الرئيسية / زاد الاخرة / الفضائل والرذائل

الفضائل والرذائل

مورد آخر يشير القرآن الكريم إلى أن بوسع الإنسان أن يقيم علاقة مع الملائكة.
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (10).
الذين يقولون ربنا الله ويستقيمون على هذا القول يعني انهم يتفكرون يعني أنهم منتبهون، ولهذا تنزل عليهم الملائكة تكلمهم بأن لا يحزنوا ولا يغتموا، نحن نعينكم على معاناتكم ونخفف عنكم كربة الموت، ونحن أولياؤكم في الدنيا والآخرة.
الذي يستطيع التصرف بالفضاء وعالم المخلوقات وحده الإنسان المتكامل الذي فكر وتأمل وانتبه وعلى أساس ذلك سلك وتحرك.
إضافة إلى ذلك فإن القرآن يطلب منا أن نفكر وننتبه، بل يشدد على ذلك:
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا) (11).
عن أبي عبد الله (ع) قال:
ما من شئ إلا وله حد ينتهي إليه، إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه. فرض الله عز وجل الفرائض فمن أداهن فهو حدهن، وشهر رمضان فمن صامه فهو حده، والحج فمن حج فهو حده إلا الذكر فإن الله عز وجل لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدا ينتهي إليه، ثم تلا هذه الآية (12).
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا).
مطلب آخر ينبغي الالتفات إليه، وهو أن الهدف لجميع العبادات كما يريده القرآن هو الوصول إلى مرتبة الذكر، يعني الوصول إلى مقام الفكر ومقام التأمل.
إذا كانت الصلاة مخاطبة الله فلأجل الوصول إلى مرتبة الفكر والذكر وصيام شهر رمضان المبارك لهذا الهدف أيضا.
العبادة البدنية والمالية، عبادة القلب، أجمعها لفرض الوصول إلى مرتبة الفكر، لأجل الوصول إلى مرتبة الذكر.
في سورة طه يقول:
(انني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) (13).
اني أنا الله لا إله إلا أنا، تعني أيها الإنسان حطم الأصنام، أيها الإنسان لا تتبع الهوى، لا تتبع الشيطان، أيها الإنسان لا تكن مذنبا في الحياة
(٥)
، صل وصم، اعط الخمس والزكاة اذهب إلى الحج والجهاد، أؤمر بالمعروف وانه عن المنكر، كن متوليا ومتبريا، لماذا كل هذا؟ (وأقم الصلاة لذكري)، لكي تصل إلى مرتبة الذكر مرتبة الفكر مرتبة التأمل.
على هذا فقد كان بحث اليوم أن الفضيلة المهمة للإنسان والتي تتوقف عليها باقي الفضائل، والتي لأجلها وجبت العبادات هي الفكر والتأمل.
نقلوا أن وصية معلم الأخلاق وأستاذنا الكبير العلامة الطباطبائي – رضوان الله تعالى عليه – أثناء الموت للجميع كانت قوله:
التأمل! التأمل! التأمل!.
إني في آخر الموضوع أبلغكم رجالا ونساء وصية هذا الرجل العظيم أن تتفكروا، وأن تتأملوا، استغرقوا في الفكر ساعة من الليل والنهار، انتبهوا إلى أنكم في محضر الله.
الإمام الراحل – رضوان الله تعالى عليه – كان يكرر قوله:
التأمل! التأمل! التأمل!
شبكة أهل البيت للأخلاق الإسلامية / الفضائل والرذائل : الموضوع فضيلة (التأمل) و (التفكر) – اطلاع الله والنبي والأئمة الأطهار (ع) على أعمال الإنسان – مراقبة الملائكة لأعمال الإنسان – شهادة الدنيا على الإنسان – شهادة أعضاء الجسم على الإنسان الدرس الثاني فضيلة التأمل والتفكر
(١) سورة الحاقة، الآية: ٢٤.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٣.
(٣) البحار، ج ٩٦، ص ٢٧٦، رواية ٢٣، باب ٣٢.
(٤) فروع الكافي، ج ٤، ص ٨٧، باب آداب الصائم.
(٥) البحار، ج ٩٦، ص ٢٩٣ و ٢٩٤.
(٦) سورة الحجرات، الآية: ١٢.
(٧) سورة النور، الآية: ٣٧.
(٨) البحار، ج ٧١ ص ٣٢٧ رواية ٢٢ باب ٨٠ عن أبي العباس عن أبي عبد الله (ع) قال: ” تفكر ساعة خير من عبادة سنة إنما يتذكر أولوا الألباب “.
(٩) سورة لقمان، الآية: ٢٠.
(١٠) سورة فصلت: الآيتين: ٣٠ و ٣١.
(١١) سورة الأحزاب، الآيتين: ٤١ و ٤٢.
(١٢) أصول الكافي ج ٤ باب ذكر الله كثيرا الرواية الأولى.
(13) سورة طه، الآية: 14.
(٦)

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...