الرئيسية / الاسلام والحياة / تتمة في بيان النشاط والبهجة في العبادة

تتمة في بيان النشاط والبهجة في العبادة

وان الأنس بالحق وبذكره من أعظم المهمات ولأهل المعرفة بها عناية شديدة وفيها المتنافسون من أصحاب السير والسلوك ، وكما أن الأطباء يعتقدون بأن الطعام إذا أكل بالسرور والبهجة يكون أسرع في الهضم ، كذلك يقتضي الطب الروحاني بأن الإنسان إذا تغذى بالأغذية الروحانية بالبهجة والاشتياق محترزا من الكسل والتكلف يكون ظهور آثارها في القلب وتصفية باطن القلب بها أسرع .

وقد أشير إلى الأدب في الكتاب الكريم الإلهي والصحيفة القويمة الربوبية حيث يقول في مقام تكذيب الكفار والمنافقين : { ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ، ولا ينفقون إلا وهم كارهون} ( التوبة 45 .) . وقد فسرت آية { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} ( النساء 43)

في حديث بأن المراد من سكارى كسالى ،

{ 58 }

 وأشير في الروايات إلى هذا الأدب ونحن نذكر بعضا منها كي تفخر هذه الأوراق به .

محمد بن يعقوب ( هو الشيخ الأجل قدوة الأنام وملاذ المحدثين العظام ومروّج المذهب في غيبة الإمام عليه السلام أبو جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني الرازي الملقب ثقة الإسلام ألّف الكافي الذي هو من أجلّ الكتب الإسلامية وأعظم المصنفات الإمامة والذي لم يعمل للإمامة مثله . ألّفه في العشرين سنة ومات قدس الله سره ببغداد سنة 329 ( شكط ) وصلّى عليه محمد بن جعفر الحسني ابو قيراط ودفن بباب الكوفة.)

 باسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ” لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة ” .

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ” يا عليّ انّ هذا الدين متين فأوغل برفق ولا تبغّض إلى نفسك عبادة ربّك ” .

وفي الحديث عن العسكري ( 1 هو الإمام الحادي عشر وسبط سيد البشر ووالد الخلف المنتظر السيد الرضيّ الزكي أبو محمد الحسن علي العسكري صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام وخلفه خاتم الأئمة الأعلام . ولد عليه السلام بالمدينة الطيبة يوم العاشر أو الثامن من شهر ربيع الآخر وقيل في رابعه سنة اثنتين وثلاثين ومئتين ، أمّه عليه السلام حُدَيق ( مصغّرا ) أو سليل ويقال لها الجدّة وكانت من العارفات الصالحات قال القطب الراوندي وأمّا الحسن بن علي العسكري عليه السلام فقد كانت أخلاقه كأخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا أسمر حسن القامة جميل الوجه جيّد البدن حدث السّن له جلالة وهيبة وهيئة حسنة يُعظَّمه العامة والخاصة اضطرارا ويعظّمونه لفضله ويقدّمونه لعفافه وصيانة وزهده وعبادته وصلاحه واصلاحه وكان جليلا نبيلا فاضلا كريما يحمل الأثقال ولا يتضعضع للنوائب أخلاقه خارقة العادة على طريقة واحدة .         ( انتهى ) .

ومناقبه أكثر من أن تحصى وقبض عليه السلام بِسُرّ من رأى يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين ومئتين ( رس ) في خلافة المعتمد وهو ابن ثمان وعشرين سنة ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه أبوه عليه السلام بِسُرّ من رأى .)

عليه السلام : إذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودّعوها .

وهذا دستور جامع منه عليه السلام بأن أودعوا في القلوب في وقت نشاطها وأما في وقت نفارها فخلّوها تستريح ، فلا بد في كسب المعارف والعلوم أيضاً من رعاية هذا الأدب وألا يحمل على القلوب اكتسابها مع الكراهة والنفور. ( ومن الروايات التي تشير إلى هذا الأدب ما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ” أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها وأحبّها بقلبه وباشرها بجسده وتفرّغ لها فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا على عسر أم على يسر ” .

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...