وديع الحيدري
يعترض البعض على الجمهورية الإسلامية بسبب إقامتها للعلاقات السياسية والتجارية وأبرامها العقود والاتفاقيات مع بعض الدول المعادية للإسلام أو المعادية لأهل البيت عليهم السلام ، ويعتبر ذلك ضعفاً في التولي والتبري الذي ينبغي للدولة الإسلامية أن تتحلى بهما .
لقد وردت في القرآن الكريم آيات متعددة تتعلق بالعهود والمواثيق التي يبرمها المسلمون مع الأعداء ، ويوصي بمراعاتها وبالالتزام بها ، طبعاً بشروطها الخاصة التي تقع ضمن صلاحيات القيادة الإسلامية دون غيرها .
قال تعالى :
– (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
– (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
– (وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ)
– (إِلّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ)
فيمكن للدولة الإسلامية مع حفظ هويتها الإسلامية ومن موقع العزة والقوة والاقتدار والندية أن تقيم العلاقات ، أو تعقد الاتفاقيات السياسية أو الاقتصادية مع بلدان العالم ، لا من موضع الضعف والذلة والخنوع والطمع والتبعية .
فرسول الله صلى الله عليه وآله عقد اتفاقيات صلح وهدنه مع المشركين ، كصلح الحديبية مثلاً ، وكذلك مع أهل الكتاب ، حيث عقد مع اليهود وثيقة صلح اشتملت على الكثير من العهود والأمانات ، وكان من بنودها : أنّ اليهود أمّةٌ واحدةٌ مع المسلمين ، ولكلّ فئةٍ دينها ، وحقّها في إقامة شعائرها ، وغيرها من البنود الأخرى .
وكذلك صلح الإمام الحسن عليه السلام مع ألد أعداء الإسلام معاوية بن أبي سفيان ، ضمن شروط خاصة .
وكذلك دعوة مراجعنا العظام إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية على الرغم من معرفتهم بحق المعرفة بعدم تولي أتباع المذاهب الأخرى لأهل البيت عليهم السلام ، بل بتوليهم لأعدائهم وظالميهم وقاتليهم .
فهل يمكن لنا أن نتّهم هؤلاء الأمناء على الدين بضعف الولاية والبراءة نتيجة صلحهم وتعاملهم مع الأعداء ، أو بسبب الدعوة إلى التقارب معهم !؟