الرئيسية / الاسلام والحياة / بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

روي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُول:” جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لَا يَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى لَا يُبَالِيَ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: حَرَامٌ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا”.1
________________________________________

1- الكافي، الكليني، ج2، ص 128، باب ذم الدنيا والزهد فيها، ح2.

آثار الذنوب:
انظروا إلى الذّنوب والمعاصي المتنوّعة التي يقترفها الإنسان، وإلى الأعمال النّاجمة عن الانسياق وراء الشّهوات وحبّ الدّنيا والطمع فيها، والحرص على مالها، والتّعلّق بمناصبها، وبُخل المرء بما يمتلك من إمكانات، إضافة إلى صفات الحسد والغضب. من المؤكّد أنّها تترك في الإنسان أثرين، أوّلهما: تأثيرٌ معنويّ يُسقِط من الرّوح طهارتها، ويُطفِئ فيها وهج النّور، فيخبو ذلك البعد المعنويّ في الإنسان، وينقطع أمامه سبيل الرّحمة الإلهيّة.

أمّا الأثر الثّاني: فيبَرُز في ساحة النّشاط الاجتماعيّ، حيث تتطلّب حركة الحياة الجدّ والحزم وصلابة الإرادة، هناك تكون الذّنوب لجاماً للإنسان، ويُسقط ما في يده، إذا لم تتوفّر له عناصر أخرى تعوّض هذا الضّعف.

بطبيعة الحال، قد تكون لدى الإنسان، أحياناً، عوامل أخرى تعوّض عن

________________________________________6- لقاء مع عامّة أفراد الشّعب، 22/05/2002.
ذلك، كالسّجايا الحسنة والعمل الصّالح، إلاّ إنّها ليست موضع بحثنا، أمّا الذّنب بذاته فهذه آثاره7.

تعظيم العدو نتاج النزعة الدنيويّة:
أصبح الشُّغل الشَّاغل لبعض الأشخاص – وللأسف الشَّديد – تعظيم العدوّ واستصغار نفسه، وترديد مقولة عظمة العدوّ، وتكرار قول: (لا يمكننا)، وهذا يعني أنّنا – كالكثير من الدُّوَل والحكومات – يجب أن نُبتلع من الاستكبار العالميّ، وتُهضم حقوقنا.

هؤلاء مُخطئون، هم ضعفاء وفارغون من الدّاخل، فإمّا أنّهم كانوا كذلك، أو أنّهم أصبحوا فارغين، وملذّات الدّنيا ومتاعها هي ما جعلهم كذلك. النَّزعة الدُّنيويّة جعلتهم بلا قيمة وبلا هويّة، ولذلك فهم يتوهّمون أنّ الجميع مثلهم8.

ولهذا نجد أن بعض من يعمل في ميدان الفكر يتجاوز القانون. ولكن لميدان الفكر والعلم قوانينه التي يجب اتّباعها. فإذا كانت لدى أحدهم شبهةٌ ما حول أحد المباني الفكريّة، فمقتضى القانون أن تُطرح في المراكز التّخصّصيّة والمحافل العلميّة، فإمّا أن يقوم بحلّ هذه الشّبهة وإبعادها عن ذهنه، وإمّا أن يحوّلها إلى نظريّة، ويُقنع بها أهل العلم والنّظر في حال كانت إشكالاً حقيقيّاً. هؤلاء السادة لا يَتَّبِعون هذا القانون، بل بمجرّد أن تَعرُض لهم شبهةٌ يتزلزل إيمانهم، ونتيجة الابتلاءات والشدائد الكثيرة

________________________________________
7- خطبة صلاة الجمعة، طهران، 17/01/1997.
8- لقاء مع عامّة أفراد الشّعب، 22/05/2002.

والمتنوّعة، تنخر سوسة الهوى والهوس وطلب الدّعة وحب الدنيا أسس إيمانهم القلبيّ، فيقعون في الشبهة، ثمّ يقومون بنشر الشّبهة بين العامّة، ويسمّونها إعادة نظر، هذه خيانة لأفكار العامّة.

ما معنى إعادة النّظر؟ أحياناً تكون إعادة النّظر بمعنى العودة المستنيرة والمنصفة عن الأخطاء، فهذا الأمر غاية في الحُسن. أمّا إعادة النّظرة السياسيّة الناتجة عن مصالح ضَيّقة ناشئة من تغيُّر الظّروف والأوضاع وتغرير الأعداء، فليست إعادة نظر إنّما هي تفّلت وانحراف مسلكي.

لدينا في الإسلام مبدأ الاجتهاد الدائم، والمقصود منه سعي الإنسان صاحب الرأي لتكميل فكره ونظره.

في مسيرة التّكامل، يقوم الإنسان أحياناً بتصحيح خطئه، هذا أمر صحيح وحسن. وفي مسيرة الفكر الإسلامي، على أهل الرأي والعلماء والذين يملكون قدرة الاجتهاد والاستنباط في المباني الفكريّة والنظريّة للثورة – وليس كلّ من ادّعى ذلك، ولا الذي لم يحُز الكفاءات العلميّة والفكريّة اللاّزمة – التّفكير بشكلٍ دائم، واستكمال هذا الفكر. هذا أمر جيّد.

علينا أن لا نكون من أتباع حزب الرّيح، فنميل معها حيث تميل، أو أن ننظر إلى العدوّ وإلى أي موقف يتخذه, فنطابق مواقفنا معه، فإن عبس نظهر بمظهر الخائف، وإن تكلّم بقَسوة نُبدي له مظاهر الاعتذار، هذا الأمر غير مقبول9. ________________________________________
9- حديث الإمام الخامنئي في لقاء مع شباب أصفهان، 27/02/2002.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...