(60)
والكهانة ـ بالفتح والكسر ـ ، تعاطي الإخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان وادّعاء معرفة الأسرار .
وقد اُفيد فقهاً حرمتها بإجماع المسلمين بل في حديث أبي بصير ، عن أبيعبدالله ( عليه السلام ) قال ، « من تكهَّن أو تُكهِّن له فقد برىء من دين محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) » (1).
وقد إختلفت الأقوال في منشأ إخبارات الكاهن .. والقول الحقّ في منشئها هو ما جاء في حديث الإحتجاج ، قال ( عليه السلام ) :
« إنّ الكهانة كانت في الجاهلية في كلّ حين فترة من الرسل ، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من الاُمور بينهم ، فيخبرهم عن أشياء تحدث ، وذلك من وجوه شتّى ، فراسة العين ، وذكاء القلب ، ووسوسة النفس ، وفتنة الروح ، مع قذف في قلبه ، لأنّ ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويؤدّيه إلى الكاهن ، ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف.
وأمّا أخبار السماء فإنّ الشياطين كانت تقعد مقاعد إستراق السمع إذ ذاك ، وهي لا تُحجب ، ولا تُرجم بالنجوم ، وإنّما مُنعت من إستراق السمع لئلاّ يقع في الأرض سبب يُشاكل الوحي من خبر السماء ، فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله ، لإثبات الحجّة ، ونفي الشبهة.
وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ، ثمّ يهبط بها إلى الأرض ، فيقذفها إلى الكاهن ، فإذا قد زاد كلمات من عنده ، فيخلط الحقّ بالباطل ، فما أصاب الكاهن من خبر ممّا كان يخبر به فهو ما أدّاه إليه الشيطان لما سمعه ، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه.
فمنذ مُنعت الشياطين عن إستراق السمع إنقطعت الكهانة ، واليوم إنّما تؤدّي الشياطين إلى كهّانها أخباراً للناس بما يتحدّثون به ، وما يحدثونه ، والشياطين
———————————-
1 ـ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 108 ، باب 26 ، ح 2.