نهج الحق وكشف الصدق / الصفحات: ٣٠١ – ٣٢٠
ثم قال: بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد، إذ مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله، فضربني برجله، وقال: لا أراك نائما في المسجد، قلت: بأبي أنت وأمي: غلبتني عيني فنمت فيه: فقال: كيف تصنع إذا أخرجوك منه؟
قلت: إذن ألحق بالشام فإنها أرض مقدسة، وأرض بقية الإسلام، وأرض الجهاد، فقال: كيف تصنع إذا أخرجوك منها؟ قلت: أرجع إلى المسجد فقال: كيف إذا أخرجوك منه؟ قلت: آخذ سيفي فأضربه، فقال صلى الله عليه وآله:
ألا أدلك على خير من ذلك، إنسق معهم حيث ساقوك، وتسمع وتطيع، فسمعت وأطعت، وأنا أسمع وأطيع، والله ليقتلن الله عثمان وهو آثم في جنبي (٣).
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٢٤٠ ومسند أحمد ج ٥ ص ١٥٦.
تعطيل عثمان الحد على ابن عمر
ومنها: أنه عطل الحد الواجب على عبيد الله بن عمر بن الخطاب، حيث قتل الهرمزان مسلما، فلم يقده به، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يطلبه لذلك.
قال القاضي: إن للإمام أن يعفو، ولم يثبت: أن أمير المؤمنين (ع) كان يطلبه ليقتله، بل ليضع من قدره.
أجاب المرتضى: بأنه ليس له أن يعفو، وله جماعة من فارس لم يقدموا خوفا، وكان الواجب أن يؤمنهم عثمان، حتى يقدموا ويطلبوا بدمه، ثم لو لم يكن له ولي لم يكن لعثمان العفو.
أما أولا: فلأنه قتل في أيام عمر، وكان هو ولي الدم، وقد أوصى عمر بأن يقتل عبيد الله إن لم تقم البينة العادلة على الهرمزان وجفينة أنهما أمرا أبا لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بقتله، وكانت وصيته إلى أهل الشورى، فلما مات عمر طلب المسلمون قتل عبيد الله كما أوصى عمر، فدافع، وعللهم، وحمله إلى الكوفة، وأقطعه بها دارا وأرضا، فنقم المسلمون منه ذلك، وأكثروا الكلام فيه.
وأما ثانيا: فلأنه حق لجميع المسلمين، فلا يكون للإمام العفو عنه، وأمير المؤمنين (ع) إنما طلبه ليقتله، لأنه مر عليه يوما فقال له أمير المؤمنين: أما والله لئن ظفرت بك يوما من الدهر، لأضربن عنقك، فلهذا خرج مع معاوية (١).
براءة الصحابة من عثمان يوم الدار
ومنها: أن الصحابة تبرأوا منه، فإنهم تركوه بعد قتله ثلاثة أيام لم يدفنوه، ولا أنكروا على من أجلب عليه من أهل الأمصار، بل أسلموه، ولم يدافعوا عنه بل أعانوا عليه، ولم يمنعوا من حصره، ولا من منع الماء عنه، ولا من قتله، مع تمكنهم من ذلك كله.
وروى الواقدي: أن أهل المدينة منعوا من الصلاة عليه حتى حمل بين المغرب والعتمة، ولم يشهد جنازته غير مروان، وثلاثة من مواليه، ولما أحسوا بذلك رموه بالحجارة، وذكروه بأسوأ الذكر، ولم يقع التمكن من دفنه، إلا بعد أن أنكر أمير المؤمنين المنع من دفنه (١).
عثمان يستهزئ بالشريعة
ومنها: أنه كان يستهزئ بالشرائع، ويجترئ على المخالفة لها.
في صحيح مسلم: أن امرأة دخلت على زوجها فولدت لستة أشهر، فذكر ذلك لعثمان بن عفان، فأمر بها أن ترجم، فدخل عليه علي، فقال:
وفي تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٦٥ والاستيعاب هامش الإصابة ج ٣ ص ٨٠ رويا عن مالك:
لما قتل عثمان رضي الله عنه ألقي على مزبلة ثلاثة أيام، ثم دفن في حش كوكب.
