الرئيسية / الاسلام والحياة / دروس في ولاية الفقيه – ولاية الفقيه والدليل العقلي عليها

دروس في ولاية الفقيه – ولاية الفقيه والدليل العقلي عليها

الدرس الاول: ولاية الفقيه والدليل العقلي عليها

 أهداف الدرس

 1- أن يتعرّف الطالب إلى معنى ولاية الفقيه.

2- أن يتبيّن أنّ الولاية هي بالأصل لله تعالى يُعطيها لمن يشاء.

3- أن يدرك أنّ الولاية هي لطف من الله تعالى.

4- أن يتعرّف إلى ضرورة الحكومة الإسلاميّّة.

5- أن يتمكّن من إثبات ولاية الفقيه من خلال التوحيد في الربوبيّة التشريعيّّة.

6- أن يتمكّن من إثبات ولاية الفقيه من خلال ضرورة النظام.

 

 

 

تمهيد

 

وردت كلمة “ولاية” في القرآن الكريم, وفي نصوص أهل البيت عليهم السلام، وفي كلمات العلماء أعلى الله مقامهم, ولها معانٍ عدّة، منها: النصرة والمحبّة والسلطة و…

والولاية التي هي موضوع بحثنا هي بمعنى السلطة، وبالتحديد سلطة الفقيه على الناس في عصر الغيبة الكبرى.

 

ما هي ولاية الفقيه؟

 

قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ *وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾1 ، وهذه الآية تبيّن أنّ الولاية الحقيقيّة هي لله سبحانه وتعالى.

 

هذه الولاية الإلهيّة تتجسّد بولاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم, والتي شرح القرآن الكريم معناها في قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾2. وكون النبيّ أولى بالمؤمن من نفسه معناه أنّه أولى به في جميع المسائل الحياتيّة، فهو أولى به في

 

1- سورة المائدة: الآية 56.

2- سورة الأحزاب: من الآية 6.

 

 

المسائل الاجتماعيّّة والقضائيّة والحكوميّة وغيرها… وأنَّ إرادته ورأيه مقدَّمان على إرادة ورأي أيّ مؤمن.

 

هذه الولاية التي أكّدها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، وأكّد على استمرارها من بعده في اثني عشر إماماً دلّت الأحاديث المتعدّدة الصادرة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام على ثبوتها، ومن أهمّها حديث غدير خم وفيه قال صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن أخذ بيد علي عليه السلام: ” ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟… من كنت مولاه, فهذا عليّ مولاه….”3 .

 

وهكذا استمرّت الولاية في الأئمّة عليهم السلام حتّى كانت الغيبة الكبرى للإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، فانتقلت الولاية إلى الفقيه، الذي شكَّلت ولايته امتداداً لولاية المعصوم؛ ليقوم بسدّ فراغ المسائل السياسيّّة والاجتماعيّّة والقضائيّة وما إلى ذلك.

 

وهكذا تكون ولاية الفقيه؛ التي نحن بصدد البحث عنها، هي نيابة عن الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف في قيادة الأمّة، وإقامة حكم الله تعالى في الأرض، مستمدّّة منه عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهي جذوة من نوره، وشهاب من قبسه، وفرع من فروع دوحته، لذلك عُرِّفت “ولاية الفقيه” بأنّها “حاكميّة المجتهد الجامع للشرائط في عصر الغيبة”.

 

الولاية لُطف

 

من الجدير بالذكر أنَّ جميع الموارد التي شرّع فيها الدّين ولايةً لبعض الناس على بعضهم، راعى فيها مصلحة المُولَّى عليه واللّطف به، ورعاية حاله, ولم ينظر إلى مصلحة الوليّ، ولم يهدف من خلالها أن يمنحه امتيازاً.

 

فالولاية في نظر الإسلام مسؤوليّّة وتكليف, كيفما كانت وحيثما وقعت. فولاية الأبّ مثلاً على أبنائه الصّغار, لحفظهم ورعايتهم واللّطف بهم. وولاية الأب في

3- الأميني، عبد الحسين، الغدير، دار الكتاب العربي, بيروت، لبنان، ج 1, ص40.

 

تزويج ابنته البكر؛ لصيانتها وحفظها من الضّياع والاستغلال. وولاية الوقف؛ لرعاية شؤونه ومصالحه والحيلولة دون خرابه وإساءة استعماله. وولاية الحاكم على أموال الغائب والقاصر والسّفيه والمجنون كذلك. وولاية الفقيه؛ لحفظ المصالح العامّة وصيانة المجتمع من الفساد والانحراف والحقوق من الضّياع.

