26- والمخلصين في توحيد الله =
النار فقد أجرتك وان يكن شوقا الى الجنة فقد أجبتك فقال الهي وسيدي أنت تعلم أني ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا الى جنتك ولكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر أو أراك فأوحى الله إليه أما إذا كان هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران والاخبار والاثار في ذلك أكثر من أن تحصى. (والمخلصين) بكسر اللام أي الذين أخلصوا (في توحيد الله) وبالفتح أي الذين أخلصهم الله تعالى أي اختارهم لتوحيده بمعنى أنهم عرفوا الله باقصى مراتب التوحيد ذاتا وصفة كما قرر في محله والاخلاص تجريد النية عن الشوب وأعلاه ارادة وجهه تعالى ويعرف بالتفكر في صفاته وأفعاله ومناجاته وأدنى منه ارادة نفع الاخوة إذ فيه حظ نفس وورد في حقيقته أن يقول ربي الله ثم تستقيم كما أمرت تعمل لله لا تحب أن تحمد عليه قال الله تعالى: (الا لله الدين الخالص) (1) وقال أمير المؤمنين طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه ولم يحزن =
(1): سورة الزمر آية 3
[95]
والمظهرين لأمر الله ونهيه =
صدره بما أعطى غيره وقال الصادق عليه السلام في قوله تعالى (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) (1) ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا وانما الاصابة خشية الله والنية الصادقة ثم قال عليه السلام الابقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله والطريق الى الاخلاص كسر حظوظ النفس وقطع الطمع عن الدينا والتجرد للاخرة بحيث يغلب ذلك على القلب وكم من أعمال يتعب الانسان فيها ويظن انها خالصة لوجه الله تعالى ويكون فيها مغرورا لانه لا يدري وجه الافة فيها ونحن في غفلة وإذا انتبهنا رأينا في الاخرة حسناتنا كلها سيئات كما قال تعالى: (وبدا لهم من الله ما لم يكونا يحتسبون) (2) (وبدا لهم سيئات ما عملوا) (3) وقال تعالى: (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا) (4). (والمظهرين لامر الله ونهيه) حتى أنه قد جمع علماء محدثينا المتقدمين ما وصل إليهم من الائمة عليهم السلام في أربعمائة كتاب =
(1): سورة الملك آية 2 (2): سورة الزمر آية 47 (3): سورة الجاثية آية 33 (4): سورة الكهف آية 104