الرئيسية / الاسلام والحياة / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

42) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة

ومن أمثال العرب في الجاهلية:
1- (إنه لساكن الريح) :
يضرب هذا المثل في الإنسان صاحب الأفق الواسع،الذي يقود صاحبه الى التفكر في أي موضوع،بأوجه واحتمالات متعددة،فالإنسان العاقل هو صاحب الذهن الوقّاد والخيال الواسع،وأن من الأمور التي تميز العقلاء هو ذلك الافق الواسع والذي من خلاله يمكننا النجاح والتقدم في هذه الحياة،وعلى الاحتفاظ بعلاقات متينة مع الاصدقاء والعائلة وكل الذين نحتك بهم،وذلك لان صاحب الافوق الواسع يستطيع فهم واقع الناس،يقدر المتغيرات والظروف للآخرين،كما يعلم ان هذه الحياة ليست دار قرار،فلا يمكن الحصول على شيء فيها وصاحب الافق الواسع يدرك جيدا أنه جزء من هذه الحياة،فيرضى بها بعد ان يبذل جهده في سبيل تحقيق الافضل.
2- (دمعة من عوراء غنيمة باردة) :
أي من عين عوراء،يضرب للبخيل يصل اليك منه القليل .
من الصفات التي يمكن أن يتصف بها الانسان هي صفة البخل،وهي صفة جامعة لكل الصفات السيئة،فليس البخيل من لا سيتطيع بذل المال أو اطعام الطعام،بل أنه يمسك عن الآخرين كل شيء سواء كان هذا الشيء مشاعر،او نصحية او دعاء وما الى ذلك من الامور سواء كانت مادية او معنوية،لان البخل هو عدم القدرة على البذل ولقد ذم الله سبحانه وتعالى البخلاء في كتابه العزيز فقال(الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل،ويكتمون ما آتاهم الله من فضله،وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً) .
وعن الامام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام(أن امير المؤمنين عليه السلام سمع رجلا يقول:إن الشحيح أغدر من الظالم،فقال:كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة عن أهلها،والشحيح إذا شحّ منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وقري الضيف والنفقة في سبيل الله تعالى وابواب البر وحرام على الجنّة ان يدخلها شحيح) .
وقال رسول الله صلى الله عليه واله(البخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة،قريب من النار،وجاهل سخي أحب الى الله من عابد بخيل وأدوى الداء البخل) .
وكما يقولون ان التعليم او التعلم في الصغر كالنقش على الحجر،فلابد للآباء والمربين بشكل جديد عندما يربون أولادهم الصغار،فمحاولة القضاء على المرض عن طريق العلاج في بداية المرض أفضل بكثير من معالجته بعد ان يستفحل،فلابد أن نمرن اولادنا على العطاء والمساعدة وإبداء العون للآخرين لكي نقضي على صفة البخل من الصغر.
3- (بلغ السيل الزبى) :
تقول العرب: ” قد بلغ السيل الزبى ” . وهو أن يبلغ الأمر منتهاه. والزبية غير القترة؛ الزبية تحفر للأسد، فيصاد فيها، وهي ركية بعيدة القعر. إذا وقع فيها لم يستطع الخروج منها لبعد قعرها، يحفرونها ثم يوضع عليها اللحم، وقد غموها بما لا يحمله، فإذا أتى اللحم انهدم غماء الزبية .
وكما نسمع وردد بعض الأحيان،أن لكل شيء حد فإذا زاد عن حدّه انقلب ضده،فهناك شعرة تفصل بين كثير من الأمور،فعلى سبيل يمكن للانسان المؤمن صاحب الاخلاق العالية ان يكون متواضعاً ولكن لا مجال له للذل والمهانة،فكل شيء له حدود لا ينبغي لنا أن نتجاوزها وإلا فإننا لن نحصد إلا خيبة الامل والخسران المبين في الدنيا والآخرة.
