فاسألوا أهل الذكر – الدكتور محمد التيجاني
يومين مضت
بحوث اسلامية
15 زيارة
ويوالونهم، كما عرفهم ابن منظور في لسان العرب في مادة شيعة، فهل تقولون أنتم بأنهم غير مسلمين؟؟
هل هؤلاء الشيعة الذين يقيمون الصلاة كأفضل قيام، ويؤتون الزكاة ويزيدون عليها خمس أموالهم طاعة لله ولرسوله ويصومون رمضان وغيره من الأيام ويحجون البيت ويعظمون شعائر الله ويحترمون أولياء الله ويتبرؤون من أعداء الله وأعداء الإسلام، هل هؤلاء عندكم مشركون؟؟
هل الذين يقولون بإمامة اثني عشر إماما من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وقد نص عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما أخرج ذلك البخاري ومسلم وغيرهما من صحاح أهل السنة، هل هؤلاء عندكم مارقين عن الإسلام؟؟
هل كان المسلمون يوما يجهلون الإمامة ولا يقرون بها سواء كان ذلك في حياة الرسول أو بعد وفاته حتى نلصق نظرية الإمامة ومبادئها بالفرس والمجوس؟
وهل تقولون فعلا بكفر من لا يعترف بإمامة يزيد بن معاوية الذي عرف فسقه الخاص والعام من المسلمين، ويكفي يزيد خسة وسقوطا ما أجمع عليه المسلمون من إباحته المدينة المنورة لجيشه وجنده يفعلون فيها ما يشاؤون لأخذ البيعة له بالقهر على أنهم له عبيد، فقتلوا عشرة آلاف من خيرة الصحابة والتابعين وهتكوا فيها أعراض المحصنات من النساء والفتيات المسلمات حتى ولدن من سفاح ما لا يحصي عدده إلا الله. ويكفيه عارا وشنارا وخزيا مدى الدهر قتله سيد شباب أهل الجنة وسبيه بنات الرسول، وضربه ثنايا الحسين بقضيبه وتمثله بالأبيات المعروفة:
ليت أشياخي ببدر شهدوا إلى قوله لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل.
وهو صريح بأنه لا يؤمن بنبوة محمد ولا بالقرآن الكريم، فهل حقا
(١٦)
توافقون على تكفير من تبرأ من يزيد وأبيه معاوية الذي كان يلعن عليا ويأمر بلعنه بل ويقتل كل من امتنع عن ذلك من خيرة الصحابة كما فعل مع حجر بن عدي الكندي وأصحابه، وسنها سنة متبعة دامت سبعون عاما، وهو يعلم قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله. كما أخرج ذلك صحاح أهل السنة. إضافة إلى ما قام به من أعمال تتنافى مع الإسلام، وقتله الأبرياء والصلحاء من أجل أخذ البيعة لابنه يزيد بالقهر والقوة، وقتله الحسن بن علي عن طريق جعدة بنت الأشعث، إلى جرائم أخرى كثيرة يذكرها له التاريخ عند أهل السنة كما يشهد له بها شيعة علي.
فما أظنكم سيدي توافقون على كل ذلك، وإلا فعلى الإسلام السلام، وعلى الدنيا العفا. وعندها لا يبقى بعد ذلك مقاييس ولا عقل ولا شرع ولا منطق ولا دليل.
والله سبحانه وتعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا اتقوا وكونوا مع الصادقين.
ولقد صدق والله عالم الباكستان المغفور له أبو الأعلى المودودي رحمه الله عندما ذكر في كتابه المسمى بالخلافة والملك في صفحة 106 نقلا عن الحسن البصري قوله:
أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن له إلا واحدة لكانت موبقة له:
1 – أخذه الأمر من غير مشورة المسلمين وفيهم بقايا الصحابة ونور الفضيلة.
2 – استخلافه بعده ابنه السكير الخمير الذي يلبس الحرير ويضرب الطنابير.
3 – إدعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر.
(١٧)
4 – قتله حجرا وأصحاب حجر فيا ويلا له من حجر وأصحاب حجر (أعادها ثلاثا).
فرحم الله أبا الأعلى المودودي الذي صدع بالحق ولو شاء لزاد فوق هذه الخصال الأربع أربعين ولكنه رحمه الله رأى أن في ذلك كفاية لتكون موبقة لمعاوية، والمعروف أن كلمة موبقة معناه (توبق في النار).
ولعل المودودي كان يراعي عواطف الناس الذين تعلموا من أسلافهم تقديس معاوية واحترامه والترضي عليه بل وحتى على ابنه يزيد أيضا كما سمعت ذلك بنفسي من علمائكم في الهند فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولكل ذلك راعيت أنا أيضا عواطف أولئك الذين دعوني ليستفزوني، فلم أذكر لهم شيئا من ذلك خوفا على نفسي.
فأنا أهيب بكم سيدي أن تقفوا وقفة صريحة تبغون بها وجه الله تعالى فإن الله لا يستحي من الحق ولا أطلب منكم الاعتراف بمساوئ هؤلاء ولا بنشر فضائحهم فالتاريخ كفانا وإياكم مؤونة ذلك.
