فالصحافي الألماني (جرهارد كونسلمان) يقول: إن الحسين ومن خلال ذكائه قاوم خصمه الذي ألّب المشاعر ضد آل (علي) وكشف (يزيد) عبر موقفه الشريف والمتحفّظ فلقد كان واقعياً، ولقد أدرك أن بني أمية يحكمون قبضتهم على الامبراطورية الإسلامية الواسعة من هنا انطلقت الحياة غير الهادئة لحفيد النبي الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد ابتدأت بعد موت (معاوية) عليه اللعنة حيث شعر الإمام بخطر وتحدٍّ قادمين عليه وعلى الدين الإسلامي الحنيف من الأمويين ويستطرد الصحافي الألماني (كونسلمان) في حديثه عن العرش الأموي الهزيل وتحديداً خلافة (يزيد)عليه اللعنة بما يحمل من شخصية نكراء وشوهاء فيقول: لقد كان (يزيد) عليه اللعنة مستخفاً مستهزئاً لا يقوى على تحمل المسؤولية، قال عنه أحد الرجال البارزين الذي يذكر العهد الذهبي الذي حكم فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أعلينا أن نبايع من يلاعب الكلاب والقرود ومن يشرب الخمر ويرتكب الآثام علناً، كيف نكون مسؤولين عن هذه البيعة أمام الله ؟
ويمضي الصحافي الألماني (كونسلمان) ليشير إلى انطلاقة الركب الحسيني مروراً بالكارثة فيقول: وأتى الحسين(عليه السلام) وأسرته جميعاً من آخر يوم من العام الستين الهجري إلى الفرات بعد أن تحطمت الآمال ، ولكن الإصرار يحدوه بعدم البيعة ليزيد عليه اللعنة فلم يكن في ذهنه تفكير في الرجوع .
ويجل الكاتب موقف أنصار الإمام الحسين (عليه السلام) مع إمامهم فيقول : إن المتبقين من الأنصار قد سمعوا أن الويلات ستحل عليهم، لكنهم صمدوا وثبتوا، ومع أن الإمام الحسين أخبرهم بما سيحل عليهم، لأنه ذات ليلة رأى في منامه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ظهر له ، وقال ستكون غداً عندنا في الجنة ، وبكت نساء الحسين (عليه السلام) وانتحبن لهذا الكلام ، ولكن الحسين طلب منهنّ التماسك وقال: إن بكينا ضحك العدو، ومن منا يريد غبطة على هذا الضحك؟
وينعطف الأستاذ (جرهارد كونسلمان) قائلاً بحرارة محمومة وعاطفة شجية لسلوك نفسي جسده أبو عبد الله الحسين في ملحمة الطف المليئة بالكمالات الإنسانية فيقول:
ولمرة أخيرة حاول زعيم الركب الحسيني استخدام عنصر الإقناع أمام أعدائه، فقد كان رجلاً ذا كلام ساحر خاصة في وقت الشدة، ولكن لم ينفعهم ذلك،فنزل للحرب مع عدم رغبته بها ، وبقيت كلمات الشهيد الحسين مقدسة حتى اليوم ولقد استخدم فيها الإمام عناصر الفصاحة فاستعان بالمبررات وعبارات الرجاء إلا أنها بقيت بلا أثر فيهم، وفي قيض الظهيرة أصاب الوهن صوت الإمام الحسين (عليه السلام)، فجفّ حلقه وشفتاه ولسانه بفعل العطش فصار القرار للسيوف .
ويقول الكاتب (كونسلمان) : وبما أن أعداء الحسين (عليه السلام) تفوقوا عدداً إلا أنهم لم ينجحوا بسرعة في كسر الحلقة حول الحسين (عليه السلام) وكان العطش قد أصاب رجاله وعياله ، وأثّر فيهم بصورة خاصة ؛لأن العدو قد حال بينهم وبين ماء الفرات، وبحلول العصر انكسرت الحلقة حول الإمام الحسين (عليه السلام)، فلم يكن أمام حفيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسين (عليه السلام) إلا أن يستخدم سيف ذي الفقار الذي دافع به النبي وعلي ، فقاتل ببسالة عظيمة حتى انكسر أمام الخصم وكان قد أصيب بأربع وثلاثين ضربة سيف، وثلاث وثلاثين رمية نبال، وهكذا قتلوه وقتلوا أصحابه بلا رحمة .
