الرئيسية / تقاريـــر / البرازيل تركب قطار التخلي عن الدولار.. هل نعيش في عصر أفول الدولار؟

البرازيل تركب قطار التخلي عن الدولار.. هل نعيش في عصر أفول الدولار؟

البرازيل تركب قطار التخلي عن الدولار.. هل نعيش في عصر أفول الدولار؟

البرازيل تركب قطار التخلي عن الدولار.. هل نعيش في عصر أفول الدولار؟

الوقت- انضم رئيس البرازيل، لولا دا سيلفا، إلى مجموعة الدول التي تطلب إنهاء هيمنة الدولار الأمريكي في معاملات التجارة الدولية، حيث طلب رئيس البرازيل من البلدان النامية ضرورة العمل على استبدال العملة الأمريكية بعملة خاصة بها.

وقال لولا دا سيلفا في خطاب ألقاه في بنك التنمية الجديد في شنغهاي بأنه يسأل نفسه كل ليلة لماذا يتعين على جميع البلدان أن تبني تجارتهم على الدولار الأمريكي؟، ولماذا لا يمكن التجارة على أساس العملات المحلية، مضيفا بأنه يحاول معرفة من الذي قرر بأن يكون الدولار هو العملة التجارية بعد اختفاء معيار الذهب؟!.

الاتفاق الصيني البرازيلي

توصلت البرازيل إلى اتفاق مع الصين للتخلي عن الدولار الأمريكي واستخدام عملتيهما المحليتين في تعاملاتهما التجارية الثنائية، في خطوة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض التكاليف، وتسهيل الاستثمار.

وسيتيح الاتفاق للصين، أكبر منافس للهيمنة الاقتصادية الأمريكية، وللبرازيل، أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، إجراء صفقاتهما التجارية الهائلة مباشرة واستبدال اليوان بالريال والعكس بالعكس بدلاً من الاعتماد على الدولار، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.

الوكالة البرازيلية للترويج للتجارة والاستثمار (أبيكسبرازيل) قالت في بيان: “هناك توقعات بأن هذا سيخفض التكاليف ويعزز التجارة الثنائية أكثر ويسهل الاستثمار“.

والصين هي الشريك التجاري الأكبر للبرازيل، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما نحو 150 مليار دولار العام الماضي.

وتم الإعلان عن الاتفاق خلال منتدى أعمال صيني برازيلي رفيع المستوى عُقد في بكين، وقد جاء في أعقاب اتفاق مبدئي في يناير/كانون الثاني.

وكان من المقرر أن يحضر الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا المنتدى، لكنه اضطر إلى إرجاء زيارته للصين بعد إصابته بالتهاب رئوي.

إلى ذلك، قال مسؤولون إن “البنك الصناعي والتجاري الصيني” وبنك “بي بي إم” سينفذان التعاملات.

دول تخلت عن الدولار

وتخلت الصين عن التعامل بالدولار أيضاً مع روسيا وباكستان وعدة دول أخرى.

يشار إلى أن بكين وبرازيليا تنتميان إلى مجموعة “بريكس” (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا)، التي تنوي مناقشة مبادرة إنشاء عملة موحدة بين الدول الأعضاء، خلال القمة المقرر عقدها في جنوب إفريقيا، في أغسطس/آب المقبل.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف: “هذا هو الاتجاه الذي تسير فيه المبادرات، والتي ظهرت… قبل أيام فقط، بخصوص الحاجة إلى التفكير في إنشاء عملات خاصة داخل مجموعة دول بريكس، وداخل مجتمع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي“.

لافروف أضاف: “سيكون هذا بالتأكيد على أجندة قمة بريكس، التي ستعقد في جمهورية جنوب إفريقيا في نهاية أغسطس/آب، حيث تمت دعوة مجموعة من الدول الإفريقية… بما في ذلك الرئيس لورنسو (رئيس أنغولا)”، منوهاً بأنه ستتم دعوة مجموعة من الدول الإفريقية لحضور قمة “بريكس” في جمهورية جنوب إفريقيا.

وكان وزير الصناعة والتجارة الروسي، دينيس مانتوروف، دعا العام الماضي الدول الأعضاء في مجموعة “بريكس” إلى زيادة التعاملات المالية بين الأعضاء بالعملات الوطنية على حساب الدولار، وفق موقع “روسيا اليوم“.

