ليالي بيشاور – 50 لسلطان الواعظين السـيّد محمّـد الموسوي الشيرازي
15 أغسطس,2018
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
1,078 زيارة
يوم الإنذار:
أول مناسبة صرح فيها رسول الله (ص) بخلافة الإمام علي في أوان رسالته والإسلام بعد لم ينتشر ، بل كان لا يزال في مهده ولم يخرج من مكة المكرمة ، لما نزلت الآية الكريمة : ( وأنذر عشيرتك الأقربين … )(7).
روى الإمام أحمد ، في مسنده 1/111 و 159 و333 .
والثعلبي في تفسيره عند آية الإنذار .
والعلامة الكنجي الشافعي ، في ” كفاية الطالب ” أفرد لها الباب الحادي و الخمسين .
والخطيب موفق بن أحمد الخوارزمي ، في المناقب .
ومحمد بن جرير الطبري ، في تفسيره عند آية الإنذار ، وفي تاريخه 2/217 بطرق كثيرة.
وابن أبي الحديد ، في شرح ” نهج البلاغة ” .
وابن الأثير ، في تاريخه ، الكامل 2/22 .
والحافظ أبو نعيم ، في ” حلية الأولياء ” .
والحميدي ، في ” الجمع بين الصحيحين ” .
والبيهقي ، في ” السنن والدلائل ” .
وأبو الفداء ، في تاريخه 1/116 .
والحلبي ، في السيرة 1/381 .
والإمام النسائي ، في الخصائص ، حديث رقم 65 .
والحاكم في المستدرك 3/132 .
والشيخ سليمان الحنفي ، في الينابيع ، أفرد لها الباب الحادي والثلاثين .
وغيرهم من كبار علمائكم ومحدثيكم ومفسريكم ، رووا ـ مع اختلاف يسير في العبارات ـ :
إنه لما نزلت الآية الشريفة : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) جمع رسول الله (ص) بني عبد المطلب ، وكانوا أربعين رجلا ، منهم من يأكل الجذعة(8) ويشرب العس(9) .، فصنع لهم مدا من طعام ، فأكلوا حتى شبعوا ، وبقي كما هو !
ثم دعا بعس ، فشربوا حتى رووا ، وبقي كأنه لم يُشرب !
ثم خاطبهم رسول الله (ص) قائلا :
يا بني عبد المطلب ! إن الله بعثني للخلق كافة وإليكم خاصة ، وقد رأيتم ما رأيتم ، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان وثقيلتين في الميزان ، تملكون بها العرب والعجم ، وتنقاد لكم الأمم ، وتدخلون بهما الجنة ، وتنجون بهما من النار ، وهما شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله .
فمن منكم يجبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي ؟
وفي بعض الأخبار : يكون أخي وصاحبي في الجنة . وفي بعض الأخبار : يكون خليفتي في أهلي .
فلم يجبه أحد إلا علي بن أبي طالب ، وهو أصغر القوم .
فقال له النبي (ص) : اجلس ، وكرر النبي (ص) مقالته ثلاث مرات ولم يجبه أحد ، إلا علي بن أبي طالب (ع) .
وفي المرة الثالثة ، أخذ بيده وقال للقوم : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا .
هذا الخبر الهام الذي اتفق على صحته علماء الفريقين من الشيعة والسنة .
تصريحات أخرى في خلافة علي (ع):
وهناك تصريحات أخرى من رسول الله (ص) في شأن خلافة الإمام علي (ع) ، ذكرها علماؤكم ومحدثوكم الموثقون لديكم في كتبهم المعتبرة ، منهم :
1ـ الإمام أحمد في ” المسند ” والمير السيد علي الهمداني الشافعي في كتابه ” مودة القربى ” في آخر المودة الرابعة ، عن النبي (ص) قال : يا علي ! أنت تبرئ ذمتي ، وأنت خليفتي على أمتي .
2ـ الإمام أحمد في ” المسند ” بطرق شتى ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب ، والثعلبي في تفسيره ، عن النبي (ص) أنه قال لعلي (ع) : أنت أخي ، ووصيي ، وخليفتي ، وقاضي ديني .
3ـ العلامة الراغب الأصبهاني ، في كتابه محاضرات الأدباء 2/213 ط . المطبعة الشرفية سنة 1326 هجرية ، عن أنس بن مالك ، عن النبي (ص) أنه قال : إن خليلي ووزيري وخليفتي وخير من أترك بعدي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ، علي بن أبي طالب .