ويصوّر الكاتب الألماني مصائب آل الرسول بعد عصر عاشوراء بتحسّر وتحرّق ، فيقول : وقام أتباع (يزيد) بفصل الرؤوس عن الأجساد بما فيهم الإمام الحسين ، وخلعوا الثياب من الأجساد الدامية ، ومثّلوا بكثير من جثث القتلى من أبناء الحسين ولم يسلم منهم حتى الطفلان، وعندما هوجمت الخيام التي تحوي النساء لم يبقَ على قيد الحياة إلا نساء وعدد قليل من الغلمان ، فتم إرسالهم إلى الكوفة ليلاً فتركوا كربلاء باكين ووصلوا الكوفة حتى سمعت صرخات مدوية ونحيب مما أصابت (الهستيريا) أصحاب الفضول بعد إحباطهم من نصرة الحسين (عليه السلام) .
ثم يعرج الصحافي الألماني بكلامه بالقول : أدى مصرع الحسين إلى أن تصير سلالة آل محمد وعلي في ضمير كثير من المسلمين… إنهم أنبل جنس عاش على أرض الدولة الإسلامية، وصار مصرع الحسين في كربلاء أهم حدث في مجرى التاريخ ، وظل هذا الشهيد رمزاً للمسلمين حتى يومنا هذا، وقد أحسّ (يزيد) أن الحسين ميتاً لهو أخطر عليه من الحسين حياً .
إن ما تناوله الصحافي الألماني في كتابته عن الحسين ونهضته من مضامين إبداعية استلهمت شيئاً من الفاجعة تستحق التبجيل والتكريم مع تحفظنا على بعض آرائه، فلقد تناول حفيد النبي مع عدم انتمائه هو للرسالة المحمدية وهذا مدعاة شرف وفخر ؛ لأن الحسين ملك للعالم كله وهو المنهل العذب الذي ينحو نحوه الظامئون من كل الأديان والأجناس ؛ ليغترفوا من عذب مائه حتى الوصول للكمال الإنساني الذي مثله أبو الشهداء في كربلاء ، فالحسين وكما نستقرأه عبر كتاب هذا الألماني هو ثورة في وجدان الإنسانية.
1- لم يتردد الشمر لحظة في الإشارة بقتل حفيد الرسول حين أحجم غيره عن هذا الجرم الشنيع وإن كانوا مثله في الكفر.
(المستشرق الهولندي ـ دينهارت دوزي)
2- إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي.
(الباحث الانكليزي ـ جون أشر)
3 ـ قام بين الحسين بن علي والغاصب الأموي نزاع دام، وقد زودت ساحة كربلاء تاريخ الإسلام بعدد كبير من الشهداء اكتسب الحداد عليهم حتى اليوم مظهراً عاطفياً.
(المستشرق الهنغاري- أجنانس غولد تسيهر)
4ـ لم يكن هناك أي نوع من الوحشية أو الهمجية، ولم ينعدم الضبط بين الناس فشعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء وما زلت أشعر بأني توصلت في تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية في الإسلام، وأيقنت بأن الورع الكامن في أولئك الناس والحماسة المتدفقة منهم بوسعهما أن يهزّا العالم هزّاً، فيما لو وجّها توجيهاً صالحاً وانتهجا السبل القويمة ، ولا غرو فلهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين.
(الكاتب الانكليزي- توماس لايل)
5ـ في نهاية الأيام العشرة من شهر محرم طلب الجيش الأموي من الحسين بن علي أن يستسلم، ولكنه لم يستجب، واستطاع رجال (يزيد) الأربعة آلاف أن يقضوا على الجماعة الصغيرة، ووقع الحسين مصاباً بعدة ضربات، وكان لذلك نتائج لا تحصى من الناحيتين السياسية والدينية.