كيف استجاز أن يقول هذا القول، ويقدم على قتل امرأة مسلمة عمدا من غير ذنب، وقد قال الله تعالى: ” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذابا عظيما (٤)، وقال تعالى: ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ” (٥) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ” (٦) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ” (٧).
وفي الجمع بين الصحيحين: أن عثمان وعليا حجا، ونهى عثمان عن المتعة، وفعلها أمير المؤمنين، وأتى بعمرة التمتع، فقال عثمان: أنهى الناس وأنت تفعل؟ فقال أمير المؤمنين: ما كنت لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله بقول أحد (٨).
وفي الجمع بين الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وآله صلى صلاة المسافر بمنى وغيرها ركعتين، وكذا أبو بكر وعمر، وعثمان في صدر خلافته، ثم أتمها أربعا (٩).
وفيه: عن عبد الله بن عمر: قال: صلى بنا رسول الله بمنى ركعتين، وأبو بكر، وعمر، وعثمان صدرا من خلافته، ثم إن عثمان صلى بعد أربعا (١٠)
(٣) الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠ وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٣٨٩
(٤) النساء: ٩٣
(٥) المائدة: ٤٤ و ٤٥ و ٤٧
(٦) المائدة: ٤٤ و ٤٥ و ٤٧
(٧) المائدة: ٤٤ و ٤٥ و ٤٧
(٨) صحيح مسلم ج ٢ ص ٥٣٩ باب جواز التمتع، وصحيح البخاري ج ٢ ص ١٦٧
(٩) صحيح البخاري ج ٢ ص ٥١، وصحيح مسلم ج ١ ص ٢٦٧
(١٠) صحيح البخاري ج ٢ ص ٥١، وصحيح مسلم ج ١ ص ٢٦٧.
وفي تفسير الثعلبي في قوله تعالى: ” إن هذان لساحران، (٢) ” قال عثمان: إن في المصحف لحنا، وستقومه العرب بألسنتهم، فقيل له:
ألا تغيره، فقال: دعوه لا يحلل حراما، ولا يحرم حلالا.
وفي صحيح مسلم: أن رجلا مدح عثمان، فعمد المقداد فجثا على ركبتيه، وكان رجلا ضخما، فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال عثمان:
ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ” إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في وجوههم التراب (٣).
مع أن المقداد كان عظيم الشأن، كبير المنزلة، حسن الرأي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” قد مني قدا ” (٤). وهذا يدل على سقوط مرتبة عثمان عنده، وأنه لا يستحق المدح، مع أن الصحابة قد كان يمدح بعضهم بعضا من غير نكير.
ومنها: جرأته على رسول الله صلى الله عليه وآله.
روى الحميدي في تفسير قوله تعالى: ” ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ” (٥)، قال السدي: لما توفي أبو سلمة، وخنيس بن حذافة، وتزوج النبي امرأتيهما أم سلمة وحفصة، قال طلحة وعثمان: أينكح محمد نساءنا إذا متنا، ولا ننكح نساءه إذا مات؟، والله، لو قد مات لقد أجلبنا على
(٣) صحيح مسلم ج ٢ ص ٣٥٥، كتاب الزهد باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط.
(٤) الأحزاب: ٥٣
(٥) وله فضائل أخرى راجع إلى طبقات ابن سعد ج ٣ ص ١٦١ ط بيروت والإصابة ج ٣ ص ٤٥٤.
إن عثمان مطعون في القرآن
ومنها: ما رواه السدي من الجمهور في تفسير قوله تعالى: ” ويقولون:
آمنا بالله وبالرسول، وأطعنا ” (٤)، الآيات.
قال السدي: نزلت هذه في عثمان بن عفان، قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله بني النضير، فغنم أموالهم، قال عثمان لعلي: إئت رسول الله، فسله أرض كذا وكذا، فإن أعطاكها فأنا شريكك فيها، وآتيه أنا فأسأله فإن أعطانيها، فأنت شريكي، فسأله عثمان أولا، فأعطاه إياها، فقال له علي: أشركني، فأبى عثمان، فقال: بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وآله، فأبي أن يخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقيل له: لم لا تنطلق معه إلى النبي؟
فقال: هو ابن عمه، فأخاف أن يقضي له، فنزل قوله تعالى: ” وإذا دعوا إلى الله ورسوله ” (٥)، إلى قوله تعالى: ” أولئك هم الظالمون “، فلما بلغ عثمان ما أنزل الله فيه أتى النبي صلى الله عليه وآله فأقر لعلي بالحق.
