وهاهو الزمان قد إستدار ، وعاد الزمن العاشورائى واقفاَ على أبواب العام الهجرى الجديد ، تنبعث من أنفاسه رائحة الحزن المقدس ، فتدعوا العَبرات للخروج من مكامنها ، والعِبارات للتعبير باللسان عن حرارة مافى القلوب ، والعٍبرات للعقول لتهدى بها ، ذكرى شهادة الإمام الحسين عليه السلام ، وذرية رسول الله صلوات الله عليه وأله ، وأصحابه الذين أستشهدوا بين يديه ، فداءَ له بأنفسهم .
ولتنظر بصائرنا إلى الإمام الحسين عليه السلام ، صاحب الذكرى ، وبطل الملحمة ، ومعدن الشهادة والشهداء ، والمنتصر دمه المقدس على السيوف الطاغوتية والإستبدادية ، تنظر إليه وصورته تلف الكون كله ، معلناَ منذ أربعة عشر قرناَ بدأ المعركة الكبرى بين الحق والباطل ، وبين العدل والظلم ، وبين أدم الخليفة الألهى وبين إبليس العدو له ولذريته ولخلافته الألهية ، كبراَ وحسداَ ،
هذه المعركة الكبرى التى بدأت منذ حوالى أربعة عشر قرنا ، أو قل منذ بدأ الخليقة ،هاهى الأحداث تنبئنا أننا نعيش على مشارف مرحلتها الأخيرة ، أوعلى مشارف عصر الظهور للمنتقم لهذه النفوس الطاهرة المطهرة ، والمُقيم العدل فى الأرض ، ليجتث جذور الشجرة الخبيثة منبع كل الظلم والشرور ، وقد لاحت العلامات وأصبح ذكرها على كل لسان ، لكثرة الظلم الذى ملأ الأرض كلها .
أقول أن المعركة كانت منذ بدأ الخليقة لأنه كان فى البداية وفى عالم الأنوار كان نور محمد وأل محمد صلوات الله عليهم ، فلقد كانوا حسب الروايات ، الكلمات التى تاب بها الله على أدم ، و كانوا الكلمات التى إبتلى بها إبراهيم ربه ، فأتمهن إلى إثنى عشر كوكباَ يدورون فى فلك الإمامة والخلافة الألهية .فكان أن جعله الله للناس إماما للناس ،
أهل بيت النبى صلوات الله عليهم ، هم سفينة النجاة ، وعين الحياة ، ونجوم السماء ، وباب حطة ، وأبواب الله ، وأمناء الرحمن …وأولى الأمر الواجب طاعتهم كطاعة الله ورسوله .
ولولا هذه الدماء الطاهرة للحسين وأولاده وذرية الرسول صلوات الله عليه وأله وأصحاب الحسين عليه السلام ، لإنمحى دين الإسلام من الأرض ، ولإرتد المسلمون إلى مابين ملحد ناكراَ للأديان ، وبين متطرف قاتلا للإنسان ،كاراهاَ للحياة ، مستبيحاَ الحرمات والأعراض ، كما فى حالة الوباء الداعشى الذى يتفشى فى بلاد الإسلام الغافلة عن أنوار الولاية لمحمد وأل محمد صلوات الله عليه وأله .
يقول الإمام الخمينى ( رضوان الله عليه )
: “لو لا سيد الشهداء (عليه السلام) لاستطاع هؤلاء تقوية وتدعيم نظامهم الطاغوتي ولاعادوا الوضع إلى ما كان عليه في الجاهلية لو لا هذه الثورة المباركة لكنا أنا وأنتم الآن مسلحين من النوع الطاغوتي لا على النهج الحسيني… لقد أنقذ الإمام الحسين (عليه السلام) الإسلام”
ورسالتى إلى المؤمنين والموالين وإلى نفسي أولاَ :
( أن نهتم بإحياء هذه الذكرى الخالدة ، بإقامة مجالس العزاء ، وقراءة المصيبة ، والبكاء والتباكى ، وتذكر التضحيات والألام وتدارس علوم أهل البيت عليهم السلام ، وكيف نستفيد منها فى تكاملنا المعنوى ، وفى معرفة الطريق فى هذا الزمن الملتبس ، وهداية الناس لمصابيح الهدى ، وللتعرف على الوجه السمح لمدرسة أهل البيت عليهم السلام ،
فالمسئولية كبيرة ، والشباب بعضه يتجه إلى الإلحاد والبعض الاخر يتجه إلى التطرف والأرهاب ، حيث لا يجدوا طريقاَ ثالثاَ ، فلنقدم لأخواننا فى الدين ، و عائلاتنا ، وأولادنا ، وبناتنا ،النصيحة والموعظة الحسنة ، بكل إحترام وتقدير ، دون غرور ولا إستعلاء … ولا يجب أن نتكاسل عن هذا الواجب الدينى .
ينبغى ألا نبخل على سيد الشهداء عليه السلام بالوقت أو الإنفاق لإحياء هذه الذكرى ، فهى إحياء لنا ولإزواجنا وأولادنا وإخواننا وأخواتنا وكذلك لوطننا وشعبنا ، ولنتعلم الدروس من مواكب العزاء المليونية فى كربلاء ، فالناس فى العراق وكربلاء إما زائر وإما فى خدمة الزوار ، غنياَ كان أو فقيراَ .
يقول الإمام الخمينى ( رضوان الله عليه )
(“ينبغي لكم أن تحافظوا على مجالس عزاء الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فهذه المجالس هي شعائرنا الدينية التي يجب أن نحافظ عليها، )
(وعن النساء يقول (قدس سره):
“هذه المجالس هي التي خرجت أمهات يفقدن أبناءهن ثم يقلن بأن لديهن غيرهم وأنهن مستعدات للتضحية بهم أيضاً إنها مجالس سيد الشهداء ومجالس الأدعية من دعاء كميل وغيره هي التي تصنع مثل هذه النماذج وتبنيها”
السلام على الحسين
وعلى على بن الحسين
وعلى أولاد الحسين
وعلى أصحاب الحسين
عظم الله أجوركم جميعاَ بهذه المناسبة الأليمة