٥٨ – القول في البداء والمشية
وأقول: في معنى البداء ما يقول المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله من الإفقار بعد الاغناء، والأمراض بعد الاعفاء، والإماتة بعد الإحياء، وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال.
فأما إطلاق لفظ البداء فإنما صرت إليه بالسمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله – عز وجل -، ولو لم يرد به سمع اعلم صحته ما استجزت إطلاقه كما إنه لو لم يرد على سمع بأن الله تعالى يغضب ويرضى ويحب ويعجب لما أطلقت ذلك عليه – سبحانه -، ولكنه لما جاء السمع به صرت إليه على المعاني التي لا تأباها العقول، وليس بيني وبين كافة المسلمين في هذا الباب خلاف، وإنما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه، وقد أوضحت عن علتي في إطلاقه بما يقصر معه الكلام، وهذا مذهب الإمامية بأسرها وكل من فارقها في المذهب ينكره على ما وصفت من الاسم دون المعنى ولا يرضاه.
٥٩ – القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم من الزيادة فيه والنقصان
أقول: إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد (ص)، باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف
وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب.
وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحتها من وجه، فالوجه الذي أقطع على فساده أن يمكن لأحد من الخلق زيادة مقدار سورة فيه على حد يلتبس به عند أحد من الفصحاء، وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الاعجاز، و يكون ملتبسا عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لا بد متى وقع ذلك من أن
٦٠ – القول في أبواب الوعيد
وأقول: في الوعيد ما قد تقدم حكايته عن جماعة الإمامية، وأقول بعد ذلك إن من عمل لله عملا وتقرب إلى الله بقربة أثابه على ذلك بالنعيم المقيم في جنات الخلود، وبنو نوبخت – رحمهم الله – يذهبون إلى أن كثيرا من المطيعين لله – سبحانه وتعالى – يثابون على طاعتهم في دار الدنيا وليس لهم في الآخرة من نصيب، ومعي على ما ذهبت إليه أكثر المرجئة وجماعة من الإمامية.
٦١ – القول في تحابط الأعمال
وأقول: إنه (١) لا تحابط بين المعاصي والطاعات ولا الثواب ولا العقاب وهو مذهب جماعة من الإمامية والمرجئة، وبنو نوبخت يذهبون إلى التحابط فيما ذكرناه ويوافقون في ذلك أهل الاعتزال.
٦٢ – القول في الكفار وهل فيهم من يعرف الله – عز وجل –
وتقع (١) منهم الطاعات؟
وأقول: إنه ليس يكفر بالله – عز وجل – من هو به عارف ولا يطيعه من هو لنعمته جاحد، وهذا مذهب جمهور الإمامية وأكثر المرجئة، وبنو نوبخت – رحمهم الله – يخالفون في هذا الباب، ويزعمون أن كثيرا من الكفار بالله تعالى عارفون، ولله تعالى في أفعال كثيرة مطيعون، وأنهم في الدنيا على ذلك يجازون ويثابون، ومعهم على بعض هذا القول المعتزلة وعلى البعض الآخر جماعة من المرجئة.
٦٣ – القول في الموافاة
وأقول: إن من عرف الله تعالى وقتا من دهره وآمن به حالا من زمانه فإنه لا يموت إلا على الإيمان به، ومن مات على الكفر بالله تعالى فإنه لم يؤمن به وقتا من الأوقات، ومعي بهذا القول أحاديث عن الصادقين (ع) وإليه ذهب كثير من فقهاء الإمامية ونقلة الأخبار، وهو مذهب كثير من المتكلمين في الارجاء، وبنو نوبخت – رحمهم الله – يخالفون فيه ويذهبون في خلافه مذاهب أهل الاعتزال.
٦٤ – القول في صغائر الذنوب
وأقول: إنه ليس في الذنوب صغيرة في نفسه وإنما يكون فيها
٦٥ – القول في العموم والخصوص
وأقول: إن لأخص الخصوص صورة في اللسان وليس لأخص العموم و لا لأعمه صيغة في اللغة، وإنما يعرف المراد منه بما (٢) يقترن إليه من الأمارات، و هذا مذهب جمهور الراجية وكافة متكلمي الإمامية إلا من شذ عنها ووافق الراجية أهل الاعتزال.
