«لو أنَّ البحرَ مدادٌ، والغياض أقلامٌ، والإنس كُتَّابٌ، والجنَّ حُسَّابٌ، ما أحصَوا فضائِلكَ يا أبا الحسَن».
المناقب للخوارزمي
أمّا بعد، فإنّ هذا الكتاب الجليل قد طبع مرّتين احداهما في بيروت والاخرى في قم، وقد وقع موقع القبول والإعجاب من الباحثين، ولاقى الإقبال العظيم من أهل الولاء لأهل البيت الطاهرين- عليهم السلام- حتى نفدت نسخه وكثر الطلب عليه.
وهذه هي الطبعة الثالثة.
وقد راجعنا الكتاب مراجعة جديدة، وأضفنا إليه فوائد جمّة تتعلَّق بالجوانب العقائدية المستفادة من النصوص، وحذفنا منه بعض المكرّرات من الروايات، وأدخلنا على فصوله بعض التعديلات، وبذلنا الجهد في تصحيحه من الأخطاء المطبعيّة وفي إخراجه بالحلّة اللائقة.
واللَّه نسأل أنْ يوفّقنا لصالح الأعمال، وأنْ يتغمّد سيدنا الجدّ الراحل بواسع رحمته، مع حبيبه محمّد وأهل بيته الميامين، إنه سميع مجيب.
علي بن السيد نور الدين
السيد محمّد هادي الحسيني الميلاني
قم المقدّسة، رجب 1426
الحمد للَّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم النبيّين محمّد صلّى اللَّه عليه وآله الطيّبين الطاهرين، ولعنة اللَّه على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
وبعد: فمن دأب الصحابة والتابعين والمحدّثين والعلماء على مرّ القرون والأجيال أن يتقرّبوا الى اللَّه تعالى بالكتابة حول فضائل الرسول الأعظم وسيرته ومناقبه، وكذا مناقب عترته الطاهرة وأهل بيته الأبرار وسيرتهم العطرة، ويتذرّعون بنشر فضائلهم وإعلاء ذكرهم كوسيلةٍ للشفاعة من أجل الخلاص من أهوال يوم القيامة.
وإنّ مؤلّف هذه الموسوعة القيّمة فقيه فحطل، من أبطال الفقه والاصول والحديث والتفسير، وقد اضطلع بمهامّ المرجعية الدينيّة للُامة مدةً ليست بالقصيرة، وكان يشار إليه بالبنان في القمم الفكرية والحضارية للُامة الاسلامية، لكنّ ذلك كلّه لم يمنعه من التوجّه إلى إرساء جذور العقيدة وإحكامها، ولم يصدّه عن تشمير ساعد الجدّ للذبّ عن إمامة أهل البيت عيهم الصلاة والسلام وتعريف
لقد كان السيّد الوالد صعب الاختيار في كتاباته، وهذا هو السبب في عدم نشر آثاره العلميّة في حياته … ومن تلك الآثار (الأربعون في الفضائل) حيث لم يحدّث حتى أبناءه بتأليفه هذا الكتاب، واذ فقدناه أباً عطوفاً وعالماً جليلًا وقائداً فذّاً، رحت افتّش بين الكراريس والأوراق عن آثاره، فعثرت على كتاب (الفضائل) الّذي ألّفه في شبابه. وكثيراً ما كنت أسمع من سماحته انّه استفاد كثيراً من مكتبة المرحوم آية اللَّه السيّد حسن الصدر، ومكتبة خاله المغفور له آية اللَّه الشيخ عبد اللَّه المامقاني، ومكتبة الحسينيّة الشوشتريّة … كما كان يحدّثني عن لقاءات علمية خارج نطاق الفقه والأصول بينه وبين بعض الشخصيات المعروفة، من أمثال الشيخ محمّد السماوي، والشيخ جعفر النقدي، والشيخ محمّد علي الأردوبادي.
لقد اعتمد فقيدنا السعيد قدر الإمكان على المصادر الأصلية لتأليف الكتاب، ومتى لم يكتب له العثور على بعض تلك المصادر، فقد استند الى (غاية المرام) للعلامة البحراني و (كشف الحق ونهج الصّدق) و (الالفين) للعلّامة الحلّي وكتاب (اليقين) للسيّد ابن طاووس، و (احقاق الحقّ) للعلّامة التستري وغيرهم.
ثمّ وجدنا بعض الفصول لا يحوي إلّاحديثاً واحداً، ممّا يبدو أنه كان ينوي تتميمه، أو أنه قد عنون للباب وكان بصدد جمع الاحاديث فيه، فعملنا جهدنا في مراجعة المصادر بعينها، وتسنّى لنا- بحمد اللَّه- العثور على القسط الاوفر منها
وينبغي أنْ نذكّر بأنّا لم نراع في إيراد كلمات العلماء ترتيب طبقاتهم، كما أنّه قد تضاف كلمة «وآله» في الصّلاة والسلام على النبي.
وقد استفدنا في هذا المجال من احقاق الحقّ للقاضي نور اللَّه التستري، وملحقاته، والغدير للعلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني، والامامة الكبرى للعلّامة السيد محمّد حسن القزويني قدس اللَّه اسرارهم، أضف الى الاشارات الفنيّة الّتي تفضل بها علينا المغفور له آية اللَّه العلامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي، والمحقّق الخبير العلامة السيد مرتضى العسكري.
وإذا لم يكتب له- قدس سره- أن يرى ما نمقته يراعته في هذا المجال منشوراً، فإن من دواعي غبطتنا أن ننشر هذه الموسوعة القيمة بمناسبة الذكرى العاشرة لارتحاله إلى الرفيق الأعلى، آملين أن تكون صحائف النور هذه خير زادٍ له ولنا في طريق الرضوان.
واللَّه نسأل أن يتقبّل منّا هذا العمل، وأنْ يكتب له الفوز برضى سادتنا الأئمة الأطهار سيّما خاتمهم الحجّة المنتظر أرواحنا فداه، وأنْ يجعله وسيلةً لشفاعتهم للسيّد ووالديه وذريّته، بفضله وكرمه.
كتبته في مكتبة السيد الوالد بمشهد الإمام الرضا عليه السلام.
السيّد محمّد علي الميلاني