العقل والجهل في الكتاب والسنة – محمد الريشهري
14 ساعة مضت
بحوث اسلامية
12 زيارة
– عنه (صلى الله عليه وآله): أول ما خلق الله سبحانه وتعالى العقل (1).
– عنه (صلى الله عليه وآله): خلق [الله] العقل فاستنطقه فأجابه، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، [بك] آخذ وبك أعطي، وعزتي لأكملنك فيمن أحببت، ولأنقصنك فيمن أبغضت (2).
– الإمام علي (عليه السلام): إن الله عز وجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة، وركب البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم (3).
– الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل خلق العقل وهو أول خلق من الروح عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي.
ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانيا فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل، فقال له: استكبرت، فلعنه (4).
– عنه (عليه السلام) – في قول الله عز وجل: * (فألهمها فجورها وتقواها) * -: بين لها ما تأتي وما تترك (5).
(١) حلية الأولياء: ٧ / ٣١٨ عن عائشة، عوالي اللآلي: ٤ / ٩٩ / ١٤١، المحجة البيضاء: ٥ / ٧، سعد السعود: ٢٠٢ وفيه ” وكان المسلمون قد رووا:… إلخ “، بحار الأنوار: ١ / ٩٧ / ٨.
(٢) مسند زيد: ٤٠٩ عن زيد عن أبيه عن جده عن الإمام علي (عليهم السلام)، وراجع: نوادر الأصول: ٢ / ٦٠.
(٣) علل الشرايع: ٤ / ١، مشكاة الأنوار: ٢٥١ عن الإمام الصادق (عليه السلام) نحوه، بحار الأنوار: ٦٠ / ٢٩٩ / ٥.
(٤) الكافي: ١ / ٢١ / ١٤، الخصال: ٥٨٩ / ١٣، علل الشرايع: ١١٤ / ١٠، المحاسن: ١ / ٣١١ / ٦٢٠، مشكاة الأنوار: ٢٥٢ وليس فيه ” من البحر الأجاج ظلمانيا ” وكلها عن سماعة بن مهران، بحار الأنوار:
١ / ١٠٩ / ٧.
(٥) الكافي: ١ / ١٦٣ / ٣، التوحيد: ٤١١ / ٤، المحاسن: ١ / ٤٣٠ / ٩٩٣ كلها عن حمزة بن الطيار، الاعتقادات: ٣٦، تفسير مجمع البيان: ١٠ / ٧٥٥ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام)، بحار الأنوار: ٥ / 196 / 3.
(٣٣)
– عنه (عليه السلام) – في قوله تعالى: * (ونفس وما سواها) * -: خلقها وصورها، وقوله:
* (فألهمها فجورها وتقواها) * أي عرفها وألهمها، ثم خيرها فاختارت (1).
راجع: ص 91 ” جنود العقل والجهل ” / ح 272.
(١) تفسير القمي: ٢ / ٤٢٤ عن أبي بصير، بحار الأنوار: ٢٤ / 70 / 4.
(٣٤)
أضواء على خلق العقل والجهل يمثل خلق العقل والجهل، وكيفية تركيب هذين العنصرين المتضادين، والحكمة وراء تركيبهما في الانسان على هذا النحو، أوسع موضوعات النظرة الإسلامية للإنسان شمولا، وأكثر مبادئها التربوية أهمية. وإليك فيما يلي توضيحات مقتضبة حول هذه القضايا عبر استقراء الأحاديث الواردة في هذا الباب.
1 – خلق العقل يمكن القول – في ضوء الأحاديث المذكورة -: إن المراد من خلق العقل هو إيجاد ذلك الشعور الخفي الذي لا يعلم حقيقته إلا الله. ولهذا لا يتوقع أن تتمكن البحوث العلمية من استكناه قوة العقل. ولكن يتأتى تعريف هذه الظاهرة عن طريق خصائصها ومميزاتها التي يعتبر من أهمها ما يلي:
أ – العقل أول مخلوق أشير إلى هذه الخاصية في عدة أحاديث (1)، ويمكن القول: إن الهوية الحقيقية
(1) راجع ص 32 / ح 9 و 12 وص 91 / ح 272.
(٣٥)
للإنسان ليست إلا عقله، وهذا ما صرحت به روايات أخرى (1).
والأساس في خلقة الانسان – كما تفيد هذه الأحاديث – هو العقل، وخلقت بقية الأشياء تبعا له.
ب – مخلوق من نور وفي ذلك إشارة إلى أن المهمة الأساسية للعقل هي الإنارة (2)، وإعطاء صورة عن الواقع والنظرة المستقبلية، ووضع الانسان في مسار المعتقد الحق والعمل الصالح والخلق الفاضل (3)، وباختصار: وضعه على طريق الهداية الموصلة إلى طريق التكامل.
ج – النزوع إلى الحق لقوة العقل نزوع إلى التسليم أمام الحق. وإذا كان العقل خالصا لا يخالطه جهل تجده يتبع الحق ولا يقبل شيئا سواه. ” فقال له: أدبر، فأدبر. ثم قال له: أقبل، فأقبل ” (4).
2 – خلق الجهل يبدو من خلال النظرة الابتدائية أن خلق الجهل لا معنى له، وذلك لأن الجهل معناه عدم العلم، والعدم لا يخلق، وهذا ما يقتضي بطبيعة الحال تأويل الأحاديث الدالة على خلق الجهل. ولكن يتضح من خلال التأمل في هذه الروايات أن المراد من خلق الجهل هو إيجاد ذلك الشعور الخفي الذي يكون في مقابل العقل ويسمى ” جهلا ” أو ” حمقا ” من حيث دعوته الانسان إلى فعل ما لا ينبغي له فعله،
(1) راجع ص 52 ” أصل الانسان “.
(2) راجع ص 31 ” حقيقة العقل ” وص 94 ” آثار العقل “.
(3) راجع ص 91 ” علامات العقل “.
(4) راجع ص 32 ” خلق العقل والجهل ” ح 12.
(٣٦)
2025-05-03