(المستشرق الفرنسي ـ هنري ماسيه)
6ـ إن مأساة الحسين المروّعة ـ على الرغم من تقادم عهدها ـ تثير العطف وتهزّ النفس من أضعف الناس إحساساً وأقساهم قلباً… إن مذبحة كربلاء قد هزّت العالم الإسلامي هزّاً عنيفاً… ساعد على تقوية دعائم الدولة الأموية.
(المؤرخ الانكليزي – جيبون)
7 ـ أنا هندوسي بالولادة، ومع ذلك فلست أعرف كثيراً من الهندوسية، وإني أعزم أن أقوم بدراسة دقيقة لديانتي نفسها وبدراسة سائر الأديان على قدر طاقتي ولقد تناقشت مع بعض الأصدقاء المسلمين وشعرت بأنني كنت أطمع في أن أكون صديقاً صدوقاً للمسلمين وبعد دراسة عميقة لسائر الأديان عرفت الإسلام بشخصية الإمام الحسين وخاطبت الشعب الهندي بالقول : على الهند إذا أرادت أن تنتصر ، فعليها أن تقتدي بالإمام الحسين.
وهكذا تأثر محرر الهند بشخصية الإمام الحسين ثائراً حقيقياً وعرف أن الإمام الحسين مدرسة الحياة الكريمة ، ورمز المسلم القرآني وقدوة الأخلاق الإنسانية وقيمها ومقياس الحق… وقد ركّز (غاندي) في قوله على مظلومية الإمام الحسين عندما قال: تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر.
(الزعيم الهندي -المهاتما غاندي)
8 ـ نشبت معركة كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي، وخلّفت وراءها فتنة عميقة الأثر، وعرضت الأسرة الأموية في مظهر سيء، ولم يكن هناك ما يستطيع أن يحجب آثار السخط العميق في نفوس القسم الأعظم من المسلمين على السلالة الأموية والشك في شرعية ولايتهم.
( العالم الإيطالي ـ الدومييلي)
9 ـ الكتب المؤلفة في مقتل الحسين تعبر عن عواطف وانفعالات طالما خبرتها بنفس العنف أجيال من الناس قبل ذلك بقرون عديدة…إن واقعة كربلاء ذات أهمية كونية،فلقد أثرت الصورة المحزنة لمقتل الحسين الرجل النبيل الشجاع في المسلمين تأثيراً لم تبلغه أيّة شخصية مسلمة أخرى.
(المستشرق الأميركي – غوستاف غرونييام)
10 ـ إن الإمام الحسين وعصبته القليلة المؤمنة عزموا على الكفاح حتى الموت وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلت تتحدى إعجابنا وإكبارنا عبر القرون حتى يومنا هذا.
(الكاتب والمؤرخ الانكليزي – برسي سايكس)
11 ـ لقد أصبحت كربلاء مسرحاً للمأساة الأليمة التي أسفرت عن مصرع الحسين.
(الباحثة الانكليزية ـ جر ترودبل)
12 ـ بالرغم من القضاء على ثورة الحسين عسكرياً، فإن لاستشهاده معنى كبيراً في مثاليته، وأثراً فعالاً في استدرار عطف كثير من المسلمين على آل البيت.
(المستشرق الألماني ـ يوليوس فلهاوزن)
13 ـ دلّت صفوف الزوّار التي ترحل إلى مشهد الحسين في كربلاء والعواطف التي ما تزال تؤججها في العاشر من محرم في العالم الإسلامي بأسره كل هذه المظاهر استمرت لتدل على أن الموت ينفع القديسين أكثر من أيام حياتهم مجتمعة.
(المستشرق الانكليزي د. ج. هوكارت)
14 ـ إن مأساة مصرع الحسين بن علي تشكّل أساساً لآلاف المسرحيات الفاجعة.