 

وفي جميع الموارد تُقيّد الولاية برعاية مصالح الجهة المولّى عليها، وليس للوليّّ الحقّ أن يتصرّف على وفق أهوائه ومصالحه ورغباته الخاصّة، حيث تسقط ولايته خارج تلك الحدود، ومنه يتبيّن أنّ الولاية الشرعيّة، أبعد ما تكون عن الاستبداد والتعنّت والدكتاتوريّة.

 

ولا يظن أحدٌ أنَّ فكرة ولاية الفقيه ابتدعها الإمام الخمينيّّ قدس سره، لأنّه من خلال نظرة تأمليّة بسيطة نجد؛ أنّ هذه الفكرة متأصّلة في الفكر الإسلاميّّ ومتجذّرة في روايات أهل البيت عليهم السلام وكلمات العلماء، وقد رسم المعصومون الأطهار عليهم السلام معالم هذا السبيل وأبرزوا بعضاً من جوانبه, وهو الرجوع إلى من أعمل الفكر والنظر في الأحاديث الصادرة عنهم عليهم السلام, ويمكن رصد عددٍ من النصوص الواردة عنهم عليهم السلام التي تُرجِع إلى الفقيه السلطة والولاية، فبذور ولاية الفقيه موجودة في صريح أحاديثهم عليهم السلام.

 

أدلّة الولاية

 

ُيستدل على ولاية الفقيه في عصر الغيبة بعدّة أدلّة بعضها يحكم به العقل مستقِلاً, وبعضها مستقىً من الروايات والنصوص الشرعيّّة .

 

دليل العقل

 

إنَّ مقتضى التوحيد في الربوبيّة التشريعيّّة هو طاعة الله تعالى في جميع الأحكام الإسلاميّّة، وهذه الطّاعة تتمثّل في تطبيق جميع هذه الأحكام ووضعها موضع التنفيذ العمليّ، وهذا الأمر لا يتحقّق دون وجود حكومة إسلاميّة تتبنّى

 

 الإسلام فكراً وعملاً، ويقف على رأسها شخص عالِمٌ بالإسلام، مطبِّق له على نفسه، وقادر على تطبيقه في المجتمع. هذا بنحو الإجمال، أمّا تفصيل الدليل ولوازمه فيحتاج لبيان مقدّمات:

 

الأولى:الحاجة للقانون

 

إنَّ من القواعد العقلائيّة الثابتة التي لا تتغيَّر بتغيُّر الاتجاهات والمذاهب والأديان، هي الحاجة الضروريّة لوجود القانون في المجتمع البشريّ.

ذلك أنَّ الإنسان اجتماعيّ بفطرته، وهو بحاجة لتنظيم علاقاته الاجتماعيّّة ومختلف شؤون حياته؛ للحفاظ على مصالح الفرد والمجتمع.

 

الثانية:القانون يحتاج قيّماً

 

إنّ أيّ قانون لا يمتلك ضمانة التنفيذ بنفسه، فمجرّد وجود القانون لا يحلّ المشكلة ولا يحقّق الغرض من وجوده، فهو بحاجة إلى قيِّم، يضمن التنفيذ والتطبيق الكامل له، ويُقيم العدل على أساسه، ويُؤيّد ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام في جواب الخوارج عندما سمعهم يقولون: “لا حكم إلّا لله”، فقال:عليه السلام “كلمة حقٍّ يراد بها باطل”4 ، نعم، إنَّه لا حكم إلّا لله ولكن هؤلاء يقولون: “لا إمرة إلّا لله، وإنّه لا بدّّ للنّاس من أمير.. الخ”5 .

 

وعن الفضل بن شاذان عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، أنّه قال في علّة تعيين أولي الأمر والأمر بطاعتهم.

 

“… فإن قال: فَلِمَ جعل أولي الأمر وأَمَرَ بطاعتهم؟ قيل: لعِلَلٍ كثيرة:

 

منها: أنَّ الخلق لمّا وقَفوا على حدٍّ محدود وأُمِروا أن لا يتعدّوا ذلك الحدّ لِما فيه من فسادِهم، لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم, إلّا بأن يُجعل عليهم فيه أميناً يمنعهم من التعدّي والدخول فيما حُظر عليهم، لأنّه لو لم يكن ذلك كذلك، لكان

4- نهج البلاغة، خطب الإمام عليّ عليه السلام، ج 4 ص 45.

5- م. ن، ج 1 ص 91.

 

أحدٌ لا يترك لذّته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّماً يمنعهم من الفساد ويُقيم فيهم الحدود والأحكام.

