الرئيسية / المرأة في الإسلام / ٥٧ سبباً لترك الحجاب

٥٧ سبباً لترك الحجاب

مقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيّد الخلق أجمعين، المبعوث رحمةً للعالمين، نبيّنا محمّد بن عبد الله، وعلى آله الغرّ الميامين، لا سيّما بقيّة الله في الأرضين (عجل الله تعالى فرجه).

تثار بين الحين والآخر مجموعةٌ من التساؤلات والإشكالات أو الشبهات، حول العديد من المفاهيم الإسلاميّة والقضايا الدينيّة. قد يأتي بعضها عفويًّا نتيجةَ حبّ الاطّلاع والتعلّم، ولكنّ الكثير منها- مع الأسف- هو نتيجة ما يطرحه خصوم الإسلام وأعداؤه، وتأثّر شريحة من المسلمين بما قاله هؤلاء أو كتبوه أو بثّوه من فكرٍ وثقافة.

وقد لجأ الغرب وأعوانه، في العقود الأخيرة، إلى شنّ الحملات والحروب الناعمة على الإسلام ومفاهيمه وأفكاره، مستخدمًا شتّى الأساليب والوسائل التي توصله إلى مبتغاه ومراده.

10

1

ومن بين هذه المفاهيم التي كثر التعرّض لها وطرحها: مسألة ستر المرأة وحجابها. فقد تعرّض هذا المفهوم إلى أشدّ حالات الهجوم الثقافيّ من الغرب وأتباعه اللّيبراليّين وضعفاء النفوس من المسلمين، الذين استخدموا أساليب مختلفة ومتعدّدة، فكريّة وثقافيّة ودينيّة واجتماعيّة وحقوقيّة وغيرها، وصولًا إلى المنع القانونيّ، بل والاتّهام الإرهابيّ!

ومن الملاحظ أنّ هذه الحرب الناعمة، أفرزت شبهات وأفكارًا دخيلةً على مجتمعاتنا، وأخذت فتياتُنا ونساؤنا تتأثّر بها أو تقف عندها، مع أنّ الإجابة عن بعضها من الوضوح بمكان، ولكنّها الشبهة التي قال عنها أمير المؤمنين (عليه السلام): «وإنّـما سُـمّيت الشبهةُ شبهةً لأنّها تشبه الحقّ، فأمّا أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين، ودليلُهم سَمْتُ الهدى[1]، وأمّا أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال، ودليلُهم العمى»[2].

على أنّ الأمر لم يقتصر على ما يمكن عدّه شبهةً أو إشكالًا أو تساؤلًا، وإنّما خلّف- من ناحيةٍ- ضعفًا في نفوس العديد من النساء المسلمات، انعكس في عدم ارتدائهنّ الحجاب، أو التراجع عن لباسه في مواضعَ محدودة، أو الخجل منه.

وأدّى- من ناحيةٍ أخرى- إلى إيجاد أسباب ومبرّرات، لا تنسجم مع إيمان المرأة بدينها وقناعتها بإسلامها، بل صارت إحداهنّ تلجأ- أحيانًا- إلى أسباب وحجج وأعذار، هي أشبه

[1] سمت الهدى: طريقه.

[2] نهج البلاغة، خطبة رقم: 38.

11

2

بالأوهام والخيالات، لتبرير ترك الحجاب والستر الواجب عليها.

وقد دعانا ذلك إلى تأليف هذا الكتاب، للإجابة عن بعض تلك الأسباب والمبرّرات، عسى أن يكون نافعًا في الإضاءة على هذا الجانب من ستر المرأة، ومجيبًا عن معظم ما يدور في خلد بعضهنّ، أو أفواه أخريات.

وقد حاولنا فيه تقديم شيء جديد يختلف عمّا هو موجودٌ في الكتابات الأخرى، التي استعرضت هذا الموضوع، وأسميناه: «٥٧ سببًا لترك الحجاب، عرض ومناقشة».

هذا، ونسأله سبحانه أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه، ويتقبّله منّا، ويكون محلّ نظر مولانا صاحب العصر والزمان(عجل الله تعالى فرجه)ولطفه وعنايته، وأن ينفعنا به يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم.

بسّام محمّد حسين

بيروت- لبنان

الجمعة: 19 – 5 – 2017 ميلادي

الموافق: 21 شعبان المعظّم 1438 للهجرة

13

3
الإهداء

إلى سيّدة الطهر والعفاف…

بضعة الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله)…

سيّدة النساء…

فاطمة الزهراء (عليها السلام)…

وإلى من سار على دربها وبذل الدماء

أهدي هذا الكتاب..