4- (أعدى من الشنفري) :
الشنفري هو ثابت بن أوس بن الحجر الازدي توفي في عام 70 قبل الهجرة 525 ، فكان من عشيرة الإواس بن الحجر الأزدية اليمنية، فهو قحطاني النسب، ويدل اسمه(ومعناه الغليظ الشفاه) أن دماء حبشية كانت تجري فيه من قبل أمه؛ فهي أمة حبشية، وقد ورث عنها سوادها؛ ولذلك عد في أغربة العرب. ولا نراه ينشأ في قبيلة الأزد، إنما ينشأ في قبيلة فَهْم، ويضطرب الرواة في سبب نزوله مع أمه وأخ له بها، وربما كان أقرب ما يروونه من ذلك أن قبيلته قتلت أباه، فتحولت أمه عنها إلى بني فهم، ومما يرجح ذلك أننا نجده يخص بغزواته بن سلامان الأزديين معلنًا في أشعاره أنه يقتص لنفسه منهم. ويقال إن الذي روضه على الصعلكة وقطع الطرق تأبط شرًّا؛ فكان يغير معه، حتى صار لا يُقام لسبيله وما زال يغير على الأزد، وينكل بها، حتى قتل، فيما يقص الرواة، تسعة وتسعين، انتقامًا لأبيه، وأخيرًا يرصدون له كمينًا؛ فيقع فيه، ويمثلون به تمثيلًا فظيعًا، يقطعون فيه جسده تقطيعًا، ويرمون به للسباع، ويقال: إن رجلًا عثر بجمجمته، فعقرته، فمات. وبذلك يبلغ قتلاه من الأزد مائة. وخيوط الأسطورة واضحة في مقتل الرجل المكمل للمائة، وتلعب هذه الخيوط في أخباره جميعًا كما تلعب في أخبار تأبط شرًّا رفيقه.
5- (إتخذ الليل جملاً) :
معناه ركوب الليل في طلب الحاجة من دون هوادة،ويضرب هذا المثل ايضا لمن يعمل بالليل في أمر كان سواء بالخير ام بالشر كان.وقال الامام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء لأصحابه في ليلة العاشر من محرم الحرام: أنتم في حل من بيعتي،وهذا الليل قد غشيكم فإتخذوه مثلا،ولا تفرقوا في سواده،وذروني وهؤلاء القوم فإنهم لا يريدون غيري.
وكذلك يضرب للرجل الذي يجد في طلب الحاجة،يقال شمر ذيلا وأدرع ليلا.هكذا قال بعضهم، وقال آخرون ان معناه ركوب الليل في حاجته،ولم ينم حتى نالها.
ومن هؤلاء الذين يتخذون الليل جملا،هم اصحاب قيام الليل،يقول العلامة الطباطبائي: كنت أيام صباي في النجف الاشرف حين كسب علوم أهل البيت عليهم السلام أتردد على المرحوم آية الله العارف بالله السيد علي القاضي،فذات يوم كنت واقفا عند باب المدرسة فمر بي المرحوم القاضي،فلما دنا مني وضع يده على كتفي وقال:بني إن كنت تريد الحياة الدنيا فعليك بصلاة الليل وإن كنت تريد الآخرة فعليك بصلاة الليل.يقول السيد الطباطبائي لقد أثرت هذه المقولة فيّ كثيراً فصرت إلازم السيد القاضي ليلا ونهاراً لأدرك فيضه وكمالاته الروحية.
وقال الصادق عليه السلام: ليس من شيعتنا من لم يصل صلاة الليل .وفي فقه الرضا: قال عليه السلام: عليك بالصلاة في الليل، فان رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بها عليا ” فقال في وصيته: عليك بصلاة الليل، قالها ثلاثا ” وصلاة الليل تزيد في الرزق وبهاء الوجه، وتحسن الخلق .
6- (أبطش من دوسر) :
دوسر : اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر ملك الحيرة وكانت أشد كتائبه بطشا ، حتى قيل في المثل ” أبطش من دوسر ” وكتيبة دوسر ودوسرة.وسميت دوسر إشتقاقاً من الدسر وهو الطعن.
أن يبطش انسان او جماعة بإنسان أو جماعة بظلم أو تعسف،هو امر يرفضه العقل السليم والفطرة التي لم تلوثها الذنوب والظالم لابد ان ينال عقابه في الدنيا او الآخرة،وفي أحيان كثيرة يعاقب في الدنيا والاخرة معا،وكما اننا نرفض ان يطلمنا الاخرين فلابد لنا ان نتوقف عن الظلم بكل انواعه سواء داخل العائلة ام مع الجيران ام مع الجيران ام مع كل انسان يقع بيننا ويبنه تعامل معين،بل لا يحق لنا ظلم كل كائن حي،لا بد لنا ان نستشعر الرحمة في قلوبنا تجاه الاخرين ونحسسهم بالامان والاطمئنان.وقد ورد عن ابي ذر الغفاري رضوان الله عليه عن النبي محمد صلى الله عليه واله في الحديث القدسي عن الباري جل شأنه تعالى انه قال:
(ياعبادي: إني حّرمت الظٌلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، ياعبادي: كلكم ضال إلاّ من هديته فاستهدوني أهدكم، ياعبادي: كلكم جائع إلاّ من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، ياعبادي: كلكم عار إلاّ من كسوته فاستكسوني أكسكم، ياعبادى: إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني، ياعبادي: إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، ياعبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم مانقص ذلك من ملكي شيئاً، ياعبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته مانقص ذلك ممّا عندي إلا ّكما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ياعبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومّن إلاّ نفسه) :
7- (أغلى فداءً من حاجب بن زرارة) :
حاجب بن زاررة بن عدس الدارمي التميمي: من سادات العرب في الجاهلية. كان رئيس تميم في عدة مواطن. وهو الذي رهن قوسه عند كسرى على مال عظيم ووفى به. وحضر يوم شعب جبلة (من أيام العرب المعروفة) قبل 19 أو 17 سنة من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وأدرك الإسلام وأسلم. وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات بني تميم، فلم يلبث أن مات .
