاك، أشهد أنك من خاصة الله، صادق في جميع أقاويلك عن اللهفأمرني بما تشاء أطعك.
قال علي عليه السلام: آمرك أن: تقر لله بالوحدانية، وتشهد له بالجود والحكمةوتنزهه عن العبث والفساد، وعن ظلم الإماء والعباد، وتشهد أن محمدا الذي أنا وصيهسيد الأنام، وأفضل رتبة في دار السلام، وتشهد أن عليا الذي أراك ما أراك، وأولاكمن النعم ما أولاك، خير خلق الله بعد محمد رسول الله، وأحق خلق الله بمقام محمد صلى الله عليه وآلهبعده، وبالقيام بشرايعه وأحكامه، وتشهد أن أوليائه أولياء الله، وأعدائه أعداءالله، وأن المؤمنين المشاركين لك فيما كلفتك، المساعدين لك على ما أمرتكبه خيرة أمة محمد صلى الله عليه وآله، وصفوة شيعة علي.
وآمرك: أن تواسي إخوانك المطابقين لك على تصديق محمد صلى الله عليه وآله وتصديقيوالانقياد له ولي، مما رزقك الله وفضلك على من فضلك به منهم، تسد فاقتهم،وتجبر كسرهم وخلتهم، ومن كان منهم في درجتك في الإيمان ساويته من مالكبنفسك، ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك آثرته بما لك على نفسك، حتى يعلمالله منك أن دينه آثر عنك من مالك، وأن أوليائه أكرم عليك من أهلك وعيالكوآمرك: أن تصون دينك، وعلمنا الذي أودعناك وأسرارنا التي حملناكولا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد، ويقابلك من أهلها بالشتم، واللعن، والتناولمن العرض والبدن، ولا تفش سرنا إلى من يشنع علينا، وعند الجاهلين بأحوالناولا تعرض أوليائنا لبوادر الجهال.
وآمرك: أن تستعمل التقية في دينك، فإن الله عز وجل يقول: ” لا يتخذ
المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئإلا أن تتقوا منهم تقاة ” (١) وقد أذنت لك في تفضيل أعدائنا إن لجأك الخوف إليهوفي إظهار البرائة منا إن حملك الوجل عليه، وفي ترك الصلاة المكتوبات إن خشيتعلى حشاشتك (٢) الآفات والعاهات، فإن تفضيلك أعدائنا علينا عند خوفك لا ينفعهمولا يضرنا، وأن إظهارك برائتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا، ولأنتبرأت منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقي على نفسك روحها التيبها قوامها، وما لها الذي به قيامها، وجاهها الذي به تماسكها، وتصون من عرفبذلك وعرفت به من أوليائنا وإخواننا من بعد ذلك بشهور وسنين إلى أن يفرج اللهتلك الكربة، وتزول به تلك الغمة فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك، وتنقطعبه عن عمل الدين وصلاح إخوانك المؤمنين، وإياك ثم إياك أن تترك التقية التيأمرتك بها، فإنك شائط بدمك ودم إخوانك، معرض لنعمتك ونعمهم على الزوالمذل لك ولهم في أيدي أعداء دين الله، وقد آمرك الله بإعزازهم، فإنك إنخالفت وصيتي كان ضررك على نفسك وإخوانك أشد من ضرر المناصب لنا، الكافر بناوعن سعيد بن جبير (٣) قال: استقبل أمير المؤمنين عليه السلام دهقان من دهاقينالفرس فقال له – بعد التهنية -:
(١) آل عمران – ٢٨.
(٢) الحشاشة: بقية الروح في المريض.
(٣) سعيد بن جبير – بالجيم المضمومة – بن هشام الأسدي الوالبي مولى بني والبةأصله الكوفة نزل مكة تابعي.