ووفقاً لمانتوروف، فإن التجارة بالعملات الوطنية تعد جانباً أساسياً من التعاون بين دول المجموعة الخمس، التي تسيطر على ثلث المنتجات الصناعية العالمية، وحصتها من التجارة العالمية تبلغ 17%.

 مجموعة “بريكس

وفي 16 يونيو/حزيران من عام 2009، تأسست المجموعة تحت اسم “بريك” في مدينة يكاترينبورغ الروسية، بمشاركة كل من البرازيل وروسيا والهند والصين أولاً.

وعُقد أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول “بركس” في يوليو/تموز عام 2008، وذلك في جزيرة هوكايدو اليابانية، حيث اجتمعت آنذاك قمة “الثماني الكبرى“.

وشارك في قمة “بركس”: رئيس روسيا فلاديمير بوتين، ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جين تاو، ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ، ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. واتفق رؤساء الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية، بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية.

ولاحقاً، انضمت جنوب إفريقيا في عام 2010، ليصبح اسم التحالف الدولي “بريكس”، وهي كلمة مشكّلة ومشتقة من الحروف الأولى من اسم كل دولة عضو.

تشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب الـ40% من سكان الأرض، وتغطي مساحة الدول الأعضاء في التحالف ما يزيد على 39 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل 27% من إجمالي مساحة اليابسة.

ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول اقتصادات أغنى الدول في العالم حالياً، حسب مجموعة “غولدمان ساكس” البنكية العالمية.

عصر أفول الدولار

تتجه مزيد من دول العالم إلى التخلي تدريجياً عن الدولار مقابل سلة عملات أو استخدام اليوان في التبادلات التجارية، واتخذت دولة الإمارات الخطوة الأولى في هذا المجال، رغم أن السعودية كانت سبّاقة في إبداء انفتاحها على تسعير جزء من نفطها باليوان الصيني بدلاً عن “الدولار القوي”، ما يثير قلق وسائل إعلام أميركية من بداية انهيار عصر الدولار.

وسبق أن حذرت المستشارة الأميركية السابقة لوزير الخزانة مونيكا كرولي، من أنه “إذا قررت دول أوبك مثل السعودية بيع النفط بعملات أخرى، فهذا سيعني انهيار النظام الاقتصادي الأميركي وكارثة كبرى“.

وفي 28 مارس/آذار المنصرم، أعلنت بورصة شنغهاي للبترول والغاز الطبيعي، أن شركتي الصين الوطنية للنفط البحري (كنوك) وتوتال إنرجيز، جرت من خلالهما أول تعاملات الصين في الغاز الطبيعي المسال، التي يجري تسويتها باليوان، وشملت نحو 65 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال المستورد من الإمارات.

ولم تعلن الإمارات على الفور، ما إذا كانت ستستمر في تسعير جزء من صادراتها من الغاز المسال باليوان في بورصة شنغهاي، أم إن الأمر مجرد جس نبض ردة الفعل الأميركية تجاه هذه الخطوة، التي لم تؤكدها بعد ولم تنفها أيضاً.

وتسعير النفط والغاز باليوان في بورصة شنغهاي، دعوة سبق أن وجهها الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى دول الخليج عندما زار السعودية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، “للاستفادة الكاملة من بورصة شنغهاي للبترول والغاز كمنصة لتسوية تجارة النفط والغاز باليوان“.

لم تعلق حينها الرياض فوراً على دعوة الرئيس الصيني، لكن بعد نحو شهر من ذلك أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن المملكة “منفتحة على المناقشات بشأن التجارة عبر استخدام عملات بخلاف الدولار“.

ففي ظل استمرار الضغوط الأميركية عليها بسبب ملفي حقوق الإنسان وطلبات زيادة إنتاج النفط، لا تفتأ السعودية تلوح من حين لآخر بورقة تسعير النفط باليوان.

فكما كان تسعير النفط بالدولار سبباً في إنقاذ العملة الأميركية من الانهيار بعد فك ارتباطها بالذهب في 1971، وتراجع الطلب العالمي عليها، فيمكن للسعودية ودول الخليج إضعاف الدولار مجدداً بالتخلي عن تسعير النفط به، والتحول نحو اليوان أو سلة عملات مختلفة، ما سيؤثر على حجم الطلب العالمي على العملة الخضراء.

وأدى استمرار الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم إلى هروب رؤوس الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة في آسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية لشراء السندات الأميركية ذات العائد المرتفع، ما تسبب في أضرار لعملات هذه البلدان واقتصاداتها، وهو ما جعلها تبحث التعامل بالعملات الوطنية في مبادلاتها التجارية البينية.