4ـ المير السيد علي الهمداني الشافعي في كتابه ” مودة القربى ” في أوائل المودة السادسة ، روى عن عمر بن الخطاب ، قال : إن رسول الله (ص) لما آخى بين أصحابه قال (ص) : هذا علي أخي في الدنيا والآخرة ، وخليفتي في أهلي ، ووصيي في أمتي ، ووارث علمي ، وقاضي ديني ، ماله مني مالي منه ، نفعه نفعي ، وضره ضري ، من أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني .
وفي رواية أخرى ـ في المودة السادسة ـ قال (ص) مشيرا لعلي (ع) : وهو خليفتي ووزيري .
5ـ العلامة محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، في كتابه ” كفاية الطالب ” في الباب الرابع والأربعين ، روى بسنده عن ابن عباس ، قال :
ستكون فتنة ، فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعلي بن أبي طالب (ع) .
فإني سمعت رسول الله (ص) وهو يقول : هذا أول من آمن بي ، وأول من يصافحني ، وهو فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو بابي الذي أوتي منه ، وهو خليفتي من بعدي .
قال العلامة الكنجي : هكذا أخرجه محدث الشام في فضائل علي (ع) ، في الجزء التاسع والأربعين بعد الثلاثمائة من كتابه بطرق شتى .
6ـ أخرج البيهقي والخطيب الخوارزمي وابن المغازلي الشافعي في ” المناقب ” :
عن النبي (ص) أنه قال (ص) لعلي (ع) : إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ، وأنت أولى بالمؤمنين من بعدي .
7ـ الإمام النسائي ، وهو أحد أئمة الحديث وصاحب أحد الصحاح الستة عندكم ، أخرج في كتابه ( الخصائص ) في ضمن الحديث 23 :
عن ابن عباس ، أن النبي (ص) قال لعلي : أنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي .
فالنبي (ص) يؤكد في هذا الحديث أن عليا (ع) خليفته من بعده ، أي مباشرة وبلا فصل ، فلا اعتبار لإدعاء أي مدع خلافة النبي (ص) من الذين نازعوا عليا (ع) وغصبوا منصبه ومقامه(10) لوجود حرف : ” من ” في الحديث ، فهي إما أن تكون بيانية أو ابتدائية ، وعلى التقديرين يتعين علي (ع) بعد النبي (ص) بأنه خليفته بلا فصل .
8ـ المير السيد علي الهمداني : أخرج في كتابه ” مودة القربى ” في الحديث الثاني من المودة السادسة ، بسنده عن أنس ، رفعه عن النبي (ص) قال : إن الله اصطفاني على الأنبياء فاختارني واختار لي وصيا ، واخترت ابن عمي وصيي ، يشد عضدي كما يشد عضد موسى بأخيه هارون ، وهو خليفتي ، ووزيري ، ولو كان بعدي نبيا لكان علي نبيا ، ولكن لا نبوة بعدي .
9ـ أخرج الطبري في كتابه ” الولاية ” خطبة الغدير ، عن النبي (ص) يقول فيها : قد أمرني جبرئيل عن ربي أن أقوم في هذا المشهد ، واعلم كل أبيض وأسود : أن علي بن أبي طالب أخي ، ووصيي ، و خليفتي ، والإمام بعدي .
ثم قال : معاشر الناس ! فإن الله قد نصبه لكم وليا وإماما وفرض طاعته على كل أحد ، ماض حكمه ، جائز قوله ، ملعون من خالفه ، مرحوم من صدقه .
10ـ أخرج أبو المؤيد بن أحمد الخوارزمي في كتابه ” فضائل أمير المؤمنين (ع) ” الفضل 19 ، بإسناده عن النبي (ص) أنه قال : لما وصلت في المعراج إلى سدرة المنتهى ، خاطبني الجليل قائلا : يا محمد ! أي خلقي وجدته أطوع لك ؟
فقلت : يا رب ، علي أطوع خلقك إلي .
قال عز وجل : صدقت يا محمد .
ثم قال : فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك ، ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون .
قال (ص) : قلت : يا رب اختر لي ، فإن خيرتك خيرتي .
قال : اخترت لك عليا (ع) ، فاتخذه لنفسك خليفة ووصية ، ونحلته علمي وحلمي ، وهو أمير المؤمنين حقا ، لم ينلها أحد قبله ، وليست لأحد بعده (11).
