الطريقة، ففكر قليلا ثم قال: ” يا جماعة أنا عندي رأي في هذه المسألة ” فقلنا جميعا: – تفضل هات ما عندك! قال:
– إن ما يقوله أخونا التيجاني على لسان الشيعة هو الحق الصحيح، ويجب علينا الاعتقاد بعصمة الرسول المطلقة، وإلا داخلنا الشك في القرآن نفسه!
– قالوا: ولم ذلك؟ أجاب على الفور:
هل وجدتم أي سورة من سور القرآن تحتها إمضاء الله تعالى؟؟
ويقصد بالإمضاء: الختم الذي يختم به العقود والرسائل للدلالة على هوية صاحبها وأنها صادرة عنه. وضحك الجميع لهذه النكتة الطريفة، ولكنها ذات معنى عميق، فأي إنسان غير متعصب يتمعن بعقله ستصدمه هذه الحقيقة ألا وهي: الاعتقاد بأن القرآن كلام الله هو الاعتقاد بعصمة مبلغة المطلقة بدون تجزأة لأنه لا يمكن لأحد أن يدعي بأنه سمع الله يتكلم ولا يدعي أحد بأنه رأى جبرائيل عندما ينزل بالوحي.
والخلاصة أن قول الشيعة في العصمة قول سديد يطمئن إليه القلب ويقطع وساوس النفس والشيطان، ويقطع الطريق على كل المشاغبين وخصوصا أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين الذين يبحثون عن ثغرات ينفذون منها لنسف معتقداتنا وديننا، والطعن في نبينا، فتراهم كثيرا ما يحتجون علينا بما أورده صحيح البخاري ومسلم من أفعال وأقوال تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو منها برئ (1).
(٣٣)
وكيف لنا أن نقنعهم بأن كتاب البخاري وكتاب مسلم فيهما بعض الأكاذيب، وهذا الكلام خطير طبعا، لأن أهل السنة والجماعة لا يقبلونه فالبخاري عندهم أصح كتاب بعد كتاب الله!
(٣٤)
العقيدة في الإمامة (عند الطرفين) والقصد من الإمامة في هذا البحث هي الإمامة الكبرى للمسلمين، أعني الخلافة والحكم، والقيادة والولاية.
وبما أن كتابي اعتمد في أبحاثه على المقارنة بين مذهب أهل السنة والجماعة، والشيعة الإمامية لا بد لي من إبراز مبدأ الإمامة عند الفريقين، حتى يتبين للقارئ والباحث ما هي الأسس والمعالم التي يرتكز عليها كل من الفريقين، ويعرف بالتالي القناعات التي ألزمتني بقبول التحول وترك ما كنت عليه.
فالإمامة عند الشيعة، هي أصل من أصول الدين لما لها من الأهمية الكبرى والخطورة العظمى وهي قيادة خير أمة أخرجت للناس وما تقوم عليه القيادة من فضائل عديدة وخصائص فريدة أذكر منها، العلم والشجاعة والحلم والنزاهة والعفة والزهد والتقوى والصلاح الخ.
فالشيعة يعتقدون بأن الإمامة منصب إلهي يعهد به الله سبحانه إلى من يصطفيه من عباده الصالحين ليقوم بذلك الدور الخطير ألا وهو قيادة العالم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى هذا كان الإمام علي بن أبي طالب إماما للمسلمين باختيار الله له،
(٣٥)