إضاءات إسلامية
لقد أُشير في المصادر الإسلامية إلى نحو من الأولوية في ترتيب النظر في صحائف أعمال الناس وكتبهم يوم الحساب، فكانت الصلاة أوّل ما يُحاسب عليه العبد،
لقد أُشير في المصادر الإسلامية إلى نحو من الأولوية في ترتيب النظر في صحائف أعمال الناس وكتبهم يوم الحساب، فكانت الصلاة أوّل ما يُحاسب عليه العبد، ووجدنا أنّ القرآن الكريم يُصوّر حال أهل النار عندما يُسْأَلُون عن سبب ما هم فيه من عذاب فيقولون: لم نكن من المصلّين. قال تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾[1]، فالصلاة من أوّل الأعمال التي كفر بها أولئك المكذّبون، وأوّل ما يندمون على تضييعه يوم القيامة.
جاء في الحديث الوارد عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “إنّ عمود الدين الصّلاة، وهي أوَّل ما يُنظَر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحّت نُظِرَ في عمله، وإن لم تَصِحّ لم يُنظَر في بقيّة عمله”[2]، وفي نفس المعنى جاء حديث آخر عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “أوّل ما يُنظر في عمل العبد في يوم القيامة في صلاته، فإن قُبِلت نُظر في غيرها، وإن لم تُقبَل لم يُنظر في عمله بشيء”[3]، وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مرشداً وموجّهاً: “واعلم أنّ كلّ شيء من عملك تبع لصلاتك، فمن ضَيّع الصلاة، فإنّه لغيرها أضيع”[4].
تبيّن لنا ممّا نطق به النبي المصطفى وأخوه علي المرتضى عليهما السلام أنّ الصلاة لا تُعتبر أوّل ما يُحاسب المرء عليه ذلك اليوم فحسب، بل إنّ سلامة صحيفة صلاة المرء شرط في النظر في سائر أعماله أيضاً، قال مولانا الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام: “إنّ أوّل ما يُحاسب به العبد الصلاة، فإن قُبِلت قُبِل ما سواها”[5]، وقال إمامنا الصادق جعفر بن محمد عليه السلام: “.. وفي إقامة الصلاة بحدودها وركوعها وسجودها وتسليمها سلامة للعبد من النار، وفي قبول صلاة العبد يوم القيامة قبول سائر أعماله، فإذا سلمت له صلاته سلمت جميع أعماله، وإن لم تسلم صلاته وردّت عليه ردّ ما سواها من الأعمال الصالحة”[6]، وفي حديث آخر قال عليه السلام: “إنّ أوّل ما يُسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله عزّ وجلّ الصلوات المفروضات،..”[7]
وفي ذلك يقول الإمام السيّد علي الحُسيني الخامنئي دام ظله:
حين يتفضّل المعصوم بالقول: إنّ الصلاة لله، إذا قُبِلت قُبِل ما سواها من الخدمات والجهود، وإذا رُدّت رُدّ ما سواها، فهذا كلامٌ يعرض أمامنا حقيقة كبيرة. وتلك الحقيقة هي أنّ الصلاة إذا وضعت في موضعها المناسب في المجتمع الإسلاميّ فسوف تفتح كلّ الجهود المادّية والمعنوية البنّاءة طريقها نحو الأهداف والمبادئ، وتوصل المجتمع إلى المحطة المثاليّة المطلوبة في الإسلام. وإذا كانت هناك غفلة عن أهمّيّة الصلاة، وجرى عدم الاكتراث لها فسوف لن يُطوى هذا الطريق بشكل صحيح، ولن تترك الجهود والمساعي تأثيرها اللّازم في الإيصال إلى القمّة التي رسمها الإسلام للمجتمع الإنسانيّ[8].
قربان الأتقياء، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة المدثر، الآيتان 42 – 43.
[2] الفقيه المُحْدّث الشيخ مُحمّدْ بن الحسن الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، ص 31، 8 – باب وجوب إتمام الصلاة و إقامتها.
[3] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 82، ص 227.
[4] الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، الأمالي، ج 1، ص 267، المجلس الحادي والثلاثون، نشر مؤتمر الشيخ المفيد، قم.
[5] بحار الأنوار، ج 83، ص 25.
[6] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج 2، ص 359، 77 باب علة التسليم في الصلاة.
[7] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، ص 118، 3 – باب استحباب الصلاة في أول الوقت.
[8] رسالة الإمام الخامنئي إلى المؤتمر السنوي الحادي والعشرين للصلاة، 1434 هـ.