في إثبات إمامته (عليه السلام) الباب الثاني في إثبات أن إمام زماننا هو المهدي ابن الزكي الحسن العسكري (عليهما السلام) إعلم ثبتك الله وإيانا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، وجمع بيننا وبين الخلف المنتظر من العترة الطاهرة أنه لا طريق إلى إثبات الإمامة إلا النص وظهور المعجزة وذلك لأن من شرط الإمام أن يكون معصوما، وإلا لانتقض الغرض من نصبه، وهو محال، والدليل على وجوب العصمة فيه كثير مذكور في محله،
وهي كيفية نفسانية، ومرتبة خفية باطنية، لا يعلمها إلا الله تعالى شأنه ومن ألهمه الله تعالى علم ذلك فالواجب على الله تعالى أن يعينه لعباده إما بالنص عليه على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام السابق عليه، وإما بإجراء المعجزة على يديه، وإذا تعين الإمام من الله فالواجب على الناس أن يرجعوا إليه ويعتمدوا عليه * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) * ويشهد لما ذكرنا الأحاديث المتواترة معنا.
– منها (1) ما رواه الشيخ الثقة الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي (2) في الاحتجاج وهذا الحديث وإن كان طويلا لكنه يشتمل على فوائد جمة وأمور مهمة ويثبت إمامة مولانا بالنص والمعجزة وأنه ليس للأمة في نصب الإمام خيرة فلا غرو أن نذكره بطوله، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل قبوله.
قال رحمه الله تعالى: احتجاج الحجة القائم المنتظر صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه عليهم السلام سعد بن عبد الله القمي الأشعري، قال: بليت بأشد النواصب
١ – الاحتجاج: ٢ / 268 احتجاج الحجة.
2 – إعلم أن الطبرسيين المعروفين في علمائنا الإمامية ثلاثة: أحدهم أحمد بن أبي طالب صاحب كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج، والثاني الشيخ الجليل الأمين فضل بن الحسن الطبرسي صاحب مجمع البيان، والثالث ولده الجليل الحسن بن فضل صاحب مكارم الأخلاق. (لمؤلفه).
2 – إعلم أن الطبرسيين المعروفين في علمائنا الإمامية ثلاثة: أحدهم أحمد بن أبي طالب صاحب كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج، والثاني الشيخ الجليل الأمين فضل بن الحسن الطبرسي صاحب مجمع البيان، والثالث ولده الجليل الحسن بن فضل صاحب مكارم الأخلاق. (لمؤلفه).
(٢٢)
منازعة، فقال لي يوما بعدما ناظرته تبا لك ولأصحابك، أنتم معاشر الروافض تقصدون المهاجرين والأنصار بالطعن عليهم، وبالجحود محبة النبي (صلى الله عليه وآله) لهم، فالصديق هو فوق الصحابة بسبب سبق الإسلام ألا تعلمون أن رسول الله إنما ذهب به ليلة الغار لأنه خاف عليه كما خاف على نفسه! ولما علم أنه يكون الخليفة في أمته، وأراد أن يصون نفسه كما يصون خاصة نفسه، كيلا يختل حال الدين من بعده، ويكون الإسلام منتظما، وقد أقام عليا على فراشه لما كان في علمه أنه لو قتل لا يختل الإسلام بقتله، لأنه يكون من الصحابة من يقوم مقامه، لا جرم لم يبال من قتله!!
” قال ” سعد: إني قلت على ذلك أجوبة، لكنها غير مسكتة ثم قال: معاشر الروافض تقولون إن الأول والثاني كانا منافقين، وتستدلون على ذلك بليلة العقبة.
ثم قال لي: أخبرني عن إسلامهما كان عن طوع ورغبة، أو كان عن إكراه وإجبار، فاحترزت عن جواب ذلك، وقلت مع نفسي: إن كنت أجيبه بأنه كان عن طوع، فيقول لا يكون على هذا الوجه إيمانهما عن نفاق.
وإن قلت: كان عن إكراه وإجبار، لم يكن في ذلك الوقت للإسلام قوة حتى يكون إسلامهما بإكراه وقهر فرجعت عن هذا الخصم على حال ينقطع كبدي فأخذت طومارا وكتبت بضعا وأربعين مسألة من المسائل الغامضة التي لم يكن عندي جوابها.
فقلت أدفعها إلى صاحب مولاي أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) الذي كان في قم، أحمد بن إسحاق، فلما طلبته كان هو قد ذهب، فمشيت على أثره فأدركته وقلت الحال معه فقال لي: جئ معي إلى سر من رأى، حتى نسأل عن هذه المسائل مولانا الحسن بن علي (عليه السلام) فذهبت معه إلى سر من رأى، ثم جئنا إلى باب دار مولانا (عليه السلام) فاستأذنا للدخول عليه، فأذن لنا فدخلنا الدار، وكان مع أحمد بن إسحاق جراب قد ستره بكساء طبري، وكان فيه مائة وستون صرة من الذهب والورق، على كل واحد منها خاتم صاحبها، الذي دفعها إليه.
ولما دخلنا وقعت أعيننا على وجه أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) كان وجهه كالقمر ليلة البدر، وقد رأينا على فخذه غلاما يشبه المشتري في الحسن والجمال، وكان على رأسه ذؤابتان، وكان بين يديه رمان من الذهب قد حلي بالفصوص والجواهر الثمينة، قد أهداه
(٢٣)