اعلموا أن الأخبار في هذا المضمار، كثيرة في كتبكم المعتبرة ، وقد نقلت لكم بعض ما أحفظ منها ، كي يعلم الحافظ بأننا لا نرو إلا ما رواه علماؤكم الأعلام ، ولا نقول إلا الحق ، ولا نعتقد إلا بالحقيقة والواقع .
والجدير بالذكر أن بعض علمائكم المنصفين اعترفوا بخلافة علي بن أبي طالب عليه السلام كما نعتقد نحن ، منهم : إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري ، المعروف بالنظّام(12) ، فإنه يقول : نص النبي (ص) على أن الإمام هو علي وعيّّنه ، وعَرَفت الصحابة ذلك ، ولكن كتمه عمر لأجل أبي بكر رضي الله عنهما .
ونحن لما لم ندرك عصر النبي (ص) ولم نحظ بصحبته ، يجب أن نراجع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة عند الفريقين في تعرف الأفضل والأعلم والأرجح عند الله ورسوله والأحب إليهما فهو أولى من غيره في خلافة النبي (ص) .
ولا يخفى على أي عالم منصف غير معاند : أن الأخبار الصريحة في خلافة علي عليه السلام وإمامته ، وفي وصايته وولايته ، وكذلك في أفضليته وأعلميته وأرجحيته من سائر الصحابة ، والمسلمين ، كثيرة جدا .
وهي مروية عن طرقكم وبأسانيدكم المعتبرة ، ومنقولة في كتبكم وتصانيف علمائكم الأعلام ، وهي كثيرة وكثيرة بحيث لم يرد معشارها في حق أي واحد من الصحابة الكرام .
وإن أكثر تلك الفضائل العلوية والمناقب الحيدرية تعد من خصائص الإمام علي عليه السلام ، ولم يشاركه فيها أحد ، ولم يشابهه فيها أحد من الصحابة الأوفياء ، ولكنه شاركهم في جميع فضائلهم ومناقبهم .
وقد ذكرنا لكم بعض الأخبار المروية عن طرقكم والمسجلة في مسانيدكم ومصادركم في حق الإمام علي عليه السلام ، ضمن حديثنا وحوارنا في الليالي السالفة والمجالس السابقة .
وإليكم نموذجا من حديث النبي (ص) نقله علماؤكم الأعلام ، يصرح نبي الإسلام فيها أن فضائل ومناقب الإمام علي عليه السلام كثيرة جدا بحيث لا تعد ولا تحصى .
أخرج الموفق ابن أحمد الخوارزمي في المناقب :18 ، والعلامة محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه ” كفاية الطالب ” الباب الثاني والستين ، في تخصيص علي عليه السلام بمائة منقبة دون سائر الصحابة ، جاء في الباب ، ص 123 ، بسنده عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله (ص) : لو أن الغياض أقلام ، والبحر مداد ، والجن حساب ، والإنس كتاب ، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب .
وأخرج السيد علي الهمداني بسنده عن عمر بن الخطاب ، رفعه ، قال : قال رسول الله (ص) : لو أن البحر مداد ، والرياض أقلام ، والإنس كتاب ، والجن حساب ، ما أحصوا فضائلك يا أبا الحسن .
وأخرجه ابن الصباغ المالكي في ” الفصول المهمة ” بسنده عن ابن عباس ، وأخرجه سبط ابن الجوزي في ” التذكرة ” (13) لذلك نحن نعتقد أن عليا عليه السلام أحق من غيره بالخلافة.
الشيخ عبد السلام : نحن لا ننكر فضائل ومناقب مولانا علي كرم الله وجهه ، ولكن انحصار الفضائل فيه غير معقول ، لأن الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ أكرم أصحاب رسول الله (ص) وهم في الرتبة والفضل متساوون .
ولكنكم تنحازون إلى جانب سيدنا علي رضي الله عنه ، وتنقلون كل الفضائل باسمه دون غيره ، ولا تذكرون فضائل الصحابة الآخرين !
وهذا العمل يحرف أفكار الحاضرين عن الواقع فيلتبس الأمر عليهم ، وهذا هو التعصب !
فلكي ينكشف الحق للحاضرين ، ولا يلتبس الأمر عليهم ، أريد أن أذكر شيئا من فضائل ومناقب الخلفاء الراشدين .