راجيًا من عطفها القَبول..

بسّام

14

4

تمهيد

يمثّل سترُ المرأة وحجابُها أحد الواجبات الدينيّة التي عُرف الدين الإسلاميّ بتشريعه لها، وبالتزام نساء المسلمين به، على مرّ الأزمان واختلاف البلدان، وتعدّد المجتمعات والعادات. حاله في ذلك حال بقيّة الأحكام الواضحة من الواجبات والمحرّمات التي تعدّ في الدرجة الأولى من حيث وضوح الحكم الشرعيّ بها، وتسمّى «الضروريّات»[1].

وهي مجموعة من الأحكام التي تستغني عن الاستنباط الفقهيّ والاجتهاد الفكريّ، لشدّة وضوحها، حتّى عند من لا يؤمن بالإسلام. فمَن لا يعرف- سواء من المسلمين أو من غيرهم- أنّ الإسلام يوجب الصلاة أو الصيام، أو يحرّم شرب الخمر أو الزنا مثلًا؟!

وهكذا الحال في أمر الحجاب، فإنّ كونه واجبًا مفروضًا على المرأة من الوضوح بحيث إنّ العلم به لا يقف عند المسلمين فحسب، بل يشمل أبناء الديانات والمذاهب والتيّارات الأخرى.

[1] صرّح المرجع الكبير السيّد محسن الحكيم { في مستمسك العروة الوثقى، ج 5، ص 240، بكون وجوب ستر المرأة لتمام بدنها من ضروريّات الدين. وكذلك المرجع الكبير الراحل السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره، انظر: البروجردي، الشهيد الشيخ مرتضى، موسوعة الإمام الخوئي، ج 12، ص 62. فليُلاحظ.

15

5

ومثل هذه الأحكام لا يجوز لمسلم إنكارها أو التشكيك في ثبوتها؛ لأنّها ليست وليدة نظر فقيه أو رأي مجتهد، ولا نتيجة بحث باحث أو جهد متتبِّع، بل هي ناشئة من الوضوح التامّ للحكم الشرعيّ على المستوى النظريّ والتطبيق العمليّ؛ ما يجعل المسألة خارج دائرة الأمور الخلافيّة، ويغني صاحبها عن البحث حولها والاستدلال عليها.

ومن هنا، كان التكذيب بمثل هذه الأحكام الواضحة يستلزم تكذيبًا للدين، وما جاءت به شريعة سيّد المرسلين الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله). وهو أمر يتنافى مع اعتقاد الإنسان بربّه وخالقه، وحججه وأوليائه.

هذا، وقد أكّد القرآن الكريم- كما ستأتي الإشارة إليه- على لزوم الستر والحجاب للمرأة، وكذلك الروايات الواردة عن النبيّ وأهل بيته (عليهم السلام).

كما أنّ سيرة النساء المسلمات منذ عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى يومنا هذا، قائمة على الالتزام بالستر والحجاب، والعمل على طبقه.

وبعد وضوح ما تقدَّم كلّه، من أصل وجوب الستر والحجاب على المرأة، كان لا بدّ من عرض ما يقال بخلافه من شبهة أو إشكال، أو وهم أو خيال، أو حجج أو أعذار، تُذكر هنا أو هناك كأسباب لترك الستر والحجاب، والإجابة عن كلّ واحدة منها، لئلّا يبقى هناك أيّ شائبة يمكن أن تعترض قناعة المرأة المسلمة بهذا التكليف الإلهيّ الربّانيّ، أو تقف عائقًا أمام

16

6

تسليمها المطلق لأحكام الله، والتعبّد بوظائفه الشرعيّة.

فهناك الكثير من النساء المسلمات اللّواتي يتمسّكن بأعذار ومبرّرات مختلفة حينما يُسألن عن سبب تركهنّ الحجاب، في الوقت الذي يعتقد فيه أغلبهنّ بأنّه أمر أوجبه الله تعالى عليهنّ؛ ما يوضّح أنّ هذه الأسباب لم تنشأ من نظرة صحيحة وفهم سليم لطبيعة العلاقة بين العبد وربّه، ووظائفه تجاه خالقه.

وهذا لا يعني أنّنا لا نسمح بطرح السؤال عن فلسفة الحكم أو وجه الحكمة والفائدة منه، بل على العكس، فنحن ندعو إلى التأمّل والتدبّر في أحكامه تعالى واكتشاف وجه الحكمة والفائدة منها، لدنيانا وآخرتنا. فالله غنيّ عن عباده، ولم يأمرهم بشيء إلّا وكان نفعُ ذلك راجعًا إليهم، كما لم يمنعهم من شيء إلّا وكان ضرره عائدًا إليهم. فما المانع من أن نتدبّر في تشريعه لهذه الأحكام، كما نتأمّل ونتدبّر في خلقه وإيجاده، وتكوينه وإبداعه في سائر مخلوقاته؟!