٦٦ – القول في الأسماء والأحكام
وأقول: إن مرتكبي الكبائر من أهل المعرفة والاقرار مؤمنون بإيمانهم بالله وبرسوله وبما جاء من عنده وفاسقون بما معهم من كبائر الآثام، ولا أطلق لهم اسم الفسق ولا اسم الإيمان بل أقيدهما جميعا في تسميتهم بكل واحد منهما، وامتنع من الوصف لهم بهما من الإطلاق وأطلق عليهم (٣) اسم الاسلام بغير تقييد وعلى كل حال، وهذا مذهب الإمامية إلا بني نوبخت فإنهم خالفوا فيه وأطلقوا للفساق اسم الإيمان.
٣ – إليهم د.
٦٧ – القول في التوبة
وأقول: في التوبة بما قدمت ذكره عن جماعة الإمامية، ومن بعد ذلك إنها مقبولة من كل عاص ما لم ييأس من الحياة، قال الله – عز وجل -: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن، ولا الذين يموتون وهم كفار) وقوله سبحانه: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون). ولست أعلم بين أهل العلم كافة في هذا الباب اختلافا.
٦٨ – القول في حقيقة التوبة
أقول: إن حقيقة التوبة هو الندم على ما فات على وجه التوبة إلى الله – عز وجل -، وشرطها هو العزم على ترك المعاودة إلى مثل ذلك الذنب في جميع حياته (١)، فمن لم يجمع في توبته من ذنبه ما ذكرناه فليس بتائب، وإن ترك فعل أمثال ما سلف منه من معاصي الله – عز وجل -، وهذا مذهب جمهور أهل العدل ولست أعرف فيه لمتكلمي الإمامية شيئا أحكيه (٢)، وعبد السلام الجبائي ومن اتبعه يخالفون فيه.
٦٩ – القول في التوبة من القبيح مع الإقامة على مثله في القبح
أقول: إن التوبة من ذلك تصح وإن اعتقد التائب قبح ما يقيم عليه إذا اختلفت الدواعي في المتروك والمعزوم (١) عليه، فأما إذا اتفقت الدواعي فيه فلا تصح التوبة منه، وهذا مذهب جميع أهل التوحيد سوى أبي هاشم الجبائي فإنه زعم أن التوبة لا تصح من قبيح مع الإقامة على ما يعتقد قبحه وإن كان حسنا فضلا عن أن يكون قبيحا.
٧٠ – القول في التوبة من مظالم العباد
أقول: إن من شرط التوبة إلى الله سبحانه من مظالم العباد الخروج إلى المظلومين من حقوقهم بأدائها إليهم أو باستحلالهم منها على طيبة النفس بذلك والاختيار (٢) له، فمن عدم منهم صاحب المظلمة وفقده خرج إلى أوليائه من ظلامته أو استحلهم منها على ما ذكرناه، ومن عدم الأولياء حقق (٣) العزم على الخروج إليهم متى وجدهم واستفرغ الوسع في ذلك بالطلب في حياته والوصية له بعد وفاته، ومن جهل أعيان المظلومين أو مواضعهم (٤) حقق العزم والنية في الخروج من الظلامة إليهم متى عرفهم وجهد وأجهد نفسه في التماسهم، فإذا خاف فوت ذلك بحضور أجله وصى به على ما قدمناه، ومن لم يجد طولا لرد
٣ – حقق العدم ألف و ب.
٤ – أو بواسطة منعهم ج.
٧١ – القول في التوبة من قتل المؤمنين (١)
أقول: من قتل مؤمنا على وجه التحريم لدمه دون الاستحلال ثم أراد التوبة مما فعله فعليه أن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا استقالوا منه وإن شاؤوا ألزموه الدية وإن شاؤوا عفوا عنه، وإن لم يفعل ذلك لم (٢) تقبل توبته وإن فعله كانت توبته مقبولة وسقط عنه بها عقاب ما حناه. وبهذا نطق القرآن و عليه انعقد الإجماع، وإنما خالف فيه شذاذ من الحشوية والعوام. فأما القول فيمن استحل دماء المؤمنين وقتل منهم مؤمنا على الاستحلال فإن العقل لا يمنع من توبته وقبول التوبة منه، لكن السمع ورد عن الصادقين من أئمة الهدى (ع) أنه من فعل ذلك لم يوفق للتوبة أبدا ولم يتب على الوجه الذي يسقط عنه العقاب به مختارا لذلك غير مجبر ولا مضطر كما ورد الخبر عنهم (ع): (إن ولد
٧٢ – باب القول في بيان العلم بالغائبات وما يجري مجراها من الأمور
المستنبطات، وهل يصح أن يكون اضطرارا أم جميعه من جهة الاكتساب؟
وأقول: إن العلم بالله – عز وجل – وأنبيائه (ع) بصحة دينه الذي ارتضاه و كل شئ لا يدرك حقيقته بالحواس ولا يكون المعرفة به قائمة في البداية وإنما يحصل بضرب من القياس لا يصح أن يكون من جهة الاضطرار، ولا يحصل على الأحوال كلها إلا من جهة الاكتساب (٢) كما لا يصح وقوع العلم بما طريقه الحواس من جهة القياس ولا يحصل العلم في حال من الأحوال بما (٣) في البداية من جهة القياس. وهذا قد تقدم زدنا فيه شرحا هيهنا للبيان، وإليه يذهب جماعة البغداديين ويخالف فيه البصريون من المعتزلة والمشبهة وأهل القدر و الارجاء.