(العالم الانثروبولوجي الأميركي ـ كارلتون كون)
15 ـ حدثت في واقعة كربلاء فظائع ومآسٍ صارت فيما بعد أساساً لحزن عميق في اليوم العاشر من شهر محرم من كل عام، فلقد أحاط الأعداء في المعركة بالحسين وأتباعه، وكان بوسع الحسين أن يعود إلى المدينة لو لم يدفعه إيمانه الشديد بقضيته إلى الصمود، ففي الليلة التي سبقت المعركة بلغ الأمر بأصحابه القلائل حداً مؤلماً، فأتوا بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم فحضروه في ساعة من الليل، وجعلوه كالخندق ثم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب وأضرموا فيه النار لئلا يهاجموا من الخلف، وفي صباح اليوم التالي قاد الحسين أصحابه إلى الموت، وهو يمسك بيده سيفاً وباليد الأخرى القرآن، فما كان من رجال (يزيد) إلا أن وقفوا بعيداً وصوّبوا نبالهم فأمطروهم بها فوقعوا الواحد بعد الآخر ولم يبقَ غير الحسين وحده، واشترك ثلاثة وثلاثون من رجال بني أمية بضربة سيف أو سهم في قتله ووطأ أعداؤه جسده وقطعوا رأسه.
(الآثاري الانكليزي – ستيفن لويد)
16 ـ أصبح اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي وهو العاشر من محرم يوم حداد ونواح عند المسلمين ، ففي مثل هذا اليوم من كل عام تمثل مأساة النضال الباسل والحدث المفجع الذي وقع للإمام الشهيد وغدت كربلاء من الأماكن المقدسة في العالم، وأصبح يوم كربلاء وثأر الحسين صيحة الاستنفار في مناهضة الظلم.
(المستشرق الأميركي – فيليب حتي)
17 ـ الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين بن علي قد عجل في التطور الديني لحزب علي، وجعلت من ضريح الحسين في كربلاء أقدس محجة.
(المستشرق الألماني – كارل بروكلمان)
18 ـ لقد قدّم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الإنسانية وارتفع بمأساته إلى مستوى البطولة الفذّة.
(الآثاري الانكليزي – وليم لوفتس)
19 ـ أخذ الحسين على عاتقه مصير الروح الإسلامية، وقتل في سبيل العدل بكربلاء.
(المستشرق الفرنسي – لويس ماسينيون)
20 ـ على مقربة من مدينة كربلاء حاصر هراطقة يزيد بن معاوية وجنده الحسين بن علي ومنعوا عنه الماء ثم أجهزوا عليه… إنها أفجع مآسي الإسلام طراً… جاء الحسين إلى العراق عبر الصحراء ،ومعه منظومة زاهرة من أهل البيت وبعض مناصريه، وكان أعداء الحسين كثرة، وقطعوا عليه وعلى مناصريه مورد الماء واستشهد الحسين ومن معه في مشهد كربلاء، وأصبح منذ ذلك اليوم مبكى القوم وموطن الذكرى المؤلمة كما غدت تربته مقدسة، وتنسب الروايات المتواترة إلى أن (الشمر) قتل (الحسين)؛ لذا تصب عليه اللعنات دوماً ، وعلى كل من قاد القوات الأموية ضد شهداء كربلاء، فالشمر صنو الشيطان في الأثم والعدوان من غير منازع.
(الباحثة الانكليزية – أ.س ستيفينس)
21 ـ إن الشيعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي يحيون ذكرى الحسين ومقتله ويعلنون الحداد عليه في عشرة محرم الأولى كلها إذ على مسافة غير بعيدة من كربلاء جعجع الحسين إلى جهة البادية، وظل يتجوّل حتى نزل في كربلاء وهناك نصب مخيمه، بينما أحاط به أعداؤه ومنعوا موارد الماء عنه وما تزال تفصيلات تلك الوقائع واضحة جلية في أفكار الناس إلى يومنا هذا كما كانت قبل 1257 سنة وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة ؛ لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء.(الكاتبة الانكليزية ـ فريا ستارك).