لكنّ ذلك لا يعني تحكيم النتائج القاصرة لعقولنا، وجعلها سببًا وعلّة لثبوت الحكم، بل التسليمُ لله والطاعة لأمره والتقرّب إليه، ينبغي أن تواكب الإنسان في قناعته وعمله، مقدّمةً على أيّ أمر آخر أو مصلحة أخرى يجدها في عمل يقوم به أو تصرّف يصدر منه، سواء أعَلِمَ وجه الحكمة والنفع فيه أم لا. فهذا ما يمليه عليه إيمانه بتوحيد الله تعالى في مقام العمل

17

7

والطاعة والانقياد له سبحانه وتعالى.

فلا بدّ- إذًا- من دراسة هذه الأسباب دراسة عاقلة متأنّية، بعيدًا عن التعصُّب والهوى، لئلّا نكون مصداقًا لقوله تعالى: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنٗا﴾[1].

وقد جمعنا هذه الأسباب والمبرّرات التي يتحدّث بها أو يتساءل عنها بعض الفتيات والنساء، وربّما بعض الرجال أيضًا، وضممنا إليها بعض الإشكالات أو الشبهات التي جاءت مِن بعض مَن أنكر أو شكّك في وجوب الستر أو الحكمة منه، وهي، وإن كانت متقاربة أحيانًا، إلّا أنّنا آثرنا الإجابة عن كلّ واحدة منها بإجابات خاصّة، متحاشين التَكرار قدر الإمكان.

المنهج المعتمد في هذا الكتاب:

يتّضح المنهج الذي اعتمدناه في هذا الكتاب من خلال بيان الآتي:

أوّلًا: المحور الأساس الذي يتناوله هذا الكتاب بالبحث، هو الإجابة عن معظم التساؤلات والإشكالات، أو الشبهات والأسباب المطروحة، التي تُذكر كأعذار وحجج للتخلّي عن الحجاب وعدم ارتدائه؛ ولذا،لم نتعرّض فيه لأدلّة وجوب الحجاب بشكل مفصّل، أو لأبعاده وفوائده والحكمة من تشريعه، إلّا بمقدار ما يحتاج إليه الجواب.

[1] سورة فاطر، الآية: 8.

18

8

ثانيًا: قمنا بعرض السبب، ثمّ الإجابة عنه بما رأيناه مناسبًا، فتارة من خلال الرؤية

19

9

الدينيّة، مستهدين بآيات القرآن الكريم وروايات النبيّ وأهل بيته (عليهم السلام)، وأخرى بالأسلوب الإقناعيّ المنطقيّ، ﴿وَجَٰدِلهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحسَنُ﴾[1]، وثالثة بالرجوع إلى الوجدان الفطريّ والعقلائيّ، بعيدًا عن التعصّب والأهواء، وأحيانًا بالاستعانة ببعض نتائج الأبحاث العلميّة، الطبيّة أو الاجتماعيّة أو النفسيّة.

ثالثًا: خطابنا موجّه- بالدرجة الأولى- إلى الفتاة والمرأة المسلمة، التي تؤمن بدينها وإسلامها، وما جاء فيه من تعاليمَ ومعارفَ إلهيّة دينيّة، وإن كان بالإمكان لغيرها أن يستفيد من كثيرٍ ممّا جاء في هذه الإجابات أيضًا.

رابعًا: ذكرنا في الإجابات بعض ما يمكن استفادته من حِكَم التشريع وفوائده وأبعاده المختلفة، وإن كان الأساس في كلّ الأحكام هو التعبُّد لله تعالى وطاعته، حتّى لو لم ندرك بعقولنا القاصرة أيًّا منها. ومن هنا، فما ذكرناه لا يمثِّل العلّة والسبب الأساس للحكم الشرعيّ، فإنّ ذلك لا يعلمه إلّا الله سبحانه وتعالى، ومَن علّمهم من حُججه وأوليائه.

خامسًا: أغفلنا ذكر أسماء أصحاب هذه المبرّرات والأسباب، إمّا لعدم أهمّيّة ذلك؛ لكون السبب ممّا يتداوله كثيرٌ من الناس العاديّين، وإمّا لعدم الرغبة في الدخول في سجال مع أحد، أو لئلّا نروّج لأصحابها.

