٥٧ سبباً لترك الحجاب
14 يوم مضت
المرأة في الإسلام
3 زيارة
الفصل الأوّل: أسباب دينيّة
وقد خطّط الإسلام- من خلال تشريعاته- للقضاء على ظاهرة الإماء والعبيد، وقد فعل.
وهذا كلّه لا يعني أنّ الأَمة ليست امرأة، أو جواز هتكها أو الاعتداء عليها- والعياذ بالله- كما يقول بعض أصحاب النفوس الضعيفة، فهذا لم يقل به أحد، بل الأحكام الشرعيّة تحرّم النظر واللّمس والزنا على الحرائر والإماء، على سواء.
ويعجبني هنا أن أنقل ما ذكره ابن حزم الأندلسيّ الظاهريّ في كتابه «المحلّى»، حيث قال: وقد ذهب بعض من وَهَل في قول الله تعالى: ﴿يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدنَىٰ أَن يُعرَفنَ فَلَا يُؤذَينَ﴾، إلى أنّه إنّما أمر الله تعالى بذلك؛ لأنّ الفسّاق كانوا يتعرّضون للنساء للفسق، فأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفسّاق أنّهنّ حرائر فلا يتعرّضوهنّ[1].
قال عليّ (ابن حزم نفسه): ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد، الذي هو إمّا زلّة عالم ووهلة فاضل عاقل، أو افتراء كاذب فاسق؛ لأنّ فيه أنّ الله تعالى أطلق الفسّاق على أعراض إماء المسلمين، وهذه مصيبة الأبد. وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أنّ تحريم الزنا بالحُرّة كتحريمه بالأَمة، وأنّ الحدّ على الزاني بالحُرّة كالحدّ على الزاني بالأَمة ولا فرق، وأنّ تعرّض الحُرّة
[1] هكذا في المصدر.
61
41
الفصل الأوّل: أسباب دينيّة
في التحريم كتعرّض الأَمة، ولا فرق. ولهذا وشبهه وجب أن لا يُقبل قول أحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلّا بأن يسنده إليه [1] (عليه السلام).
الواجب عدم إظهار الزينة والتبرّج أمام الرجال، لا الحجاب:
ادّعت إحدى السيّدات- على بعض الفضائيّات- أنّ الإسلام لم يوجب على المرأة الحجاب وستر الرأس، وإنّما حرّم عليها الزينة والتبرّج فقط، حيث قال تعالى: ﴿وَلَا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾[2]، ﴿غَيرَ مُتَبَرِّجَٰتِ بِزِينَةٖ﴾[3]، والتبرّج إظهار الزينة.
•| الجواب |•
من الجيّد أنّ هذه السيّدة تنبّهت إلى حرمة التبرّج والزينة على المرأة، وكأنّها تريد من الزينة والتبرّج أن تخرج المرأة وقد وضعت مساحيق التجميل أو لبست الحليّ والجواهر أو الإكسسوارت مثلًا؛ أي متزيّنة متبرّجة. وأمّا مواضع الزينة من الجسد، فلا يحرُم عليها إظهارها إذا لم يكن عليها شيء من تلك الأمور.
إلا أن هذا التفسير لا يلائم ظاهر قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾؛ لأنّ المنهيّ عنه ليس هو إبداء الزينة نفسها، بل مواضعها، كالعنق والأذن ونحو
[1] ابن حزم، المحلّى، ج 3، ص 219.
[2] سورة النور، الآية: 31.
[3] سورة النور، الآية 60.
62
42
الفصل الأوّل: أسباب دينيّة
ذلك، وقد استثنى تعالى ممّا نهى عنه المواضع الظاهرة وقد فسرت في الروايات بالوجه والكفين[1].
[1] انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة، كتاب النكاح، باب 105 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه.
63
43
الفصل الأوّل: أسباب دينيّة
ثم إنّ ما ذكرته هذه السيدة فيه اقتطاع لما يحلو لها من الآيات.
فماذا عن قوله تعالى: ﴿وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾[1] قبل هذه الآية، وقوله تعالى: ﴿يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ﴾[2] في الآية الأخرى؟
ألا يدلّ ذلك على وجود كيفيّة خاصّة للحجاب، وهو ما يستره الجِلباب والخِمار آنذاك؟ وقد شرحنا ذلك في ما سبق بما فيه كفاية.
ثمّ كيف لكلِّ أحد أن يفسّر هذه الآيات برأيه، دون الرجوع إلى روايات النبيّ وأهل بيته (عليهم السلام) المفسّرة لها، ﴿أَم عَلَى ٱللَّهِ تَفتَرُونَ﴾[3]؟
[1] سورة النور، الآية: 31.
[2] سورة الأحزاب، الآية: 59.
[3] سورة يونس، الآية: 59.
64
44
2025-11-04