عده الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام زين العابدين ” ع ” والعلامة في القسم الأولمن خلاصته، روى عن أبي عبد الله ” ع ” أنه قال: إن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بنالحسين ” ع ” وكان علي ” ع ” يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمروكان مستقيما، وذكر أنه لما دخل على الحجاج بن يوسف قال له: أنت شقي بن كسيرقال: أمي كانت أعرف باسمي سمتني: ” سعيد بن جبير “، قال: ما تقول في أبي بكروعمر هما في الجنة أو في النار؟ قال: لو دخلت الجنة فنظرت إلى أهلها لعلمت من فيها، ولو
=>
يا أمير المؤمنين تناحست النجوم الطالعات، وتناحست السعود بالنحوس،وإذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء، ويومك هذا يوم صعب، قداتصلت فيه كوكبان، وانقدح من برجك النيران، وليس لك الحرب بمكان،فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ويحك يا دهقان المنبئ بآثار، والمحذر من الأقدار،ما قصة صاحب الميزان، وقصة صاحب السرطان، وكم المطالع من الأسد والساعاتفي المحركات، وكم بين السراري والذراري؟
قال: سأنظر وأومئ بيده إلى كمه، وأخرج منه أصطرلابا ينظر فيه.
فتبسم علي عليه السلام وقال: أتدري ما حدث البارحة؟ وقع بيت بالصين، وانفرجبرج ماجين، وسقط سور سرنديب، وانهزم بطرق الروم بأرمينية، وفقد دياناليهود بابلة، وهاج النمل بوادي النمل، وهلك ملك إفريقية، أكنت عالما بهذا؟
قال: لا يا أمير المؤمنين.
فقال: البارحة سعد سبعون ألف عالم، وولد في كل عالم سبعون ألفا،
<=
دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها، قال: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لستعليهم بوكيل، قال: أيهم أحب إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي، قال: فأيهم أرضى للخالققال: علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم، قال: أبيت أن تصدقني قال: بل لم أحبأن أكذبك.
وكان ثقة مشهورا بالفقه والزهد والعبادة وعلم التفسير وكان أخذ العلم عن ابنعباس، وكان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول. أليس فيكم ابن أم الدهماء؟
يعني: سعيد بن جبير، وكان يسمى جهبذ العلماء ” بالكسر – أي: النقاد الخبير ” وكانيقرأ القرآن في ركعتين، قيل: وما من أحد على الأرض إلا وهو محتاج إلى علمه. قتلهالحجاج سنة ” ٩٥ ” وهو ابن ” ٤٩ ” سنة ولم يبق بعده الحجاج إلا ” ١٥ ” ليلة، ولميقتل أحدا بعده لدعائه عليه حين قتله: ” اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي “.
رجال الطوسي ص ٩٠ العلامة ص ٧٩ الكشي ص ١١٠ تهذيب التهذيب ج ٤ ص ١١سفينة البحار ج ١ ص ٦٢١.
والليلة يموت مثلهم، وهذا منهم – وأومى بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي لعنهالله وكان جاسوسا للخوارج في عسكر أمير المؤمنين عليه السلام – فظن الملعون: أنهيقول: خذوه، فأخذ بنفسه فمات، فخر الدهقان ساجدا.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ألم أروك من عين التوفيق؟
قال: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا وأصحابي لا شرقيون ولا غربيون، نحن ناشئةالقطب وأعلام الفلك، أما قولك انقدح من برجلك النيران، فكان الواجب عليكأن تحكم لي به إلا علي، أما نوره وضياؤه فعندي، وأما حريقه ولهبه فذاهبعني، وهذه مسألة عميقة احسبها إن كنت حاسبا.
وروي أنه عليه السلام لما أراد المسير إلى الخوارج قال له بعض أصحابه: إن سرتفي هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم.
فقال عليه السلام: أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنهالسوء، وتخوف الساعة التي من سار فيها حاق به الضر، فمن صدقك بهذا فقدكذب القرآن، واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وينبغيفي قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه، لأنك بزعمك أنت هديته إلىالساعة التي نال فيها النفع وأمن الضر.
