الرواية تبقى
لا تزال روايات القرن التاسع عشر إلى الآن، أفضل روايات عصرنا. لقد أُلّفت في القرن التاسع عشر روايات لم تشهد لها نظيراً. وقد كُتبت روايات في فرنسا،
وسيا، وحتّى في إنكلترا، لم يُؤتَ بمثلها إلى الآن. إذاً، الرواية تبقى، ولها امتدادها، ولها أيضاً بيانٌ وتوصيف استثنائي ودقيق. أخبروني، في أيّ فنّ من
الفنون الأخرى يمكنكم أن تجدوا هذه الخصائص؟ هذه الخصائص غير موجودة في الموسيقى، ولا في السينما، ولا في المسرح، ولا في الشعر. لا يمكن إيجاد شيء مماثل للرواية على الإطلاق, تُتَرجم، وتنتشر في كلّ مكان، وتبقى، ولا تبور[13].
هذه الأسباب، مدعاة وجود الرواية
لقد ذكرت أمامكم مراراً مثال روايات ثورة أكتوبر. أحدها كتاب “درب الآلام” لـ “ألكسي تولستوي” الّذي يعتبر كتاباً استثنائياً. هناك أيضاً “الدون الهادئ” لـ “شولوخوف”. هذه كتب ثورية، وكتاب “قلب الكلب” وهو كتاب معارض لثورة أكتوبر.
انتقوا عدّة أشخاص وضعوا أمامهم هذه النماذج وقولوا: نريد أن نكتب مثل هذه القصص عن الثورة, على أن يتم التعريف بالثورة والإمام بشكل حقيقي. ضعوا أمامهم ذكريات الحرب هذه الّتي كتبها المجاهدون. برأيي, يمكن أن تُستخرج منها رواية مطوّلة وجذّابة. أمهلوهم مدّة ثلاث سنوات. وتعهّدوا كلّ نفقاتهم. تابعوهم وانظروا إلى أين تصلون، ربّما تحقّقون نتيجة. في النهاية، هل سنرى في بلدنا روايتين أو ثلاث روايات طويلة ومقبولة، يمكن أن تصدر وتسدّ الفراغ؟
من غير المقبول لإيران مع كلّ هذه الدواعي وهذه الثقافة والنتاج الثقافي أن تبقى من دون رواية, وهذا العمل لا بدّ أن يتحقّق. ما زالت الساحة خالية إلى الآن، ولقد قام بعض الناس من التافهين ومثيري القلاقل… وقدّموا أنفسهم كروائيّين كبار، وقد روّج لهم أيضاً أعداء الثورة. ذلك الشخص، بمجرّد أن
صدر كتابه، أُرسلت إليه الرسائل من مئات الأماكن بأنهم قرؤوا كتابه وقالوا: “بَخ، بخ! لقد استمتعنا بقراءته”، في حين أنّ كلّ هذه الإشكالات من الناحية الفنيّة وغيرها ترد على هذا الكتاب! بالمحصّلة، عليكم أنتم القيام بهذا العمل[14].
ترجمة الروايات الجيّدة
بين يديّ رواية كنت أنظر فيها وأطالعها في الأيّام الأخيرة. كتابٌ سميك من ستّمائة صفحة، مسلٍّ جدّاً وجذّاب وغاية في الأهمّية من الناحية الفنّية, لكنّه مخالف تماماً لما نعمل عليه في معارفنا! إنّني قطعاً لا أجوّز للشباب قراءة هذا الكتاب، لكنّه يُطبع، وتُباع منه نسخٌ كثيرة! ما الضير في أن نعثر على رواية جيّدة، فنترجمها ونطبعها؟ رواية جذّابة، وخالية من الإشكال، فيقرؤها شبابنا[15].
ترجمة الكتب إلى اللغات الأخرى
إنّ الترجمة أمرٌ هامّ جدّاً، بيد أنه ينبغي أن تتمّ بذكاء. عندما كنت أقرأ أحياناً هذه الكتب (إصدارات مكتب أدب وفن المقاومة التابع للدائرة الفنّية) كان يخطر ببالي: لو أردنا مثلاً أن نعدّ ترتيباً لإرسال الكتب المترجمة الخاصّّة بالحرب، علينا أوّلاً أن نرسل كتاباً صغيراً، بمسحة لا تُبرز الجانب الإيراني كثيراً، وبأسلوب وكتابة جيّدين قد روعيت الجودة في طباعته، فنرسله، وننشره للقراءة. بعدها، إذا ألِفت الأذهان هذا العمل، نرسل كتاباً آخر … وكلّ كتاب … يفتح طريقاً للكتاب التالي، حتّى يصل الدور إلى الكتب المفصّلة والذكريات الأطول[16].
قناة وحدة المجتمعات الإسلامية
يُشاهد وللأسف، أنّ بعض السياسات تترصّد نقاط الاختلاف، حتّى أنّها تختلقها، لإيجاد الشقاق بين الفرق الإسلامية. يمكن للكتاب أن يشكّل رسالة الوحدة بين الفرق الإسلامية. كم هو جميل أن ننقل الكتب الإسلامية من العالم الإسلامي، وعن مفكّري الإسلام، وعن أصحاب الأقلام البارزة، إلى اللغة الفارسية ونجعلها بين كتبنا في مكتبتنا الوطنية، وننقل الكتب الإسلامية وما يرشح عن عقول مفكّرينا وكتّابنا البارزين وعلمائنا، من داخل مجتمعنا إلى اللغات الإسلامية الأخرى، ليمكننا إيجاد قنوات للوحدة بين المجتمعات الإسلامية, بالتأكيد فإنّ هذه حركة ثقافية، وهي أيضاً حركة ضدّ الاستعمار[17].
الكتب الّتي ليست لدينا
أرجو من المفكّرين في بلدنا أن ينظروا إلى مسألة نشر الكتاب الجيّد والمطلوب وإنتاجه، كحاجة ملحّة وفورية لمجتمعهم وبلدهم. إنّنا وإن كان لدينا – بحمد الله – كتب جيّدة في مجتمعنا، لكنّنا نُعاني فراغاً ونقصاً كبيرين. كثير من الكتب غير موجودة عندنا. وهناك الكثير من الموضوعات ليس لدينا شيءٌ عنها، أو إن كان لدينا شيءٌ فهو غير قابل للعرض. في الوقت الّذي يحظى الآخرون في البلدان الأخرى، بعشرات الآلاف من عناوين الكتب والمؤلّفات في المواضيع المختلفة، لا يتجاوز عدد كتبنا حول هذه المواضيع أصابع اليد! … إنّ عدد كتبنا قليل، حتّى في المواضيع الّتي لدينا ريادة وخبرة فيها ومجالات كثيرة
من الاطّلاع والعلم. والحقيقة، إنّنا في الماضي لم نقم بعمل لائق في مجال طرح المواضيع اللازمة. وقد نظرنا إلى الكتاب كشيء كمالي وشكليّ ومختصّ بجماعة معيّنة، وليس كوسيلة لازمة وضرورية لكلّ الناس.
علينا أن نجبر هذا النقص، فهناك حملٌ ثقيل ملقىً على الأرض هو في عهدة المؤلّفين والمحقّقين والكتّاب والفنّانين، وأيضاً، هو بعهدة القيّمين