٣ – بها د.
٧٣ – القول في العلم بصحة الأخبار وهل يكون فيه (١) اضطرار
أم جميعه اكتساب؟
وأقول: إن العلم بصحة جميع الأخبار طريقه الاستدلال وهو حاصل من جهة الاكتساب، ولا يصح وقوع شئ منه بالاضطرار، والقول فيه كالقول في جملة الغائبات. وإلى هذا القول يذهب جمهور البغداديين ويخالف فيه البصريون والمشبهة وأهل الاجبار (٢).
٧٤ – القول في حد التواتر من الأخبار
وأقول: إن التواتر المقطوع بصحته في الأخبار هو نقل الجماعة التي يستحيل في العادة أن تتواطأ على افتعال خبر فينطوي ذلك ولا يظهر على البيان، وهذا أمر يرجع إلى أحوال الناس واختلاف دواعيهم وأسبابهم، والعلم بذلك راجع إلى المشاهدة (٣) والوجود، وليس يتصور للغائب (٤) عن ذلك بالعبارة والكلام. وهذا مذهب أصحاب التواتر من البغداديين ويخالف فيه البصريون و يحدونه بما أوجب علما على الاضطرار.
٣ – المشاهدات د.
٤ – التعاقب ألف التعبير ج.
٧٥ – القول فيما يدرك بالحواس، وهل العلم به من فعل الله تعالى
أو فعل العباد؟
وأقول: إن العلم بالحواس على ثلاثة أضرب: فضرب هو من فعل الله تعالى، وضرب من فعل الحاس، وضرب من فعل غيره من العباد.
فأما فعل الله تعالى فهو ما حصل للعالم به عن سبب من الله تعالى كعلمه بصوت الرعد ولون البرق (١) ووجود الحر والبرد وأصوات الرياح وما أشبه ذلك مما يبدو (٢) للحاس من غير أن يتعمل (٣) لإحساسه ويكون بسبب من الله سبحانه ليس للعباد فيه اختيار.
فما فعل الحاس فهو ما حصل له عقيب فتح بصره أو الإصغاء بأذنه أو التعمل (٤) لإحساسه بشئ من حواسه أو بفعله السبب الموجب لإحساس المحسوس وحصول العلم به.
وأما فعل غير الحاس من العباد فهو ما حصل للحاس بسبب من بعض العباد كالصائح بغيره وهو غير متعمل (٥) لسماعه أو المولم له فلا يمتنع من العلم بالألم عند إيلامه وما أشبه ذلك. وهذا مذهب جمهور المتكلمين من أهل بغداد ويخالف فيه من سميناه.
٤ – التعمد ب.
٥ – متعمد ألف معتمل د.
٧٦ – القول في أهل الآخرة، وهل هم مأمورون أو غير مأمورين؟
وأقول: إن أهل الآخرة مأمورون (١) بعقولهم بالسداد، ومحسن لهم ما حسن لهم في دار الدنيا من الرشاد، وإن القلوب لا تنقلب عما هي عليه الآن و لا تتغير عن حقيقتها على كل حال. وهذا مذهب متكلمي أهل بغداد ويخالف فيه البصريون ومن ذكرناه.
٧٧ – القول في أهل الآخرة، وهل هم مكلفون أو غير مكلفين؟
وأقول: إن أهل الآخرة صنفان:
فصنف منهم في الجنة وهم فيها مأمورون بما يؤثرون (٢) ويخف على طباعهم ويميلون إليه ولا يثقل عليهم من شكر المنعم سبحانه وتعظيمه و حمده على تفضله عليهم وإحسانه إليهم وما أشبه ذلك من الأفعال، وليس الأمور لهم بما وصفناه إذا كانت الحال فيه ما ذكرناه تكليفا لأن التكليف إنما هو إلزام ما يثقل على الطباع ويلحق بفعله المشاق.