 

ومنها: أنّا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملّة من المِلل بقوا وعاشوا إلّا بقيِّم ورئيس، لِما لا بدّّ منه في أمر الدّين والدّنيا، فلم يجز في حكمةِ الحكيم أن يترك الخلق ممّا يعلم أنَّه لا بدّّ لهم منه، ولا قوام لهم إلّا به، فيقاتلون به عدوّهم ويقسّمون به فيئهم، ويُقيم لهم جُمعتهم وجماعتهم، ويمنع ظالمهم من مظلومهم”6

 

الثالثة:مواصفات القيّم

 

لا بدّّ للقيّم الذي يتولّى مهمة ومسؤوليّة تنفيذ وتطبيق القانون أن يتّصف بالصِّفات التالية:

 

1- العلم التامّ بالقانون, لأنّ العلم بالقانون مقدّمة ضروريّة لتطبيقه.

 

2- الحصانة الأخلاقيّة, لأنَّ القيمومة على الأمر أمانة عظمى, لا ضمان لأداءها ما لم يكن القيّم في أعلى مستويات العدالة والورع والتقوى.

 

3- الكفاءة الإداريّّة, لأنّ القيام بهذه المسؤوليّة على أكمل وجه، يتطلّب من المهارات والخُبرات الإداريّّة والاجتماعيّّة والسياسيّّة وغير ذلك ممّا له مدخليّة في الوصول إلى الهدف على أكمل وجه.

 

النتيجة

 

عندما نتحدّث عن الحكم الذي يحقّق العدل، فقد أكّد القرآن الكريم أنّ العدل لا يتحقّق إلّا من خلال النظام الإسلاميّّ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾7 . وإذا كان الكلام عن الحكم الإسلاميّّ، فهذا يعني أنَّ القيّم يجب أن يكون – كتطبيق للصفات السابقة التي حكم العقل بها – حائزاً على الصفات التالية:

 

6- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء,الطبعة الثانية المصحّحة، ج 23 ص 32.

7- سورة المائدة: من الآية 45.

 

– عالماً بحكم الإسلام, قادراً على معرفة الحكم الشرعيّّ لكلّ واقعة, وبالتالي يجب أن يكون فقيهاً مجتهداً.

 

ـ صاحب حصانة أخلاقيّة, بمعنى الالتزام بالحكم الشرعيّ بشكل كامل، وهو تعبير عن مستوى عالٍ من العدالة والتّقوى والورع، يجب توفرها في الوليّ فضلاً عمّا يجب أن يتمتّع به من كفاءات إداريّّة.

 

وإذا عيّن الله تعالى من يقوم بالأمر, ونصّبه لحمل هذه المسؤوليّة, فهو المتعيّن، ويجب على الناس طاعته والرجوع إليه، فليس هناك أفضل ولا أولى من القيّم، ومن الجهاز الحاكم الذي يعيّنه الله تعالى, لأنَّه المطّلع على سرائر خلقه والخبير بنفوسهم، ولا يختار لهذه المسؤوليّة العظمى والأمانة الكبرى، إلّا من طَهُرَت نفسه وصفت سريرته، وخلصت نيّته، وكمل عقله، فيحمّله الأمانة ويسدّده بالوحي، كما هو الحال بالنسبة إلى الرُسُل وأنبياء الله الكرام عليهم السلام، وآخرهم وخاتمهم الرسول الأعظم محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكما هو الحال بالنسبة إلى الأئمّة الأوصياء المعصومين الذين نصّ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر الناس بطاعتهم والتمسّك بهم والولاية لهم، وهذا البحث موكول للدراسات الكلاميّة والعقائديّة.

 

إنَّما البحث في هذه الدروس فيما لو غاب الإمام المعصوم المعيّن، فإن ثبت أنّهم عليهم السلام نصّوا على أحد بعينه فتلزم طاعته والرجوع إليه.

وإن ثبت بوصفه وعلامته فكذلك.

 

أمّا إذا فرضنا انتفاء النصّ، فهنا يوجد ثلاثة فروض:

 

1- الإهمال: بترك الحبل على الغارب.

 

وهذا ينكره العقل ضرورة لأنّه يؤدّي إلى النقص.

 

2- إفساح المجال أمام أيّ شخص لتوليّ الأمر دون مراعاة الصِّفات والشروط , وهذا أيضاً لا يمكن الإلتزام به؛ لأنّه يؤدّي إلى تعطيل

 

الأحكام، لأنّ المتولّي غير جامع للشروط، فغير العالم مثلاً لا يستطيع تطبيق الأحكام لعدم معرفته بها.

 

3- تولّي الفقيه الجامع للشرائط – المتقدّمة – وهذا هو المُتعيّن بعد ملاحظة جميع المقدّمات المذكورة وبعد بطلان الفرضين السابقين.