أراد عثمان أن يتهود
ومنها: ما رواه السدي في تفسير قوله تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض ” (٦) الآية.
قال السدي: لما أصيب النبي صلى الله عليه وآله بأحد قال عثمان: لألحقن بالشام،
(٣) الأحزاب: ٥٣، ٥٤ و ٥٧
(٤) النور ٤٧، ٦٨ إلى ٥٠
(٥) النور ٤٧، ٦٨ إلى ٥٠
(٦) المائدة: ٥١.
فأقبل طلحة إلى النبي صلى الله عليه وآله وعنده علي: فاستأذنه طلحة في المسير إلى الشام، وقال: إن لي بها مالا آخذه ثم انصرف، فقال النبي صلى الله عليه وآله:
عن مثلها من حال، تخذلنا وتخرج وتدعنا، فأكثر على النبي صلى الله عليه وآله من الاستئذان، فغضب علي (ع)، وقال: يا رسول الله، إئذن لابن الحضرمية، فوالله لا عز من نصره، ولا ذل من خذله، فكف طلحة عن الاستئذان عند ذلك، فأنزل الله تعالى فيهم: ” ويقول الذين آمنوا: أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم، حبطت أعمالهم ” (١)، يعني أولئك يقول: إنه يحلف لكم أنه مؤمن معكم فقد حبط عمله بما دخل فيه من أمر الإسلام حتى نافق فيه (٢).
ما رواه الجمهور في حق معاوية
معاوية وأصحابه هم الفئة الباغية
المطلب الرابع: في مطاعن معاوية وهي أكثر من أن تحصى، وقد روى الجمهور منها أشياء كثيرة.
منها: ما روى الحميدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ويح عمار تقتله الفئة الباغية (٣) بصفين، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ” (٤)، فقتله معاوية.
(٣) وفي الإصابة ج ٢ ص ٥١٢، وفي هامشها الاستيعاب ص ٤٨٠ وفي تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٤٠٩، قالوا: وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله: أن عمارا تقتله الفئة الباغية.
(٤) شرح النهج ج ٣ ص ٢٧٢ ومروج الذهب ج ٢ ص ٣٨١.
نسب معاوية واستلحاقه لزياد
ومنها: ما رواه أبو المنذر هشام بن محمد السائب في كتاب: ” مثالب “، قال: كان معاوية لأربعة: لعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي، ولمسافر ابن عمرو، ولأبي سفيان، ولرجل آخر سماه.
وكانت هند أمه من المعلمات، وكان أحب الرجال إليها السودان، وكانت إذا ولدت أسود قتلته.
وأما حمامة، فهي بعض جدات معاوية، كان لها راية بذي المجاز، يعني من ذوات الغايات في الزنا (١).
وادعى معاوية أخوة زياد، وكان له مدع يقال له: أبو عبيد عبد بني علاج من ثقيف، فأقدم معاوية على تكذيب ذلك الرجل، مع أن زيادا ولد على فراشه.
وادعى معاوية: أن أبا سفيان زنا بوالدة زياد، وهي عند زوجها المذكور، وأن زيادا من أبي سفيان (٢).
فانظر إلى هذا الرجل، بل إلى القوم الذين يعتقدون فيه الخلافة، وأنه حجة الله في أرضه، والواسطة بينهم وبين ربهم، وينقلون عنه: أنه ولد الزنا، وأن أباه زنى بأخته (٣)، هل يقاس بمن قال الله في حقه: ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” (٤)؟
(٣) نقله فضل بن روزبهان عن مؤلفنا، من دون غمز في سنده.
(٤) الأحزاب: ٣٣.
دعاء النبي صلى الله عليه وآله على معاوية
منها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عليه.
وروى مسلم في الصحيح، عن ابن عباس، قال: كنت ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله، فتواريت خلف باب، قال: فحطأني حطأة، وقال: إذهب فادع لي معاوية. قال: فجئت، فقلت: هو يأكل، فقال: لا أشبع الله بطنه، قال ابن المثنى: قلت لأمية: ما حطأني؟ قال:
فقدني فقدة (١).