والصنف الآخر في النار وهم من العذاب وكلفه ومشاقه وآلامه على ما لا يحصى من أصناف التكليف للأعمال، وليس يتعرون من الأمر والنهي بعقولهم (٣) حسب ما شرحناه، وهذا قول الفريق الذي قدمناه ويخالف فيه من الفرق من سميناه وذكرناه.
٣ – يقول هم ألف.
٧٨ – القول في أهل الآخرة، وهل هم مختارون لأفعالهم أو مضطرون
أم ملجئون على ما يذهب إليه أهل الخلاف؟
وأقول: إن أهل الآخرة مختارون لما يقع منهم من الأفعال وليسوا مضطرين ولا ملجئين وإن كان لا يقع منهم الكفر (١) والعناد.
وأقول: إن الذي يرفع توهم وقوع الفساد منهم وقوع (٢) دواعيهم إليه لا ما ذهب إليه من خالف في ذلك من الالجاء والاضطرار. وهو مذهب متكلمي البغداديين، وكان أبو الهذيل العلاف يذهب إلى أن أهل الآخرة مضطرون إلى الأفعال، والجبائي وابنه يزعمان أنهم ملجئون إلى الأعمال.
٧٩ – القول في أهل الآخرة وهل يقع منهم قبيح من الأفعال؟
أقول: إن أهل الآخرة صنفان:
فصنف من أهل الجنة مستغنون عن فعل القبيح، ولا يقع منهم شئ منه على الوجوه كلها والأسباب، لتوفر دواعيهم إلى محاسن الأفعال وارتفاع دواعي فعل القبيح عنهم على كل حال.
والصنف الآخر من أهل النار قد يقع منهم القبيح على غير العناد، قال الله
٨٠ – القول في المقطوع والموصول
وأقول: إن كل عمل ذي أجزاء من الفعل أمر الله تعالى بالإتيان به على الكمال وجعله مفترضا وسنة يستحق به الثواب كالصلاة والصيام والزكاة والحج وأشباه ذلك من الطاعات، ثم علم سبحانه أن العبد يقطعه قبل تمامه مختارا أو يفسده متعمدا ترك كماله، فإنه لا يقع منه شئ على وجه القربة إليه – جل اسمه -، ومتى ابتدء به لقربة الله تعالى في الحقيقة فلن يقطعه فاعله مختارا ولن يفسده بترك كماله متعمدا ولا بد أن يصله حتى يأتي به على نظامه مؤثرا لذلك مختارا. وهذا الباب لاحق بباب الموافاة في معناه. وهو مذهب هشام بن الفوطي من المعتزلة وزرارة بن أعين ومحمد بن الطيار و جماعة كثيرة من متكلمي الإمامية، ويخالف فيه جمهور المعتزلة وسائر الزيدية وأكثر أهل التشبيه وطوائف من المرجئة.
باب (١) القول في اللطيف (٢) من الكلام
٨٢ – القول في الجواهر
الجواهر عندي هي الأجزاء التي تتألف منها الأجسام، ولا يجوز على كل واحد في نفسه الانقسام، وعلى هذا القول أهل التوحيد كافة سوى شذاذ من أهل الاعتزال ويخالف فيه الملحدون ومن المنتمين إلى الموحدين إبراهيم بن سيار النظام.
٨٣ – القول في الجواهر أهي متجانسة أم بينها (٣) اختلاف؟
وأقول: إن الجواهر كلها متجانسة، وإنما تختلف بما يختلف في نفسه من الأعراض، وعلى هذا القول جمهور الموحدين.
٣ – جملة (أم بينها اختلاف وأقول إن الجواهر كلها متجانسة) سقطت من نسخة ب.
٨٤ – القول في الجواهر، ألها مساحة في نفسها وأقدار؟
أقول: إن الجوهر له قدر في نفسه وحجم من أجله كان له حيز في الوجود، وبه فارق معنى ما خرج عن حقيقته، وعلى هذا القول أكثر أهل التوحيد.
٨٥ – القول في حيز الجواهر والأكوان
وأقول: إن كل جوهر فله حيز في الوجود، وإنه لا يخلو عن عرض يكون به في بعض المحاذيات أو ما يقدره تقدير ذلك، وهذا العرض يسميه بعض المتكلمين كونا، وعلى هذا القول أكثر أهل التوحيد.