 

خلاصة

 

إنّ مقتضى التوحيد في الربوبيّة التشريعيّّة هو طاعة الله تعالى في جميع الأحكام الإسلاميّّة، وهذه الطاعة تعني تطبيق جميع هذه الأحكام ووضعها موضع التنفيذ العمليّ، وهذا الأمر لا يتمّ دون وجود حكومة إسلاميّة تتبنّى الإسلام فكراً وعملاً، ويقف على رأسها شخص عالم بالإسلام، ومطبّق له على نفسه، وقادر على تطبيقه في المجتمع.

 

والبحث يقع فيما لو غاب المعصوم عليه السلام, وفُرض انتفاء النّص على شخصٍ بعينه، فهناك ثلاثة فروض:

 

الإهمال؛ وهذا ما تنكره ضرورة العقل.

 

أيّ شخصٍ يتولّى الأمر من دون رعاية الصفات والشروط؛ وهذا يؤدّي إلى تعطيل الأحكام.

 

تولّي الفقيه الجامع للشرائط؛ وهذا هو المتعيّن بعد ملاحظة جميع المقدّمات.

 

 

 

ولاية الفقيه في كلمات العلماء

 

الشيخ المفيد قدس سره (336-413هـ): يقول قدس سره في باب الأمر بالمعروف والجهاد: “فأمّا إقامة الحدود, فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله تعالى, وهم أئمّة الهدى من آل محمّد عليهم السلام, ومن نصَّبوه لذلك من الأمراء والحكّام, وقد فوّضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان”8 .

 

للمطالعة

 

السُّنن الإلهيّة في إقامة حكومة العدل

 

﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ﴾9 .

ثلاثة عناصر تشترك في بناء حكومة العدل، وتتكامل من أجل تحقيق هذا الهدف، والإخلال بأيّ واحد منها يُسقط المشروع، ويحرفه عن الهدف المنشود، تلك العناصر هي:

 

1- المنهج الصحيح, والذي يتمثّل في عقيدتنا بالرسالة الإسلاميّّة فكراً ونظاماً وشريعة.

 

2- القيادة الصالحة، المعبّر عنها بالولاية التي تمتدّ من ولاية الرسل والأئمّة المعصومين عليهم السلام، حتّى ولاية الفقيه الجامع للشرائط.

 

3- الأمّة الحاضرة، المتمسِّكة بالمنهج الصحيح والقيادة الصالحة، فإذا غابت الأمّة عن الساحة، وتخلّت عن المنهج الصحيح، وتخلّفت عن ولاة

8- المفيد، محمّد بن محمّد بن النعمان، كتاب المقنعة، مؤسسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين بقمّ المشرّفة، ص 810.

9- سورة البقرة: 251.

 

 الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم، لم تكتمل المعادلة، ولم يتمكّن القادة من إقامة حكومة العدل.

 

وتاريخنا مليء بالشواهد، فعندما امتنعت الأمّة عن القيام بدورها، وتفرّقت عن الحقّ, وانقادت لأئمّة الجور، حرمت بركات الرسالة الإلهيّة، وبركات القيادة المعصومة، وتوالت عليها المآسي.

 

وعندما عرفت الأمّة طريقها وتمسّكت بالحقّ، وقامت بالدور المطلوب، ذاقت طعم العدل، وتمكّن القادة من أهل الصلاح أن يوجّهوا المسيرة نحو الهدف، وأنزل الله سبحانه نصره، تلك هي سنّة الله ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا﴾10 .

 

فلم يكن يمنع أهل البيت عليهم السلام عن القيام بالأمر، وإقامة حكم الإسلام، إلّا تفرّق الناس عنهم، وتخلّيهم عن دورهم وعن تكليفهم، منذ أمير المؤمنين عليه السلام حتّى بقيّة الله الأعظم أرواحنا لتراب مقدمه الفداء. والنصوص الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام، تتضمّن هذا المعنى، وهذا ما يبرز بوضوح في محاوراته عليه السلام مع سدير الصيرفيّ، وبُريد العجليّ، ومأمون الرقيّ، وغيرهم.

 

فالمسألة إذاً تدور مدار اكتمال الشروط التي بها تجري السنن الإلهيّة، وعلى هذا النهج نهضة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، فالمسألة ليست مجرّد توقيت ومجرّد إرادة، فالتوقيت والإرادة الإلهيّة إنّما يأتيان وفق الحكمة، وبعد تحقّق الأسباب، وهو مضمون السنّة الثابتة.

 

 

10- سورة الأحزاب: 62.

 

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...