ولكن المطلوب منكم أن تعترفوا وتعلموا أتباعكم بأن الذين لا يعترفون بإمامة هؤلاء ولا يوالونهم، هم مسلمون حقيقيون جديرون بالاحترام وليس في ذلك شك. أن تقولوا بأن الشيعة مظلومون على مر التاريخ لأنهم لم يتبعوا ولم يعترفوا بإمامة الشجرة الملعونة التي ضربها الله مثلا في القرآن.
فما هو ذنب الشيعة بربكم، إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر المسلمين باتباع أهل بيته من بعده حتى جعلهم كسفينة نوح ينجو من يركب فيها ويهلك من يتخلف عنها. وما ذنب الشيعة إذا امتثلوا لأمر الرسول بقوله تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كما تشهد بذلك صحاح السنة فضلا عن كتب الشيعة.
(١٨)
وبدلا من شكرهم وتقديمهم وتفضيلهم على غيرهم لامتثالهم أوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، نشتمهم ونكفرهم ونتبرأ منهم، فما هذا بإنصاف ولا هو معقول.
دعونا سيدي من أقوال التخريف والتزييف التي لم تعد تقوم على دليل وبرهان ولم تعد تنطلي على المثقفين من أبناء أمتنا، من أن الشيعة لهم قرآن خاص بهم، أو أنهم يقولون بأن صاحب الرسالة هو علي، أو أن عبد الله بن سبأ اليهودي هو مؤسس التشيع، إلى غير ذلك من الأقوال السخيفة المغرضة التي يشهد الله أنها من خيال أعداء الإسلام وأعداء أهل البيت وشيعتهم، والتي ما أوجدها إلا التعصب الأعمى والجهل المقيت.
وأنا أسأل سيدي العزيز أين علماء الهند من علماء الأزهر الشريف الذين أفتوا بجواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية منذ ثلاثين عاما، ومن علماء الأزهر الأعلام من يرى بأن الفقه الجعفري الذي تعمل به الشيعة هو أشمل وأثرى وأقرب إلى روح الإسلام من المذاهب الإسلامية الأخرى التي هي عيال عليه. وعلى رأس هؤلاء فضيلة الشيخ محمود شلتوت رحمه الله الذي ترأس الأزهر في حياته فهل أمثال هؤلاء العلماء لا يعرفون الإسلام والمسلمين؟ أم أن علماء الهند أعلم منهم وأعرف؟ فما أظنكم تقولون بذلك!!
سيدي الكريم أملي فيكم وطيد وقلبي إليكم مفتوح بالمحبة والشفقة والحنان، وقد كنت في ما مضى مثلكم محجوب عن الحقيقة وعن أهل البيت وشيعتهم، فهداني الله سبحانه إلى الحق الذي ليس بعده إلا الضلال، وتحررت من قيود التعصب والتقليد الأعمى، وعرفت بأن أغلب المسلمين لا زالت تحجبهم الإشاعات والأباطيل وتصدهم الدعايات عن الوصول إلى الحقيقة ليركبوا جميعا في سفينة النجاة ويعتصموا بحبل الله المتين فليس هناك كما تعلمون بين السنة والشيعة فرق إلا فيما اختلفوا فيه بعد الرسول من أجل الخلافة، وأساس الفرقة هو اعتقادهم في الصحابة،
(١٩)
والصحابة رضي الله عنهم اختلفوا فيما بينهم حتى لعنوا بعضهم بل وتحاربوا وقتل بعضهم بعضا.
فإن يكن الاختلاف فيهم خروجا عن الإسلام فالصحابة هم أولى بهذه التهمة والعياذ بالله. ولا أعتقد بأنكم ترضون بذلك والإنصاف يدعوكم أن لا ترضوا بإخراج الشيعة عن الإسلام وكما دأب الشيعة على تقديس أهل البيت واحترامهم كذلك دأب السنة على احترام الصحابة وتقديسهم أجمعين وشتان بين الموقفين، فإذا كان الشيعة في ذلك مخطئين فأهل السنة أولى بالخطأ، لأن الصحابة بأجمعهم يقدمون على أنفسهم أهل البيت ويصلون عليهم كصلاتهم على النبي ولم نعرف أحد من الصحابة رضوان الله عليهم قدم نفسه أو فضلها على أهل بيت المصطفى في علم أو في عمل.
فالوقت قد حان لرفع المظلمة التاريخية عن شيعة أهل البيت والتقارب معهم والتآخي والتعاون على البر والتقوى – ويكفي هذه الأمة إراقة الدماء وإثارة الفتن.
فعسى الله سبحانه يجمع بكم الكلمة ويلم بكم الشتات ويرتق بكم الفتق ويداوي بكم هذه الجراح ويخمد بكم نار الفتنة ويخزي بكم الشيطان وحزبه فتكونون عند الله من الفائزين خصوصا وأنكم من سلالة العترة الطاهرة على ما أسمع، فاعملوا على أن تحشروا معهم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون. وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وفقكم الله وإيانا لما فيه خير البلاد والعباد وجعلكم الله وإيانا من العاملين المخلصين لوجهه الكريم.
أبعث لسيادتكم وبصحبة هذه الرسالة نسخة من كتاب ثم اهتديت الذي ألفته بخصوص هذا الموضوع هدية مني إليكم عسى أن يجد لديكم القبول.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته المخلص محمد التيجاني السماوي التونسي
(٢٠)
2025-01-25