الرئيسية / بحوث اسلامية / الانوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

الانوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

32- المكرمون المقربون المتقون الصادقون =
يأتيك اليقين) (1) ولانه لو لم يكن قادرا على المعصية لكان أدنى مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين على المعاصي التاركين لها. (المكرمون) الذين كرمهم الله تعالى ذاتا وصفاتا وأقوالا وأفعالا وأحوالا وأكرمهم بالكرامات الصورية والمعنوية والدنيوية والاخروية. (المقربون) عند الله تعالى قربا معنويا فإن لهم المحل الاعلى عنده بحيث لا يدانيهم ملك مقرب ولا نبي مرسل عدا جدهم. (المتقون) أصل التقوى الخوف من الله تعالى بملاحظة جلاله وعظمته وقبح مخالفته وشدة عقوبته والمتقي من يجعل بينه وبين ما يخاف منه وقاية تقيه ومنه اتقوا النار ولو بشق تمرة وأعلا مراتب التقوى الاعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر. (الصادقون) في جميع أقوالهم وأفعالهم واحوالهم الذين قال الله =
(1): سورة الحجر آية 99

 
[114]
المصطفون =
تعالى فيهم (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (1) إذ ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من احد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر والله سبحانه لا يأمر بالكون معه بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم واخبارهم واعمالهم وشرائعهم في جميع احوالهم وازمانهم وليس ذلك متحققا في غيرهم اتفافا إذ كل من سواهم لا يخلوا من الكذب في الجملة فتعين ان يكونوا هم والاية تدل على عصمتهم إذ يقبح الامر بمتابعة غير المعصوم كما قرر في محله (وعن بريد العجلي) قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال أيانا عني (وعن البزنطي) عن الرضا عليه السلام قال سألته عن قول الله (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال الصادقون هم الائمة والصديقون بطاعتهم. (المصطفون) الذين اصطفاهم الله واجتباهم واختارهم على العالمين وهم مصطفى آل ابراهيم في وقوله تعالى (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين) (2) وفي قراءتهم (وآل محمد) (وعن أبي حمزة الثمالي) قال سمعت =
(1): سورة التوبة آية 119 (2): سورة آل عمران آية 33

 
[115]
المطيعون لله القوامون بآمره العاملون بارادته =
أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الله تبارك وتعالى يقول استكمال حجتى على الاشقياء من امتك من ترك ولاية علي ووالى اعدائه وانكر فضله وفضل الاوصياء من بعده فان فضلك فضلهم وطاعتك طاعتهم وحقك حقهم ومعصيتك معصيتهم وهم الائمة الهداة من بعدك جرى فيهم روحك وروحك جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الانبياء قبلك وهم خزاني على علمي من بعدك حق علي لقد اصطفيتهم واجتبيتهم واخلصتهم وارتضيتهم ونجى من احبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ولقد اتاني جبرائيل باسمائهم واسماء آبائهم واحبائهم والمسلمين لفضلهم. (والمطيعون لله) في اقوالهم وافعالهم واحوالهم حتى بذلوا انفسهم واموالهم وابدانهم وارواحهم في سبيله وصبروا على جميع ذلك لرضاه. (القوامون بامره) الذى هو امر الامامة أو الاعم من ذلك أو المقيمون لغيرهم على الطاعة بامره تعالى. (العالمون بارادته) اي اعمالهم على وفق ارادته تعالى لارادتهم بل ليس لهم ارادة إلا إرادته تعالى وإراتدهم ارادته تعالى.

 
[116]
الفائزون بكرامته اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه (الفائزون بكرامته) في الدنيا بوجوب إطاعة الناس وانقيادهم إليهم وكونهم مخزن العلم ومعدن الحكمة وفي الاخرة بالشفاعة والرضا والقرب من الله تعالى وغير ذلك. (اصطفاكم بعلمه) اي عالما بأنكم مستاهلون لذلك الاصطفاء أو اصطفاكم بسبب ان جعلكم خزان علمه أو لان يجعلكم كذلك ويؤيده ما في بعض النسخ من اللام موضع الباء. (وارتضاكم لغيبه) أي لسبب ان جعلكم مخزن عيبه وفي بعض النسخ باللام وهو اظهر وفيه اشارة إلى قوله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا إلا من ارتضى من رسول (1)) ودخلوهم في الاية اما لكون الرسول في الاية شاملا لهم على التغليب أو يكون المراد به معنى آخر اعم من المعنى المصطلح أو ان علمهم عليهم السلام انما هو بتوسط من الرسول (عن سدير الصيرفي) قال سمعت حمران بن اعين يسأل ابا جعفر عن قول الله عز وجل (بديع السموات والارض (2)) فقال أبو جعفر عليه السلام ان الله عز وجل ابتدع الاشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السموات والارضين ولم يكن قبلهن سموات ولا ارضون اما تسمع =
(1): سورة الجن آية 26 (2): سورة البقرة آية 117

 
[117]
=
لقوله تعالى وكان عرشه على الماء فقال له حمران أرأيت قوله جل ذكره (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (1)) فقال له أبو جعفر عليه السلام (إلا من ارتضى من رسول) (2) وكان والله محمد ممن ارتضاه واما قوله عالم الغيب فان الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ ويقضيه في علمه قبل ان يخلقه وقبل ان يقضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنه إليه فيه المشية فيقضيه إذا أراد ويبدوله فيه فلا يمضيه فاما العلم الذي يقدره الله عز وجل ويقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم الينا (وعن معمر بن خلاد) قال سأل ابا الحسن رجل من أهل فارس فقال له اتعلمون الغيب قال فقال أبو جعفر يبسط لنا العلم فنعمل ويقبض عنا فلا نعلم وقال سر الله عز وجل أسره إلى جبرائيل وأسره جبرائيل الى محمد وأسره محمد الى من يشاء الله (وعن الصادق) باسانيد عديدة قال إذا أراد الامام ان يعلم شيئا أعلمه الله ذلك (وعن أبي بصير) قال قال أبو عبد الله أي امام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة الله على خلقه (وعن الكاظم) عن أبيه عن جده انه أتى علي بن الحسين عليه السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال يا أبت أشرب هذا فقال يا بني ان هذه الليلة التي أقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله (وعن حمران =
(1): سورة الجن آية 26 (2): سورة الجن آية 27

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...