أحدهما: تطبيق العناصر الثابتة من الاقتصاد الإسلاميّ.
والآخر: ملء العناصر المتحرِّكة وفقاً لظروف الواقع وعلى ضوء المؤشّرات الإسلاميّة العامّة الّتي تقدّم ذكرها.
وتتفرّع من هذين الخطّين عدّة مسؤوليّات تفصيليّة، منها:
________________________________________
1-سورة الأنفال، الآية: 60.
1- مسؤوليّة الضمان الاجتماعيّ انطلاقاً من حقّ الأمّة جميعها في الانتفاع بثروات الطبيعة وخيراتها.
2- مسؤوليّات التوازن الاجتماعيّ، بمعنى توفير حدّ أدنى من الراحة والرفاه لكلِّ أفراد المجتمع من خلال توفير إمكانات العمل وفرص الإنتاج للجميع، ومن خلال منع تجاوز مستوى المعيشة بصورة حادّة، أو احتكار الثروة في طبقة خاصّة.
3- مسؤوليّة رعاية القطاع العامّ واستثماره بأقصى درجة ممكنة، وذلك من خلال الاستفادة من أحدث الأساليب وكلّ المستجدات العلميّة في سبيل تنميته وإصلاحه والارتفاع بمستوى قدرته الإنتاجيّة.
4- مسؤوليّة الإشراف على مجمل حركة الإنتاج في المجتمع، وإعطاء التوجيهات اللّازمة بهذا الصدد تفادياً لمشاكل الفوضى في الإنتاج، والحيلولة دون الإسراف في الإنتاج على المستويين الفرديّ والمجتمعيّ.
5- وضع سياسة اقتصاديّة لتنمية الدخل الكلّيّ للمجتمع ضمن الصيغ التشريعيّة الّتي تتّسع لها صلاحيّات الحاكم الشرعيّ.
وعلى ضوء ما تقدّم نكون قد حدّدنا تصوّراً عن حياة المجتمع الإسلاميّ وما يسوده من صور العدالة والرخاء، وذلك من خلال توجيهه للأهداف والقيم الإسلاميّة الكبرى والعمل على تحقيقها.
الخلاصة:
أوّلاً: إنّ الإسلام ليس ديناً وعقيدة فقط، بل هو ثورة ومنهج للحياة في كلّ زمان ومكان، لكي يُحرِّر الإنسان من الداخل أوّلاً عن طريق الجهاد الأكبر، ومن ثُمّ تحرير الإنسان من الخارج عن طريق جهاد الظلم، والاستغلال، والعبوديّة.
ثانياً: لقد استطاعت ثورة الأنبياء عليهم السلام كثورة اجتماعيّة أنْ تُزيل مواقع الظلم والاستغلال نهائيّاً وأنْ تُنبِّه في نفوس البشريّة كلّ كوامن الخير، والعطاء، والإبداع.
ثالثاً: إنّ الإسلام قادر على قيادة الحياة وتنظيمها ضمن أطره الحيّة دائماً، ومن منطلق عناصره الثابتة والمتحرِّكة، بحيث يُمكن أنْ يستوعب كلّ مشاكل الحياة المعاصرة ووضع العلاج المناسب لها، وهذا ما يتطلّب منهجاً إسلاميّاً واعياً للعناصر الثابتة في الشريعة وإدراكاً معمّقاً لمؤشّراتها العامّة، والّتي على ضوئها يتمّ استنباط العناصر المتحرِّكة وتحديدها وفقاً لطبيعة المرحلة ومتطلباتها، وذلك ضمن حدود صلاحيّات الحاكم الشرعيّ.
رابعاً: تحتوي الشريعة الإسلاميّة على خطوط عامّة ومؤشّرات أساسيّة ترتسم من خلالها صورة متكاملة لاقتصاد المجتمع الإسلاميّ، ومن أبرز تلك المؤشّرات والخطوط ممارسة المعصوم (نبيّاً أو وصيّاً)، بحيث تُشكّل بمجموعها دلالة ثابتة يُمكن أنْ يستفيد منها الحاكم الشرعيّ (وليّ الأمر) في عصر الغيْبة، والعمل على تحقيق أهدافها وقيمها ضمن نطاق صلاحيّاته الشرعيّة.
خامساً: لقد وضع الإسلام صورتين لأحكام الثروة
والموارد الطبيعيّة، الأولى: الصورة الكاملة للمجتمع الإسلاميّ، والثانية: الصورة المحدّدة للفرد وعلاقاته مع الطبيعة والإنسان الآخر.
سادساً: يعتبر الإسلام أنَّ كلّ قوّة أو قدرة تُحقّق للمجتمع الإسلاميّ وأفراده رهبة في نفوس المجتمعات المتربّصة بهم شرّاً وسوءاً، فإنّها لا بُدَّ من وجوب تنميتها ورعايتها ولا سيّما القدرة والقوّة الاقتصاديّة في عصرنا الحديث، حيث يتطلّب من الدولة الإسلاميّة القيام بجميع مسؤوليّاتها وواجباتها في تطبيق أحكام الإسلام الثابتة والمتغيّرة، والّتي على ضوئها يُمكن تحقيق الضمان الاجتماعيّ، فضلاً عن خلق حالة من التوازن الاجتماعيّ بين الأفراد، والتصدّي لكلِّ أساليب الاحتكار، والاستبداد، والطغيان.