وبعد وفاة النبىّ (ص) صدّق وآمن بسجاح التميميّة التى ادّعت النبوّة، ثمّ رجع عن ارتداده إلي الإسلام، وقال فى سجاح:.
أضحت نبيّتنا أُنثي نطيف بها
وأضحت أنبياء الناس ذُكرانا.
فلعنة اللّه ربّ الناس كلّهم
علي سجاح ومن بالكفر أغوانا.
حضر واقعة القادسيّة سنة15هـ، وقيل: سنة16هـ ، ولم يزل حتّي توفّى بعد سنة21ه، وقيل: حدود سنة 20هـ.
القرآن المجيد وعطارد بن حاجب:
فى السنة التاسعة أو العاشرة من الهجرة جاء هو مع أشراف قومه إلي النبىّ(ص) وهو فى إحدي حجرات أزواجه، فأخذ عطارد وبعض قومه ينادون النبىّ(ص) من وراء حجرات أزواجه، فخرج(ص) إليهم، فطلبوا المفاخرة معه، فسمع لهم، فوقف المترجم له وألقي خطبة غرّاء فصيحة، فلمّا أتمّ كلامه أمر النبىّ(ص) ثاد بن قيس أن يردّ عليه ففعل، ثمّ وقف شاعر بنى تميم الزبرقان بن بدر وألقي أبياتاً يفتخر فيها علي النبىّ(ص) والمسلمين، فأمرالنبىّ(ص) حسّان بن ثابت أن يردّ عليه ففعل، وبعد نقاش طويل بين النبىّ(ص) وأصحابه وبين عطارد وأعيان قومه أسلم المترجم له ومن معه من بنى تميم، وأهدي إلي النبىّ(ص) ثوباً من الديباج كان كسري قد أهداه إليه.
وبعد مناداة عطارد وقومه للنبىّ(ص) من وراء حجرات أزواجه وقبل أن يسلموا نزلت فيهم الآية 4 من سورة الحجرات: (ًّإنّ الذينَ يُنادُونكَ من وَراءِ الحُجُراتِ أكثرُهُمْ لايَعْقِلُونَ ّ).
وكذلك نزلت فيهم الآية 5 من نفس السورة: ( وَلَوْ أنَّهم صبرُوا حتّي تخرُجَ إليهِمْ لكانَ خَيْراً لَهُمْ واللّهُ غفور رحيم) .
كانت دية العبد في الجاهلية اذا قتل خمس من الابل ودية الحر عشرة ودية الملك ألفا،فلم يسمع بملك او سوقة افتدى بمثل فداء حاجب بن زرارة ،لذا ضرب المثل بفدائه،فقيل أغلى فداء من حاجب بن زرارة وذلك انه ادعى اسرة ذو الرقيبة القشيري يوم جبلة،وادعاه الزهد وهما من بني عبس،فحكمته عبس وعامر في نفسه،فحكم أنه اسير ذو الرقيبة بألف بعير واطلق له مئة من الاسرى: أسارى قيس في تميم وانما ديات الملولك الف بعير فزادهم حاجب على فداء الملوك مئة اسير.
8- (جليس السوء كالقين ان لم يحرق ثوبك دخّنه) :
إن لجليس السوء تأثير واضح على الاخلاق والادب ولا بد للمؤمن ان يحتاط كثيرا عند اختيار الصديق او الصاحب. قال النبي صلى عليه واله:(المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل)وطبيعة الانسان،هي الميل الى التأثر بسرعة بالآخرين،فلابد لنا من مجالسة العقلاء والصالحين ومن تذكرنا رؤيتهم بالله تعالى شأنه.ولذلك فقد ورد في الحديث ان النظر الى وجه العالم عبادة.ومن ناحية اخرى فان جليس السوء يكون ذا خلق سيء ولن يعكس لك الا السوء والشؤم ويكون مفتقداً للوفاء،وقد قال شاعر خزاعة :
وليس أخي من ودّني بلسانه…… ولكن أخي من ودّني في النوائب
ومن ماله اذا كنت معدما …… ومالي له ان عض دهر بغارب
فلا تحمدن عند الرخاء مؤآخيا ……فقد تنكر الاخوان عند المصائب
وما هو الا كيف انت ومرحبا….. وبالبيض رواغ كروغ الثعالب

 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...