الرئيسية / الاسلام والحياة / على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

داخل جسد الأمة والحفاظ على من يمثلون هذه الرؤية لينقلوها إلى من بعدهم، لا إهلاكهم في جولة صراع معلومة النتائج سلفا.
والأهم من هذا أن أئمة أهل البيت، (عليهم السلام)، لا ينطلقون في قراراتهم من رؤية آنية وإنما من رؤية كونية تحدد مهامهم بدءا من بعثة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ظهور المهدي المنتظر جعلنا الله من أنصاره وجنده. هؤلاء، أي الرسول والأئمة (عليهم السلام) لم تحملهم الأمة المسؤولية وإنما حملوها بأمر من الله عز وجل، فكان إمداد السماء لهم بالتسديد والتأييد والتعزية والتسلية أمرا ضروريا. من هنا كانت رؤية رسول الله، (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأولئك القردة الذين كانوا ينزون على منبره ونزول قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) (الإسراء / 60)، ثم تعزيته من قبل جبرئيل (عليه السلام) بمقتل الحسين في كربلاء، ولم يكن شيئا من هذه السياقات محجوبا لا عن الإمام علي (عليه السلام) الذي ما فتئ يتعجل أشقاها أن يأتي ليضربه على رأسه فيستريح من هذه الأمة التعسة، ولا كانت غائبة عن الإمام الحسن (عليه السلام)، حين عقد صلحا مع إمام البغاة وهادنه.
ولكن هذا لا يغني عن إيراد شروط الصلح والمهادنة فهي كما أوردها الشيخ الصدوق في كتاب ” علل الشرائع ” (1) قال: ” بايع الحسن بن علي، صلوات الله عليه، معاوية على ألا يسميه أمير المؤمنين، ولا

(1) علل الشرائع، 1 / 212.

(٤١)

يقيم عنده شهادة، وعلى ألا يتعقب على شيعة علي شيئا، وعلى أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم، وعلى أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد.
لم يكن ذلك الصلح شيئا سارا لخواص أصحاب الإمام علي الذي أمضهم هذا فدخل أحدهم على الإمام الحسن (عليه السلام) قائلا: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال الحسن: اجلس يرحمك الله، إن رسول الله، (صلى الله عليه وآله وسلم)، رفع له ملك بني أمية فنظر إليهم يعلون منبره واحدا فشق ذلك عليه فأنزل الله في ذلك قرآنا قال له:
(وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) ” وسمعت أبي عليا رحمه الله، يقول: سيلي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم، كبير البطن، فسألته: من هو؟ فقال: معاوية وقال لي: إن القرآن قد نطق بملك بني أمية ومدتهم، قال تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر) القدر / 3) قال أبي: هذا ملك بني أمية ” (1).

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4 / 6، نقلا عن المدائني، دار الهدى الوطنية – بيروت.
(٤٢)

شاهد أيضاً

محاسبة النفس – الشيخ إبراهيم الكفعمي

يا نفس: الدنيا محل الآفات، والمال مادة الشهوات، والدنيا مطلقة الأكياس، ومنية الأرجاس، والتقوى خير ...