الولاية الاخبارية موقع اخباري وثقافي لمن يسلك الطريق الی الله
المسالة الثانية: ارتباط الملحمة الحسينية بالسنن الاجتماعية.
عند دراسة الملحمة الحسينية اجتماعياً، نجدها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسنن الاجتماعية، فالمجتمع عبارة عن كيان مركب من تجمعات بشرية لها اراءها وافكارها وعقائدها وطموحاتها وقيمها ومبادئها.
وغالباً ما يكون الفكر الاجتماعي متأثراً بعوامل متعددة منها العامل الفكري والعامل الاقتصادي والعامل السياسي والاعراف والتقاليد المجتمعية.
وحيث ان التجمعات البشرية المكونة للمجتمع مكونة من افراد فللافراد ايضاً اثر يتفاوت قوة وضعفاً في الحياة الاجتماعية.
ولهذا فان الاحداث الاجتماعية الكبرى عادة ما تقع نتيجة احد العوامل المؤثرة التي ذكرت او تتجمع مجموعة من العوامل لتكون علة مركبة للتغير الاجتماعي.
فاول حدث في تاريخ الانسانية كان جريمة وقعت على الارض بين ابني ادم (عليه السلام) كان سببها النوازع الذاتية الشريرة التي تحكمت بتصرف قابيل ودفعته لقتل اخيه، وانتشار المعصية في مجتمع ابناء قابيل كان سببه اتباع الهوى والشهوات، وقد ترك ذلك تاثيره في ذرية ابناء ادم الاخرين، بعد ان التقوا بهم كمجتمعين هذه المرة وليس كفردين.
وانتشار عبادة الاصنام في عصر نوح (عليه السلام) والانحراف التام الذي عاشه المجتمع في ايامه ناشئ من تمكن اصحاب النوازع الذاتية من كهنة المعابد الوثنية من السيطرة على ثقافة المجتمع الذي ترسخت فيه قيم الجهل من جهة والشعور بالحاجة الى ما وراء المادة من جهة اخرى والحاجة الى روابط مادية حسية تربطه بما وراء عالم الحس من جهة ثالثة، وقد ترسخت تلك القيم المنحرفة في الوسط الاجتماعي الى درجة ان النبي نوح (عليه السلام) امضى من عمره عشرة قرون في دعوتهم الى التوحيد فلم يستجب له الا عدد محدود جداً، فيما تمكن الاعلام الكهنوتي من اضعاف تأثير الدعوة النبوية في ذلك المجتمع الامر الذي دعى السماء الى التدخل المباشر بعد ان لم يعد هناك مبرر لبقاء المجتمع المنحرف انحرافاً تاماً عن جادة الصواب وابدالهم بمجتمع آخر وكان ذلك نتيجة طبيعية لعجز مجتمع الايمان عن مقارعة مجتمع الشرك في ذلك الوقت.
