لقد اهتمّ الإسلام العزيز بالمرأة أيّما اهتمام، إلى الحدّ الّذي أنزلت سورة طويلة مسمّاة باسم “النساء” في القرآن الكريم. وهذا يدلّ على خطورة وأهمّية العنصر النسائي في المجتمع الإنساني، وعلى اهتمام الإسلام بهذا العنصر، إلّا أنّ التاريخ والحاضر قد ظلمها، ولم يلتفت إلى خطورة دورها، فأنقص حقوقها وهدرها. ونحن ذاكرون بعض حقوق المرأة العامّة في الإسلام، عسى أن يكون ذلك دافعاً لردّ بعض الشبهات الّتي قد تعتري بعض الناس حول وضع المرأة في الإسلام.
2- أوّل خطأ ومعصية
من المشهور عند الأديان الأخرى وربما سرى ذلك إلى بعض المسلمين أيضاً،أنّ المرأة تتحمّل مسؤوليّة أوّل خطأ قام به الإنسان وأنّها كانت السبب في وقوع آدم عليه السلام في الخطأ أيضاً،فهي التي زيّنت له الأكل من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عنها.
روى ابن عباس أنّه: “لمّا أكل آدم من الشّجرة التي نُهي عنها قال الله عزّ وجلّ ما حملك أن عصيتني؟ قال: ربّ زيّنت لي حواء. قال: فإنّي أعقبتها أن لا تحمل إلّا كرهاً ولا تضع إلّا كرهاً ودميتها في الشهر مرّتين. فلمّا سمعت حواء ذلك رنّت، فقال لها: عليك الرنّة وعلى بناتك”3.
وهذه الروايات لم تصح عندنا وهي تخالف ظاهر القرآن الكريم. يقول تعالى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَ عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾4.
فهذه الآيات لم تميّز بين آدم وحواء عليهما السلام في هذا الموضوع، فالله تعالى خاطبهما معاً ووسوسة إبليس اللعين كانت لهما معاً.