فلو لم يكن عنده معاوية من أشد المنافقين، لما دعا عليه، لأنه كما وصفه الله تعالى: ” وإنك لعلى خلق عظيم ” (٢) وقال في حقه: ” فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ” (٣)، ” فلعلك باخع نفسك على آثارهم ” (٤) ومن يقارب قتل نفسه على الكفار، كيف يدعو على مسلم عنده؟
وقال الله تعالى: ” إن تستغفر لهم سبعين مرة (٥)، فقال صلى الله عليه وآله: والله لأزيدن على السبعين (٦).
وقد ورد في تفسير: ” إنك لعلى خلق عظيم “: أن النبي صلى الله عليه وآله كلما آذاه الكفار من قومه، قال: اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون، فلو لم يكن عنده منافقا لكان يدعو له، ولا يدعو عليه.
وكيف جاز لمعاوية: أن يعتذر بالأكل، مع أنه صلى الله عليه وآله قال: لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأهله، وماله، وولده (٧) حتى
(٣) فاطر: ٨
(٤) الكهف: (٦)
(٥) التوبة: ٨٠
(٦) تفسير الخازن ج ٢ ص ٢٦٦ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٤
(٧) صحيح مسلم ج ١ ص ٣١ والبخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان.
إن معاوية طعن في خلافة عمر
ومنها: أنه قال: أنا أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب.
روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال: قال عبد الله بن عمر:
دخلت على حفصة ونسواتها (ونسوانها) تنظف، قلت: قد كان من أمر الناس ما تبين (ما ترين) فلم يحصل لي من الأمر شئ، فقالت: إلحق بهم، فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية فقال: من أراد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق منه ومن أبيه.
قال الحميدي: وأراد عبد الله أن يجيب معاوية، فأمسك عن الجواب (١).
فإن كان ما يقوله معاوية حقا، فقد ارتكب عمر الخطأ في أخذه الخلافة، وإن كان باطلا فكيف يجوز تقديمه على طوائف المسلمين؟.
لعن النبي صلى الله عليه وآله معاوية
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يلعنه دائما، ويقول: الطليق بن الطليق، اللعين بن اللعين.
وقال: إذا رأيتم معاوية على منبري، فاقتلوه.
وكان من المؤلفة قلوبهم، ولم يزل مشركا مدة كون النبي صلى الله عليه وآله مبعوثا، يكذب بالوحي، ويهزأ بالشرع.
وكان يوم الفتح باليمن يطعن على رسول الله صلى الله عليه وآله، ويكتب إلى أبيه
ومنها: أنه روى عبد الله بن عمر، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله فسمعته يقول: يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي، فطلع معاوية (٢).
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله كان ذات يوم يخطب، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد، وخرج، ولم يسمع الخطبة. فقال النبي صلى الله عليه وآله: لعن الله القائد والمقود، أي يوم يكون لهذه الأمة من معاوية ذي الاستاه (٣)!.
سب معاوية عليا (ع)
ومنها: أنه سب أمير المؤمنين (ع) (٤)، مع الآيات التي نزلت في تعظيمه، وأمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله بالاستعانة به على الدعاء يوم المباهلة،
(٣) رواه الزمخشري في ربيع الأبرار، كما في إحقاق الحق، الطبعة القديمة. ولكن ربما يقال:
إن يزيدا لم يكن قد ولد بعد، فلعل المقصود هو قضية: أن معاوية كان يقود أبا سفيان، ويزيد بن أبي سفيان كان يسوق به، فرآهم النبي صلى الله عليه وآله فقال هذه الكلمة.
(٤) أسد الغابة ج ١ ص ١٣٤ والإصابة ج ١ ص ٧٧ والكامل لابن الأثير ج ٣ ص ٢٠٣ و ٢٠٧ وتاريخ الخلفاء ص ١٩٠ والعقد الفريد ج ٢ ص ١٤٤ والصواعق المحرقة ص ٣٣.
أعلى المنابر تعلنون بسبه | وبسيفه نصبت لكم أعوادها؟ |
نماذج أخرى من نسب معاوية وأنسابه وهم الشجرة الملعونة:
ومنها: سم مولانا الحسن عليه السلام (٢).
وقتل ابنه يزيد مولانا الحسين عليه السلام، وسلب نساءه (٣).
وهدم الكعبة.
ونهب المدينة، وأخافهم (٤).
وكسر أبوه ثنية النبي صلى الله عليه وآله (٥).
