الرئيسية / من / حركة قائد (فاغنر) في موسكو (ج2-ب)

حركة قائد (فاغنر) في موسكو (ج2-ب)

حركة قائد (فاغنر) في موسكو (ج2-ب)
تفكيك مسرح التمرُّد وأهدافه

حازم أحمد فضالة
26-حزيران-2023

لم نقرأ للكُتَّاب والإعلاميين… تفكيكًا لعناصر مسرح التمرد والانقلاب الذي يفترض بيفغيني أنه قاده، ولم نرَ قراءة لأدوات المعركة، وتضاريسها، وموازنة بين نقاط القوة والضعف للطرفين، ودوافع يفغيني، وأسباب نوع آلية الرد الروسي على التمرُّد، لأنَّ روسيا لا تُصَنِّف هذا النوع من التمرُّد -إن كان حقيقيًّا- (خيانة)! بل تُصَنِّفه (إرهابًا)، وتعالجه بأدوات معالجة الإرهاب. من أجل ذلك، نقول:

1- إنَّ يفغيني بريغوجين (قائد قوات فاغنر)، من رجالات الرئيس الروسي (بوتن) منذ عقود، وهنا لا نتكلم عن عامل الوفاء، لكن! نتكلم عن معرفة يفغيني الدقيقة برد فعل الرئيس بوتن مع (الإرهابيين)، وتهديد الأمن القومي لروسيا، التي ذكرناها في القسم الأول من هذا الجزء (ج2-أ).

2- إن كانت أميركا والغرب، هي صاحبة الدعم والخطة لما يسمى (تمرد يفغيني وانقلابه)، فإننا نسأل أصحاب هذا الرأي: ماذا تريد أميركا من يفغيني أن يحقق؟ يحتل موسكو والكرملين؟ يقلب ميزان حرب أوكرانيا؟ هل يتوقع أحد أن يفغيني لا يدري ماذا يريد؟ أو لدى يفغيني قناعة أنه يستطيع أن يرفع سلاحًا تقليديًّا دون دروع حديثة ودون غطاء جوي وصواريخ؛ بوجه روسيا العظمى، ويكون إرهابيًّا يتقلب في ظل (6000) رأس نووي؟

3- يفغيني عنده (20-25) ألف مقاتل، والجيش الروسي مع الاحتياط يتجاوز (4) مليون جندي، ومِساحة الاتحاد الروسي أكثر من (17) مليون كم مربع، ضعف مساحة الصين تقريبًا، فماذا يتوقع يفغيني إن كان هذا التمرد أو الانقلاب حقيقيًّا؟

4- هل تسمح روسيا العظمى ليفغيني أن يسيطر على مدينة (روستوف)، وهي المدينة الكبرى في جنوبي روسيا على نهر الدون، بها أكثر من مليون مواطن روسي، وهي مقر قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية الثابتة في حرب أوكرانيا، فضلًا عن موقعها الإستراتيجي لأهم الموانئ، والمطار العسكري… كيف تسمح روسيا بالسيطرة على هذه المدينة الإستراتيجية؟ وإذا كان يفغيني قد نجح في احتلال روستوف وتوجه إلى موسكو، فعلى وفق هذه المعايير العسكرية؛ يستطيع (النيتو) احتلال روسيا، منطلِقًا من أوكرانيا، ريثما يحتسي فنجان قهوة!

5- إنَّ مشاهد قصف طائرة (Ka-52) لإحدى ناقلات رتل فاغنر (المتوقف) في فورونيج؛ غير مقنعة، وكذلك تسجيل عملية انحراف صاروخ دفاع جوي أطلقته فاغنر، لاستهداف طائرة هليكوبتر (Ka-52) بعد إطلاق الهليكوبتر بالونات حرارية؛ لم تكن مقنعة، وكذلك (صورة) المروحية الروسية المحترقة، التي نُشِرَت بزعم أنَّ قوات فاغنر أسقطتها؛ لا تكون مقنعة حتمًا. كانت هذه مشاهد قابلة للصناعة، وهي مشاهد موازية للتهديد بالصِّدام المسلح مع فاغنر الذي أطلقته بعض الجهات العسكرية في روسيا، وقوات الشيشان؛ لكنَّ شيئًا من هذا لم يحدث! (لا يمكن أن يحدث)، لكن! هذه عناصر يتطلبها المسرح. (أين جثث الضحايا)!

6- الرئيس الروسي بوتن، لم يذكر في خطابه يوم الحادثة، قائد قوات فاغنر (يفغيني) بالاسم، ولو أنه ذكره لكان هذا تصريحًا بالقتل، لكن بوتن (عنده قصة أخرى مع يفغيني)، تختلف كثيرًا عن سطحية الحدث التي انزلقت عليها العقلية العربية والعراقية؛ إذ أثبتت هذه العقلية يا أسفي إخفاقًا ذريعًا في قراءة الحدث وتحليله.

7- نشرت وكالة رويترز، مقالًا عنوانه: (عدَّلَ البنتاغون الخطأ الحسابي في مساعدات أوكرانيا إلى (6.2) مليار دولار)، في: 21-حزيران-2023. المقال يتحدث عن وجود خطأ في قيمة الأسلحة المقدمة إلى أوكرانيا؛ إذ زاد البنتاغون في إحاطته حجم المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا زهاء (6.2) مليار دولار، منها (2.6) مليار دولار في السنة المالية (2022)، ومبلغ (3.6) مليار دولار في السنة المالية (2023). انتهى
ربط بعضهم بين هذا الخبر، وبين حركة يفغيني في روسيا، وتصوَّر أنَّ هذه الأموال قُدِّمت رشوة إلى قائد فاغنر لتنفيذ الانقلاب!! (تصوروا، تنفيذ انقلاب بخمسة وعشرين ألف جندي على (17) مليون كم مربع، مع (6000) رأس نووي، مع (4) مليون جندي)!

8- كنا نرصد يفغيني (قائد فاغنر)، يطلق عبارات التذمر من بداية مشاركته حرب أوكرانيا في (أرتيوموفسك)، (بحجة) التشكي من نقص الذخيرة، وغباء قيادة الجيش الروسي بإدارة الحرب، أو تقصير وزارة الدفاع… أي: شخصية مثل هذا يفترض أن تكون المؤسسة الأمنية الروسية، قد رصدتها وحللتها، واتخذت الاستعدادات اللازمة لتحييدها قبل تهديدها أمن موسكو، وكشْف قنوات الاتصال الاستخبارية بينها وبين الغرب! فلماذا تنام روسيا على خطر مثل هذا (إن كان التمرُّد والانقلاب حقيقيًّا)؟
انتظرونا في (ج2-ج الأخير).

https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...