قلت : نحن نتبع العقل والعلم ، ونقبل الدليل والبرهان ، نحن لا نحصر الفضائل في الإمام علي عليه السلام ، وإنما نمحّضه في الفضائل ، ونجله عن الرذائل ، وذلك لنزول آية التطهير في شأنه .
وأما الانحياز إلى جانبه فليس منا فحسب ، بل الله ورسوله انحازا إليه ، كما نجد الآيات القرآنية في حقه والأحاديث النبوية الصريحة في فضله .
وأما نسبة التعصب إلينا فهو بهتان وافتراء ، فإن التعصب معناه الالتزام بشيء مع الإصرار من غير دليل .
وأنا أشهد الله سبحانه بأني ما التزمت بشيء من أمور ديني ، وما تمسكت بولاية الإمام علي عليه السلام والأئمة الهادين من ولده ، إلا بدليل القرآن والسنة والعقل السليم .
لذا أرجو من الحاضرين أن ينبهوني إذا تكلمت بشيء بغير دليل ، أو تحدثت على خلاف
المنطق والعقل ، فأكون لهم شاكرا .
وأما حديثكم في مناقب الراشدين فيكون مقبولا بشرط أن تروون الأخبار الصحيحة عند الفريقين ، فنتبرك بها ، لأننا لا ننكر مناقب وفضائل الصحابة الطيبين ، ولا شك أن لكل واحد من الأصحاب المؤمنين له فضائل ومناقب ، ولكن الغرض من هذا المجلس والحوار ، البحث عن أفضلهم وأحسنهم وأكثرهم منقبة عند الفرقين : الشيعة والسنة .
فإن كلامنا يدور حول الأفضل لا الفاضل ، لأن الفضلاء كثيرون ، والأفضل واحد منهم بحكم العقل والنقل ، وهو أحق أن يتبع ويطاع .
الشيخ عبد السلام : إنكم تغالطون في الموضوع ، لأن كتبكم لا تحتوي على أي خبر أو حديث في فضل الخلفاء الراشدين غير سيدنا علي كرم الله وجهه ، فكيف أنقل لهذا الجمع أخبارا مقبولة لديكم ؟!
قلت : هذا الإشكال يرد عليكم ، لأنه في أول ليلة حينما أردنا أن نبدأ بالبحث ، قال الحافظ محمد رشيد سلمه الله : إن الاحتجاج والاستدلال يجب أن يكون بالآيات القرآنية والأخبار المروية المقبولة عند الفريقين ، وأنا قبلت الشرط ، لأنه مقتضى العقل ، وعلمت به في أثناء الحوار والحديث في المجالس السابقة .
والحاضرون يشهدون ، وأنتم تعلمون بأني كل ما احتججت به عليكم واستدللت به على صحة كلامي ، إنما كان من القرآن الحكيم وأحاديث النبي الكريم (ص) المعتبرة والمقبولة عندكم .
وأنا إلى آخر حواري معكم ، وحتى الوصول إلى النتيجة القطعية لا أنقض الشرط ، بل أعمل على وفقه إن شاء الله تعالى .
ومع ذلك كله فإني أتساهل معكم ، وأتنازل لكم ، وأقبل منكم الروايات المنقولة في كتبكم دون كتبنا ، شريطة أن لا تكون موضوعة أو مجعولة ، وأن لا يأباها العقل السليم ، فنستمع إليها مع الحاضرين ، ثم نقضي فيها بالعدل والإنصاف ، لنرى هل الأخبار التي تقرأها وترويها لنا ، هل تفضل وترجح أحدا على سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب في العلم والجهاد والرتبة والمنزلة عند الله سبحانه وعند رسوله (ص) ؟!
الشيخ عبد السلام : إنكم نقلتم أحاديث وأخبارا صحيحة وصريحة في خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه ، ولكنكم غافلون أن عندنا أخبارا كثيرة في خلافة سيدنا أبي بكر (رض) .
قلت : مع أن كبار علمائكم أمثال : الذهبي والسيوطي وابن أبي الحديد وغيرهم أعلنوا بأن الأمويين والبكريين وضعوا أحاديث كثيرة مجعولة في فضائل أبي بكر ، مع ذلك نحن نستمع إليك رجاء أن لا تكون رواياتك وأخبارك من تلك الموضوعات والمجعولات .
سلطان الواعظين ليالي بيشاور 2018-08-15