وأكلت أمه كبد الحمزة (٦).
فما أدري: كيف يكون العقل الذي قاد إلى من أحاطت به هذه الرذائل، وإلى متابعته؟.
مــن يـكــن تـاركـا ولاء عـلـي | لست أدعوه مؤمنا وذكيا |
كـيـف بيـن الأنام يـذكر سـبـا | للذي كان للنبي وصيا؟ |
ليس قولي لفاعل السب إلا، | لعن الله من يسب عليا |
ونحن نقول: لعن الله عدو مولانا علي وأولاده المعصومين، ومبغضيهم ومعانديهم، إلى يوم الدين.
(٢) رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ٤ ص ٤ و ٧، عن المدائني وفي ص ١١ و ١٧ عن أبي الفرج، والاستيعاب هامش الإصابة ج ١ ص ٣٧٥، ومروج الذهب ج ٢ ص ٤٢٧
(٣) وهذه من المتواترات المشهورة عند كل أحد.
(٤) الإمامة والسياسة ج ١ ص ٢١١ و ج ٢ ص ١٤ ومروج الذهب ج ٣ ص ٦٨ و ٧١ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٣٧ و ٢٣٨
(٥) ذكره حفاظ الحديث والتاريخ، منهم: أحمد بن حنبل في مسنده ج ١ ص ٣١
(٦) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣٩.
ومنها: ما رواه كتاب: ” الهاوية ” فيه: أن معاوية قتل أربعين ألفا من المهاجرين، والأنصار، وأولادهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله من أعان على قتل امرئ مسلم، ولو بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوبا على جبهته آيس من رحمة الله (١).
وفيه: عن ابن مسعود: لكل شئ آفة وآفة هذا الدين بنو أمية (٢)، والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
فلينظر العاقل المنصف: هل يجوز له أن يجعل مثل هذا الرجل واسطة بينه وبين الله عز وجل؟ وأنه تجب طاعته على جميع الخلق؟ وقد نقل الجمهور أضعاف ما قلناه، وقد كان ظلم معاوية معروفا عند كل أحد حتى النساء.
روى الجمهور: أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب، دخلت على معاوية في خلافته بالشام، وهي يومئذ عجوز كبيرة، فلما رآها معاوية،
والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى، ووقائعه الردية أشهر من أن تذكر.
ما رووه في مطاعن الصحابة
المطلب الخامس: فيما رواه الجمهور في حق الصحابة.
روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، في مسند سهل بن سعد، في الحديث الثامن والعشرين من المتفق عليه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” أنا فرطكم على الحوض، من ورد شرب، ومن شرب لم يظمأ، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم ” (١).
قال أبو حازم: فسمع النعمان بن أبي عياش، وأنا أحدثهم هذا الحديث، فقال: هكذا سمعت سهلا يقول؟؟ قال: فقلت: نعم، قال: أنا أشهد على أبي سعيد الخدري، لسمعته يزيد على اللفظ المذكور:
فيقول: ” إنهم من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول:
سحقا سحقا لمن بدل بعدي (٢).
وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، من المتفق عليه في الحديث الستين، من مسند عبد الله بن عباس، عنه قال: ألا إنه سيجاء برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقال:
إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شئ شهيد، إن تعذبهم فإنهم عبادك، قال: فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم (٣).
وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي، في الحديث الحادي والثلاثين بعد المائة، من المتفق عليه من مسند أنس بن مالك، قال: إن النبي صلى الله عليه وآله قال: ليردن علي الحوض رجال ممن صحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي رؤوسهم. اختلجوا، فلأقولن: أي رب أصحابي؟ فليقالن لي:
إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (٤).
(٣) صحيح البخاري ج ٨ ص ١٣٦ و ١٥٠ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٦٥
(٤) صحيح البخاري ج ٨ ص ١٣٦ و ١٥٠ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٦٥.
ورووا نحو ذلك، من عدة طرق في مسند أسماء بنت أبي بكر، ومن عدة طرق في مسند أم سلمة، ومن عدة طرق في مسند سعيد بن المسيب، كل ذلك في الجمع بين الصحيحين (٢).
وفي الجمع بين الصحيحين أيضا، في مسند عبد الله بن مسعود، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا هويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (٣).
