أسبابُ الكذب عند الأطفالِ وآثارِه
إن الطفل في المرحلة الأولى من عمره قد يمارس الكذب بأن يختلق قصصاً لا وجود لها .
مثل أن يتحدث لأقرانه عن شراء أمه لفستان جميل ، أو شراء أبيه لسيارة فاخرة ، أو يتحدث لأمه عن الحيوان الجميل الذي رافقه في الطريق .
كما أن هناك نوعاً آخر من الكذب وهو إخفاء الحقيقة عن الآخرين ، مثل ادعاء الطفل أن صديقه قد كسر الزجاجة أو إنكاره لضرب أخته .
وكل هذه الأنواع من الكذب ليس من الطبيعي وجودها عند الأطفال ، لأن الصدق غريزة تولد معه ، ولا يندفع إلى الكذب الا لوجود معارض لغريزة الصدق عنده ، ويمكن إيجازُ أسبابِ الكذب عند الأطفال بما يأتي :
1 ـ جلب الانتباه :
حين تسمع الأم طفلها في المرحلة الأولى من عمره يتحدث لها عن أمور لا واقع لها ، فإن سبَبَهُ يرجع إلى حرصه في أن يحتل موقعاً خاصاً عند والديه اللذين لا يصغيان إليه حين يتحدث إليهما كالكبار ، فهو لا يفهم أن حديثه تافه لا معنى له .
وكذلك حين يتحدث للآخرين عن قضايا لا وجود لها فهو بهذه الطريقة أيضاً يحاول أن يجد عندهم مكاناً لِشَخصِيَّتِهِ بعد أن تَجَاهَلَهُ الأبوين في الأسرة .
2 ـ تعرضه للعقوبة :
حين تسأل الأم طفلَها الصغير عن حاجة قد تَهَشَّمَت أو أذىً أصاب أخاه أو عِلَّةَ اتساخِ ملابسِهِ ، فلا يقول الحقيقة ويدَّعي برائَتَه من هذه الأفعال ، في حين أن نفسه تَهرَعُ لقول الصدق ، ولكن خوفه من تعرضه للعقوبة يجعله ينكر الحقيقة .
وهكذا كلما يزيد الوالدين في حِدَّتِهِما وصرامَتِهِما كلما ازداد الكذب تجذراً في نفسه .
3 ـ واقع الوالدين :
إن الطفل في سنواته الأولى يتخذ من والديه مثلاً أعلى له في السلوك ، فحين يسمع أُمَّهُ تُنكرُ لأبيه خروجَهَا من المنـزل في وقتٍ اصطَحَبَتهُ معها لزيارة الجيران .
أو يجد أباه يحترم رئيس عمله ويقدِّرُهُ إذا رآه ، ثم يلعنه ويَسُبُّهُ بعد غيابه ، وغيرها تجعل الطفل يستخدم نفس الأسلوب الذي وَجَدَ أبويه عليه .
تبعات الكذب في نفسية الطفل :
إن وقاية الطفل من مرض الكذب أمر ضروري ، لأن الكذب يختلف عن غيره من الأمراض التي تُصيب النفس ، لأنه يفقد صاحبه المناعة من كل الأمراض ، وممارسة كافَّةِ الأعمال القبيحة ، تماماً مثل مرض فقدان المناعة الذي يكون صاحِبُهُ مُعَرَّضَاً للإصابة بجميع الأمراض الجسدية .
وقد جاء في النصوص الشريفة : قـال الإمام العسكري ( عليه السلام ) : ( جُعِلَت الخبائِثُ في بيتٍ وجُعِلَ مفتاحهُ الكَذِبُ ) .
وينبغي عدم التساهل في نوعية الكذب البسيط منه والكبير ، لأن الآثار السلبية الناتجة من الكذب على النفس فادحة وتوجب فقدان المناعة في النفس .
وقد ورد عن الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( اتَّقُوا الكَذِبَ الصغيرَ منه والكبيرَ في كلِّ جِدٍّ وهَزَلٍ ، فإن الرجلَ إذا كذبَ في الصغيرِ اجترَأَ على الكبير ) .