[1] سورة النحل، الآية: 125.

20

10

سادسًا: وضعنا هذه الأسباب والمبرّرات تحت عناوين عامّة، شكّلت فصول الكتاب، وذلك كالآتي: أسباب دينيّة، أسباب اجتماعيّة، أسباب شكليّة، أسباب طبّيّة، أسباب شخصيّة ومتفرّقة.

فهرسة مطالب الكتاب:

كما أشرنا؛ لقد قمنا بتبويب مطالب الكتاب ضمن فصول وعناوين خمسة عامّة ورئيسة، ثمّ عرضنا كلّ عنوان بشكل مفصّل وأجبنا عنه.

وكانت حصيلة ذلك ٥٧ سببًا، جاءت على الشكل الآتي:

الفصل الأوّل: أسباب دينيّة، عدد 13:

1- الحجاب ليس مذكورًا في القرآن.

2- الحجاب واجب على نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقط.

3- لم يوجب القرآن ستر الرأس والشعر.

4- الحجاب لأجل التفريق بين الحُرّة والأَمة.

5- الواجب عدم إظهار الزينة والتبرّج أمام الرجال، لا الحجاب.

6- الحجاب ليس فرضًا.

7- الحجاب حال الصلاة وخارجها.

21

11

8- لا إكراه في الدين.

9- الحجاب عادة اجتماعيّة، لا مسألة دينيّة.

10- المطلوب هو الاحتشام، وليس الحجاب.

11- الحجاب ظلم للمرأة.

12- الإيمان في القلب.

13- لماذا لا يجب الحجاب على الرجل كالمرأة؟

الفصل الثاني: أسباب اجتماعيّة عدد 18:

1- الحجاب والكبت الجنسيّ.

2- أريد أن أتزوّج أوّلًا.

3- الحجاب انتماء حزبيّ أو سياسيّ.

4- لا مال لديّ لأشتري ملابس للحجاب.

5- لا زالت صغيرة.

6- صديقاتي غير محجّبات.

22

12

7- صديقاتي غير مسلمات.

8- أعيش في بلد غير إسلاميّ.

9- عائلتي ليست ملتزمة دينيًّا.

10- حتّى تتحجّب أمّي- أختي- صديقتي.

11- زوجي يمنعني من الحجاب.

12- أريد أن أعمل أو أدرس أوّلًا.

13- إنّهم يهزأون بي.

14- الحجاب وعزل المرأة.

15- الحجاب لا يحمي المرأة، بل القانون.

16- الحجاب لا يُعبّر عن هُويّتي.

17- أحبّ أن أكون عصريّة.

18- أريد أن أكون حُرّة، الحجاب يقيّدني.

الفصل الثالث: أسباب شكليّة، عدد 5:

1- لأنّي جميلة.

2- الحجاب «ببشّعني»، «مش لابق عليّي»، «بكبّرني».

23

13

3- ثيابي لا تناسب الحجاب.

4- الحجاب واللّون الأسود.

5- الموضة وشكل الحجاب.

الفصل الرابع: أسباب طبّيّة، عدد 4:

1- شعري يتساقط.

2- رأسي يؤلمني من ارتداء الحجاب.

3- الحجاب يضعف السمع.

4- الحجاب والأمراض النفسيّة.

الفصل الخامس: أسباب شخصيّة ومتفرّقة، عدد 17:

1- لستُ مقتنعة بعد.

2- ليس عندي ذنب سوى ترك الحجاب.

3- لم يهدِني الله بعد.

4- لا أتحمّل الحَرّ.

23

14

5- لا أحبُّ الحجاب.

6- لا أحبّ المحجّبات.

7- عندما أُصبح كبيرة أتحجّب.

8- هكذا خلقني الله.

9- لقد اعتدتُ أن أبقى بلا حجاب.

10- «بدّي فشّ خلقي أوّل شي».

11- الحجاب مسؤوليّة ولستُ بقدرها.

12- أصبحت كبيرة، والحجاب صعب عليّ.

13- ذنوبي كثيرة. عندما أتوب أتحجّب.

14- «مش واقفة القصّة عالحجاب».

15- الحجاب- أحيانًا- أشدّ إثارةً من عدمه.

16- أُسَرُّ وألتذُّ إذا نظر الرجال إليَّ.

17- الحجاب قرار شخصيّ.

ونسأله سبحانه التوفيق وحسن الختام.

25

15

شاهد أيضاً

شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ١

تلميذه، وعنه أخذ القرآن، فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي إليه أيضا، مثل كثير ...