20)
آداب مخاطبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين الحبط والتقوى
مفاهيم محورية:
– الحبط في القرآن.
– العمل بين الحبط والتقوى.
– الذنوب الموجبة لحبط الأعمال في القرآن.
– معنى امتحن الله قلويهم.
– فئات المجتمع الإسلامي بحسب الآية.
– الدروس المستفادة من الآية.
النص القرآني
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾[1].
تمهيد
القرآن الكريم يكشف لنا في هذه الآية وفي غيرها أنّ هناك مجموعة أسلموا وآمنوا بالله وبالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لكنّهم لم يدركوا قداسة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومدى دائرة وجوب طاعته، إذ كانوا يعاملونه في بعض الأحيان كأدون الناس شأناً، وكانوا يعارضونه ويعترضون عليه ويرفعون أصواتهم فوق صوته، وقد عالج القرآن أمثال هذه السلوكيات الخطيرة ومنها ما ورد في الآية المباركة وفيها تصريح أنّهم آمنوا بالله ورسوله ولكنّهم كانوا يرفعون أصواتهم في محضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا ينادونه بما يكشف عن أنّهم كانوا لا يلتزمون بما يقتضيه شأن النبوة، ولا يعتبرون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا شخصاً عادياً مثلهم، فلا حاجة إذن ولا ضرورة للتعبُّد بما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم
كنبي، وهذا ما أوجب التهديد لهم بالإحباط لأعمالهم[2]. بخلاف من يعتقد برسالته ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾.
فإن الآية الكريمة تنهى المؤمنين بالله ورسوله أن يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك عند مخاطبته وتكليمه صلى الله عليه وآله وسلم وأن يكون صوتهم أرفع من صوته وأجهر، لأنّ في ذلك كما قيل أحد شيئين: إما نوع استخفاف به وهو الكفر، وإما إساءة الأدب بالنسبة إلى مقامه وهو خلاف التعظيم والتوقير المأمور به وهو موجب لحبط العمل.
[1] سورة الحجرات، الآيتان: 2-3.
[2] راجع: وضوء النبي، علي الشهرستاني، ج2، ص15.