بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين وبعد.
للقرآن الكريم ما لا يخفى من الدور العظيم في تثبيت الإنسان والمجتمع على صراط النجاة المستقيم. وقد ورد العديد من الآيات القرآنية والروايات المباركة التي أكّدت على أهميّة جعل القرآن رايةً نورانية تمشي الأمة تحت ظلها.
فالتحدّيات العالمية التي تواجهها الأمة اليوم، والغزو الثقافي، كما المادي، الذي يحيط بها من كل اتجاه، يجعل من القرآن الكريم خير قائد ودليل، ومنبعاً للفكر الوضّاء الذي يستطيع أن ينقذ روحانيّة الإنسان، وكيانه ووجوده، ويبقي على ارتباطه المعنوي بالحق عز وعلا، بل إنّ بقاء دولة الحق ووجودها مرتهن بوعي وفهم أصلين أساسين هما: “كتاب الله وعترتي أهل بيتي”.1
وهذا ما يحتاج إلى الغور في رحاب القرآن الكريم تعلّماً وتعليماً وتدبّراً في آياته وسوره.
وقد أكّدت الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام على وجوب تعلّم القرآن وتعليمه، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:2 “القرآن مأْدبة الله فتعلَّموا مِن مأْدبة
________________________________________
1- الكافي، ج2، ص 415.
2- مستدرك الوسائل، ج1، ص 287.
الله ما استطعتم، إنَّه النّور المبين، والشفاءُ النافع، تعلَّموه فإنَّ الله يشرّفكم بتعلُّمه”. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “ما مِن مؤمن ذكراً أَو أُنثى، حراً أَو مملوكاً، إِلا ولله عليه حق واجب أَنْ يتعلَّمَ من القرآن”3.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “من تَعَلَّمَ القرآن وتواضع في العلم وعلَّم عباد الله وهو يريد ما عند الله لم يكن في الجنَّة أَعظم ثواباً منه، ولا أَعظم منزلة منه، ولم يكن في الجنَّة منزلة ولا درجة رفيعة ولا نفيسة إِلا وكان له فيها أَوفر النصيب، وأَشرف المنازل”4.
وروي عن الإمام علي عليه السلام: “تعلَّموا القرآن فإنَّه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنَّه شفاءُ الصُّدور، وأَحسنوا تلاوته فإنَّه أَنفع (أَحسن) القصص فإنَّ العالمَ العاملَ بغير علمه كالجاهلِ الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحُجَّةُ عليه أَعظمُ والحسرةُ له أَلزم، وهو عند الله أَلوم”5.
ومن هنا يظهر الهدف من هذا الكتاب(دروس قرآنية) الذي يسعى إلى تفعيل العلاقة مع القرآن الكريم وتأصيلها، والسعي إلى فهمه والتدبّر في سوره وآياته، ومراعاة آداب التعامل معه، وإزالة الموانع والحجب بيننا وبين القرآن الكريم.
وقد أجرينا بعض التعديل على هذه الطبعة باستبدال بعض الدروس بأخرى، بغية تعزيز الفائدة المرجوّة وتوجيهها أكثر.
على أمل أن يكون لهذا الكتاب أثره العلمي والتربوي المتميّز في ساحتنا الإسلامية، ونكون مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “معلِّم القرآن يستغفر له كلّ شيء حتَّى الحوت في البحر”6.
مركز نون للتأليف والترجمة
________________________________________
3- مستدرك الوسائل، ج1، ص287.
4- عقاب الأعمال، ص51.
5- نهج البلاغة، الخطبة رقم 110.
6- مستدرك الوسائل، ج1، ص288.