٨٦ – القول في الجواهر وما يلزمها من الأعراض
أقول: إن كل عرض يصح حلوله في الجوهر ويكون الجوهر محتملا لوجوده، فإنه لا يخلو منه أو مما يعاقبه من الأعراض، وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وأبي علي الجبائي ومن قبلهما أكثر المتكلمين، وخالف فيه عبد السلام بن محمد الجبائي وأجاز خلو الجواهر من الألوان والطعوم والأراييح ونحو ذلك من الأعراض.
٨٧ – القول في بقاء (١) الجواهر
أقول: إن الجواهر مما يصح عليها البقاء وإنها توجد أوقاتا كثيرة ولا تفنى
٨٨ – القول في الجواهر هل تحتاج إلى مكان؟
أقول: إنه لا حاجة للجواهر إلى الأماكن من حيث كانت جواهر إلا أن تتحرك أو تسكن فلا بدلها في الحركة والسكون من المكان وعلى غنائها عن المكان كافة الموحدين، وفي حاجتها إليه عند الحركة والسكون جمهورهم، و يخالف في ذلك الجبائي وابنه عبد السلام.
٨٩ – القول في الأجسام
أقول: إن الأجسام هي الجواهر المتألفة طولا وعرضا وعمقا، وأقل ما تتألف منه الأجسام ثمانية أجزاء، اثنان منها أحدهما فوق صاحبه طولا، واثنان يليان هذين الاثنين من جهة اليمين أو الشمال يصير بذلك عرضا، وأربعة تلقاء هذه الأربعة فيحصل بذلك عمق، وعلى هذا القول جماعة من المتكلمين.
وقد زعم قوم أن الجسم يتألف من ستة أجزاء، وقال آخرون إنه يتألف من أربعة أجزاء، وذهب قوم إلى أن حقيقة الجسم هو المؤلف وقد يكون ذلك من جزئين، فالأجسام من نوع ما يبقى، وقد ذكرت ذلك في الجواهر المنفردة و
٩٠ – القول في الأعراض
أقول: الأعراض هي المعاني المفتقرة في وجودها إلى المحال، ولا يجوز على شئ منها البقاء، وهذا مذهب أكثر البغداديين، وقد خالف فيه البصريون و غيرهم من أهل النحل والآراء.
٩١ – القول في قلب الأعراض وإعادتها
أقول: إن ذلك محال لا يصح بدلائل يطول ذكرها، وهو مذهب أبي القاسم وجميع من نفى بقاء الأعراض من الموحدين.
٩٢ – القول في المعدوم
وأقول: إن المعدوم هو المنفي العين الخارج عن صفة الموجود، وأقول (١) إنه لا جسم ولا جوهر ولا عرض ولا شئ على الحقيقة، وإن سميته بشئ من هذه الأسماء فإنما تسميه به مجازا، وهذا مذهب جماعة من بغدادية المعتزلة و أصحاب المخلوق. والبلخي يزعم أنه شئ ولا يسميه بجسم ولا جوهر و لا عرض، والجبائي وابنه يزعمان أن المعدوم شئ وجوهر وعرض، والخياط يزعم إنه شئ وعرض وجسم.
٩٣ – القول في ماهية العالم
وأقول: العالم هو السماء والأرض وما بينهما وما فيهما من الجواهر والأعراض، ولست أعرف بين أهل التوحيد خلافا في ذلك.
٩٤ – القول في الفلك
أقول: إن الفلك هو المحيط بالأرض الدائر عليها وفيه الشمس والقمر و ساير النجوم، والأرض في وسطه بمنزلة النقطة في وسط الدائرة، وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة كثيرة من أهل التوحيد ومذهب أكثر القدماء والمنجمين، وقد خالف فيه جماعة من بصرية المعتزلة وغيرهم من أهل النحل.
٩٥ – القول في حركة الفلك
أقول: إن المتحرك من الفلك من جهة الامكان ما اختص منه بالمكان و من جهة الوجوب ما لاقى الهواء وقطع بحركته المكان، وأما ما (١) يلي صفحته العليا فإنها لا متحركة ولا ساكنة لأنها في غير مكان، وأقول إن المتحرك منه إنما يتحرك حركة دورية كما يتحرك الدائر على الكرة، وإلى هذا يذهب البلخي و جماعة من الأوائل وكثير من أهل التوحيد.
٩٦ – القول في الأرض وهيئتها وهل هي متحركة أو ساكنة؟
أقول: إن الأرض على هيئة الكرة في وسط الفلك وهي ساكنة لا تتحرك،