وروي نحو ذلك في مسند حذيفة بن اليمان، في الحديث السابع من المتفق عليه.
وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي، في مسند أبي الدرداء في الحديث الأول من صحيح البخاري، قالت أم الدرداء: دخل علي أبو الدرداء، وهو مغضب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف من أمة محمد صلى الله عليه وآله شيئا إلا أنهم يصلون جميعا (٤).
(٣) وفي مسند أحمد ج ٦ ص ٣٥١ وفي مسند أسماء بنت أبي بكر، وفي مسند أم سلمة ج ٦ ص ٢٩٠ و ٢٩٧ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٦٣ بتفاوت يسير.
(٤) وفي مسند أحمد ج ٥ ص ١٩٥ و ج ٦ ص ٤٤٣.
وفي الجمع بين الصحيحين، في الحديث التاسع والأربعين، من أفراد البخاري، من مسند أبي هريرة، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي ما أخذ الدول شبرا بشبر، ذراعا بذراع، فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ قال: ومن الناس إلا أولئك (١).
وفي الجمع بين الصحيحين، في الحديث الحادي والعشرين من المتفق عليه من مسند أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟. (٢) وروى البغوي، في كتاب ” المصابيح ” في حديث طويل في صفة الحوض، قال: قال رسول الله: أنا فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم أمتي؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقا سحقا لمن غير بعدي (٣).
الصحابة في القرآن ومثالب أخرى
وقد تضمن الكتاب العزيز وقوع أكبر الكبائر منهم، وهو الفرار من الزحف، فقال تعالى: ” ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت، ثم وليتم مدبرين ” (٤).
وكانوا أكثر من عشرة آلاف نفر، فلم يتخلف معه إلا سبعة أنفس:
علي بن أبي طالب، والعباس، والفضل ابنه، وربيعة، وأبو سفيان ابنا
(٣) مصابيح السنة ج ٢ ص ١٥٣، وصحيح مسلم ج ٤ ص ٦١ وصحيح البخاري ج ٨ ص ١٥٠
(٤) التوبة: ٢٥.
رووا أنهم كانوا إذا سمعوا بوصول تجارة تركوا الصلاة معه، والحياء منه، ومراقبة الله تعالى، وكذا في اللهو (٣).
ومن كان في زمانه معه بهذه المثابة، كيف يستبعد منه مخالفته بعد موته وغيبته عنهم بالكلية؟.
وقال تعالى: ” ومنهم من يلمزك في الصدقات ” (٤). اتهموا رسول الله صلى الله عليه وآله وهم من أصحابه.
وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين، في مسند أنس بن مالك في الحديث الحادي عشر من المتفق عليه: أن أناسا من الأنصار قالوا يوم حنين، حيث أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، وطفق رسول الله صلى الله عليه وآله يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل. فقالوا: يغفر الله لرسول الله، يعطي قريشا، ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم (٥).
وقال الحميدي في هذا لحديث، عن أنس: أن الأنصار قالت: إذا كانت شدة فنحن ندعى وتعطى الغنائم غيرنا.
(٣) راجع: تفسير الخازن ج ٤ ص ٢٨٨ وروح المعاني ج ٢٨ ص ٩١
(٤) التوبة: ٥٨
(٥) وراجع: صحيح البخاري ج ٤ ص ١١٤، وتفسير الخازن ج ٢ ص ٢٥٠ وفي الدر المنثور ج ٣ ص ٢٥٠ بلفظ آخر.
إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض، قال أنس: فلم نصبر (١).
قضية الإفك وروى مسلم في الصحيح، في حديث عائشة عن قضية الإفك، قالت:
قام رسول الله صلى الله عليه وآله على المنبر، فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي، فوالله، ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكر رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي، فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فقبلنا أمرك، قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال: لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال:
كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وآله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يعظهم حتى سكتوا وسكت (٢).
فلينظر العاقل المقلد في هذه الأحاديث المتفق على صحتها عندهم، كيف بلغوا الغاية في تقبيح ذكر الأنصار وفضائحهم، ورداءة صحبتهم لنبيهم في حياته، وقلة احترامهم له، وترك الموافقة؟ وكيف أحوجه الأمر إلى قطع الخطبة، ومنعوه من التألم من المنافق عبد الله بن أبي بن سلول،