الوقت – سعى الكيان الإسرائيلي منذ إحتلاله لفلسطين عام 1948 وحتى الآن إلى تغيير المعادلة الديموغرافية (السكّانية) في الأراضي المحتلة لاسيّما في قطاع غزة والضفة الغربية من خلال إتباعه لأساليب مختلفة تهدف إلى زيادة أعداد المستوطنين اليهود في هذه المناطق من جهة، ووضع العراقيل في سبيل منع زيادة أعداد الفلسطينيين في تلك المناطق من جهة أخرى.
ولكن رغم هذه السياسة تشير الاحصائيات والأرقام المتوفرة إلى أن أعداد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية في تزايد مستمر قياساً إلى أعداد اليهود والمستوطنين في باقي الأراضي المحتلة، وهذا الأمر أخذ يقضّ مضاجع المسئولين الصهاينة لما له من تداعيات سلبية على الوضع الاجتماعي والسياسي والنفسي داخل كيان الاحتلال.
ويعيش الآن نحو خمسة ملايين فلسطيني في الضفة والقطاع رغم المآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني خلال العقود السبعة الماضية التي أعقبت الاحتلال، وهذا يشير إلى أن نسبة النمو السكّاني لدى الفلسطينيين تصل إلى حدود 2.1 بالمئة سنوياً، أيّ ما يعادل ثلاثة أضعاف معدل النمو السكّاني السنوي في مجمل الدول العربية، فيما لا تزال هذه النسبة منخفضة في صفوف المستوطنون رغم مساعي الكثير منهم لتلافي هذا الأمر من خلال رفع مستوى الانجاب في السنوات الأخيرة.
في هذا السياق أعلن المركز الفلسطيني للإحصاء في تقرير نشر مؤخراً أن عدد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بلغ حوالي أربعة ملايين وثمانمائة وعشرة آلاف نسمة حتى أواسط العام الجاري (2016) بينهم 2.45 مليون رجل و 2.36 مليون إمرأة. ويشكل الشباب ما نسبته 29.9 بالمئة من هذه الأعداد، أيّ ما يعادل تقريباً ثلث المجموع العام للسكّان الفلسطينيين في كل من الضفة والقطاع.
و أفاد مركز الإحصاء الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين تضاعف 9 مرات تقريبا منذ النكبة*، إذ إرتفع من 1.4 مليون نسمة في 1948 إلى 12.4 مليون نسمة في الوقت الحاضر، بمن فيهم فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 48 وفلسطينيو الشتات.
وسجلت معطيات البيانات الجديدة لمركز الإحصاء الفلسطيني وقوع تزايد مُطرد في أعداد الفلسطينيين بشكلٍ عام، إضافة لتعاظم حضورهم داخل المناطق المحتلة عام 1948 من حيث الكم (أعداد) ومن حيث النوع (الفعل والتأثير داخل الدويلة الصهيونية).
في هذا الخصوص ذكر كتاب حقائق العالم (The World Factbook) الذي تصدره وكالة المخابرات الأمريكية سنوياً في نسخته الأخيرة أن الفلسطينيين يشكلون حالياً ما يعادل 83 بالمئة من سكّان الضفة الغربية مقابل 17 بالمئة فقط من المستوطنين.
ووفق المعطيات الجديدة، قدّر عدد الفلسطينيين في نهاية أيار/مايو عام 2015 بحوالي (12.35) مليون نسمة، نصفهم تقريباً يعيشون في مخيّمات للاجئين لاسيّما في سوريا ولبنان والأردن. أمّا الفلسطينيون غير المُسجلين في سجلات اللاجئين لدى وكالة الأمم المتحدة من فلسطيني الشتات فبلغ تعدادهم (2787700) نسمة، أيّ ما نسبته (22.3%) من مجموع أبناء الشعب الفلسطيني. وينتشر فلسطينيو الشتات في الكثير من دول العالم بينها أمريكا وكندا وفنزويلا والأرجنتين وتشيلي وغيرها من البلدان.
والأمر الهام الذي يُمكن إستخلاصه من هذه الأرقام والمعطيات، أنه ورغم النكبات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني طيلة العقود السبعة الماضية لاسيّما النكبة الكبرى عام 1948، وأثرها في التشتت الفلسطيني، إلاّ أن قرابة 90% من المجموع العام للشعب الفلسطيني، مازالوا يعيشون داخل فلسطين التاريخية* أو على مقربة من حدودها، وهو أمر له دلالاته، ويحمل في طيّاته المعاني الواضحة التي تؤكد أن هذا الشعب سيبقى متمسكاً بحقه في أرضه ووطنه، وسيتمكن في نهاية المطاف من نيل جميع حقوقه المسلوبة ومنها حق العودة طال الزمن أم قصر.
—————————————————————————————————————————–
* النكبة تشير إلى المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره. وهي المصطلح الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948. وتشمل أحداث النكبة عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب والسلب ضد الفلسطينيين.
* فلسطين التاريخية مصطلح مجازي لأن فلسطين ستبقى كما هي ولن يمسحها إحتلال ولا تمسخها إتفاقات تسوية أو أيّ شيء من هذا القبيل.