أيها الناس إياكم وتعلم النجوم، إلا ما يهتدى به في بر أو بحر، فإنه يدعوإلى الكهانة، المنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافرفي النار، سيروا على اسم الله وهونه، ومضى فظفر بمراده صلوات الله عليه.
إحتجاجه (ع) على زنديق جاء مستدلا عليه بأي من القرآن متشابهة،تحتاج إلى التأويل، على أنها تقتضي التناقض والاختلاف فيه، وعلى أمثالهفي أشياء أخرى.
جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام وقال له: لولا ما في القرآنمن الاختلاف والتناقض لدخلت في دينكم.
فقال له عليه السلام: وما هو؟
قال: قوله تعالى: ” نسوا الله فنسيهم ” (١) وقوله: ” فاليوم ننساهم كمانسوا لقاء يومهم هذا ” (٢) وقوله: ” وما كان ربك نسيا ” (٣) وقوله: ” يقومالروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ” (٤)وقوله: ” والله ربنا ما كنا مشركين ” (٥) وقوله تعالى: ” يوم القيامة يكفربعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ” (٦) وقوله: ” إن ذلك لحق تخاصم أهلالنار ” (٧) وقوله: ” لا تختصموا لدي ” (٨) وقوله: ” اليوم نختم على أفواههموتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ” (٩) وقوله تعالى: ” وجوهيومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ” (١٠) وقوله: ” لا تدركه الأبصار وهو يدركالأبصار ” (١١) وقوله: ” ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ” (١٢) وقوله:
” لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا الآيتين ” (١٣) وقوله:
(١) التوبة – ٩٧.
(٢) الأعراف – ٥١.
(٣) مريم – ٦٤.
(٤) النبأ – ٣٨.
(٥) الأنعام – ٢٣.
(٦) العنكبوت – ٢٥.
(٧) ص – ٦٤.
(٨) ق – ٢٨.
(٩) يس – ٦٥.
(١٠) القيامة – ٢٢.
(١١) الأنعام – ١٠٣.
(١٢) النجم – ١٤.
(١٣) النبأ – ٣٨.
” ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ” (١) وقوله: ” كلا إنهم يومئذلمحجوبون ” (٢) وقوله: ” هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك ” (٣)وقوله: ” بل هم بلقاء ربهم كافرون ” (٤) وقوله: ” فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلىيوم يلقونه ” (٥) وقوله: ” فمن كان يرجو لقاء ربه ” (٦) وقوله: ” ورأىالمجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ” (٧) وقوله: ” ونضع الموازين القسطليوم القيامة ” (٨) وقوله: ” فمن ثقلت موازينه، ومن خفت موازينه ” (٩).
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: فأما قوله تعالى: ” نسوا الله فنسيهم ” إنمايعني نسوا الله في دار الدنيا لم يعملوا بطاعته، فنسيهم في الآخرة أي: لم يجعللهم من ثوابه شيئا، فصاروا منسيين من الخير، وكذلك تفسير قوله عز وجل:
” فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ” يعني بالنسيان: أنه لم يثيبهم كمايثيب أوليائه، والذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به وبرسولهوخافوه بالغيب.
وأما قوله: ” وما كان ربك نسيا ” فإن ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ليسبالذي ينسى، ولا يغفل، بل هو الحفيظ العليم، وقد تقول العرب: نسينا فلانفلا يذكرنا: أي إنه لا يأمر لهم بخير، ولا يذكرهم به.
قال علي عليه السلام وأما قوله عز وجل: ” يوم يقوم الروح والملائكة صفا لايتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ” وقوله: ” والله ربنا ما كنا مشركين “وقوله عز وجل ” يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ” وقولهعز وجل يوم القيامة ” إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ” وقوله: ” لا تختصموا
(١) الشورى – ٥١.
(٢) المطففين – ١٥.
(٣) الأنعام – ١٥٨.
(٤) السجدة – ١٠.
(٥) التوبة – ٧٧.
(٦) الكهف – ١١٠.
(٧) الكهف – ٥٣.
(٨) الأنبياء -.
(٩) المؤمنون – ١٠٢ و ١٠٣.