آسيان” تبحث تقليل الدولار

دول رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان”، تبحث هي الأخرى التقليل من الاعتماد على الدولار في المبادلات التجارية، وتتجه للتعامل بالعملات الوطنية فيما بينها.

وفي هذا الصدد، اجتمع وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في آسيان في 28 مارس الماضي بإندونيسيا، لمناقشة تقليل الاعتماد على الدولار، واليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، في المعاملات المالية، والانتقال إلى التسويات بالعملات المحلية.

وجرى التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة بالعملات الوطنية بين إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة والفلبين وتايلاند، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وفق موقع “آسيان بريفينغ“.

وتوجه النمور الآسيوية للتعامل بالعملات المحلية في تجارتها البينية يزيد الضغوط على الدولار، بوصفه عملة تداول في التجارة العالمية.

فالآسيان، التي تضم 10 دول من الاقتصادات الناشئة، تعتبر ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، والخامس عالمياً بعد الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا.

ماذا إذا فقد العالم ثقته بالدولار؟

واشنطن من جهتها تنظر بقلق إلى ما يحدث من حولها لزعزعة هيمنة الدولار، لكنها ماضية في رفع الفائدة للمرة التاسعة على التوالي على الأقل لكبح التضخم (أسعار المستهلك)، غير آبهة بحجم الضرر الذي يحدثه ذلك على الكثير من الاقتصادات الناشئة.

وإذا تراجع الطلب العالمي على الدولار فستضعف قيمته، ويرتفع التضخم، ولن يتمكن الفيدرالي الأميركي من رفع سعر الفائدة إلى ما لا نهاية، ولن يكون بإمكانه طباعة كميات أكبر من الورقة الخضراء وإلا فسيضعف ذلك اقتصاد البلاد ويرفع التضخم، بل قد يؤدي إلى ركود أو حتى أزمة اقتصادية مثلما حدث في الكساد العظيم عام 1929.

فالدين الأميركي بلغ نهاية العام الماضي 31.4 تريليون دولار، أي ما يعادل 125% من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا فقدت الورقة الخضراء جاذبيتها عالمياً، ووجدت الاقتصادات الكبرى بدائل للدولار، فسيؤدي ذلك إلى بيع كثيف للسندات الأميركية، من شأنه أن يوصلها إلى مرحلة العجز عن السداد.

هذا هو السيناريو الأسوأ الذي تخشاه الولايات المتحدة، وخاصة بعد فك ارتباط الدولار بالذهب في 1971، إذ لم يعد للاقتصاد الأميركي ما يعادله من قيمة صلبة.

فقوة الدولار مبنية على أساس “معنوي” مرتبط بقوة البلاد العسكرية والاقتصادية ونفوذها السياسي، و”ثقة” الدول والشركات والأفراد بمتانة الاقتصاد الأميركي يدفعهم للثقة بالدولار، وجعله عملة تحوط من الأزمات.

وعبر هذه القوة والنفوذ، أقنعت واشنطن دول الخليج بتسعير نفطها بالدولار في 1971، ما عزز ثقة العالم بالعملة الأميركية، وجعلها عملة تداول واحتياط.

يعتبر الدولار الأمريكي هو العملة المعتمدة في معظم الحركات التجارية العالمية منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يعطي الاقتصاد الأمريكي ميزة، لأنه يطبع الأوراق النقدية المستخدمة في التجارة الدولية، حسب المحللين، ما يشكل فائدة وميزة للولايات المتحدة على حساب العملات المحلية في دول العالم، التي تكون مضطرة لشراء الدولار لتسديد تجارتها الخارجية.

لكن في اللحظة التي يفقد فيها العالم “الثقة” بقوة الولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية ونفوذها السياسي، ويتجه إلى عملات بديلة للتبادل التجاري والاحتياط، فسيفقد الدولار بريقه، وسيلقى مصير الجنيه الإسترليني نفسه وعملات أخرى هيمنت على التداولات العالمية في فترات زمنية معينة، قبل أن يأفل نجمها.

شاهد أيضاً

195 يومًا من النيران في الشمال: خسائر ومستوطنات فارغة.. وقوات كبيرة من الجيش محجوزة

عين على العدو  18/04/2024 195 يومًا من النيران في الشمال: خسائر ومستوطنات فارغة.. وقوات كبيرة ...