ايقنت السعودية ، متأخرة ، ان الاهداف التي حددتها لعاصفتها على اليمن ، غير قابلة للتحقيق ، وانها اكبر بكثير من كل امكانياتها ، وانها تورطت في حرب لا تملك القدرة على انهائها ، ولا على مواصلتها ، او حتى استشراف مدياتها ، فكان لابد ان تتجرع كأس السم ، وتعلن وقف “العاصفة” ، وجاء الاعلان بمثابة “انسحاب تكتيكي” ، وان كان من جنس الهزيمة ، على أمل خفض سقف الاهداف وجعلها قابلة للتحقيق ، لانعاش آمالها في مرحلة “اعادة الامل”.
اسباب كثيرة ساهمت في اقناع السعودية ، بعبثية “عاصفتها” ، في مقدمتها ، فشلها في تحقيق اي هدف من اهدافها المعلنة ، و المقاومة البطولية للشعب اليمني ، والقيادة الحكيمة لانصار الله وشخص السيد عبدالملك الحوثي ، وانخراط عقد “التحالف” السعودي قبل ان يلتئم ، وغاراتها الانتقامية العشوائية ضد المدنيين ، وانعكاس ذلك سلبا على وضع وكلائها داخل اليمن ، بعد ان ظهر جليا انهم في خندق واحد مع القاعدة والتكفيريين ، بالاضافة الى الموقف الايراني الرافض للعدوان السعودي والمجازر التي ترتكب ضد الشعب اليمني المظلوم.
هذه الاسباب وغيرها جعلت السعودية تعلن مضطرة انتهاء “عاصفة الحزم” والبدء بعملية “اعادة الامل” ، وتبين من خلال المناطق المستهدفة من قبل الطائرات السعودية في عملية ” اعادة الامل” ، ان سقف الاهداف انخفض كثيرا قياسا بسقف اهداف “عاصفة الحزم” ، فقد ركز القصف السعودي على المحافظات الجنوبية والجنوبية الشرقية مثل عدن والضالع ومأرب وتعز والحُديدة ، لتمكين وكلاء السعودية من السيطرة على منطقة ما في الجنوب لتحويلها الى مكان آمن يمكن ان تكون مقرا للرئيس اليمني المستقيل والهارب عبدربه منصور هادي ، او لنائبه خالد بحاح.
السعودية تنازلت عن جميع اهداف “عاصفة الحزم” ، لصعوبة تحقيقها ، واستعاضت عنها جميعا بهدف واحد لعملية “اعادة الامل” ، وهو ايجاد موطأ قدم لهادي في الجنوب ، لتكون لهادي ورجال السعودية في اليمن ، كلمة تسمع في حال تم ترتيب حوار يمني يمني تحت مظلة الامم المتحدة ، ومن ثم فرض رؤية السعودية على اي تسوية مستقبلية.
مشكلة السعودية في اليمن ، تكمن في عدم وجود قاعدة شعبية للمحسوبين عليها هناك ، فقد يئس الشعب اليمني من التدخل السعودي في شؤونه الداخلية على مدى عقود ، وهو التدخل الذي اوصل الشعب اليمني الى ما وصل اليه اليوم ، لذلك نرى القاعدة و”داعش” والتكفيريين هم العمود الفقري لمشاة السعودية في اليمن ، وقد بدا ذلك واضحا من خلال القصف السعودي المكثف لمعسكري اللواء 35 شمال مدينة تعز ، واللواء 312 في كوفل بمأرب ، بعد تحريرهما من القاعدة والجماعات التكفيرية.
تخطىء السعودية في استخدام القاعدة وداعش والسلفيين والتكفيريين وبعض من غررت بهم من الحراك الجنوبي ، للسيطرة على مناطق في جنوب اليمن تحت غطاء وقصف جوي عنيف ، فهذه المجاميع لن تكون دائما تحت سيطرتها ، وان تجارب السعودية مع القاعدة في السابق ، اثبتت ذلك ، كما ان التحالف المعلن بين المعتدين السعوديين والقاعدة و “داعش” والتكفيريين ، تدفع ابناء الشعب اليمني الى مزيد من الوحدة والتضامن ،وقد اثبت الاحداث في مأرب هذه الحقيقة ، حيث تمكنت القاعدة والمجموعات التكفيرية ، من السيطرة على مدينة مأرب والمراكز الامنية والعسكرية فيها فيها، بمساعدة السعودية ، الا ان انصار الله والجيش اليمني ، وبدعم من الشعب اليمني ، اقتربوا من تطهير المحافظة بأكملها من القاعدة ، واكد قادة كبار في انصار الله انه سيتم خلال الساعات المقبلة الاعلان عن تحرير محافظة مأرب بالكامل.
آن الاوان للسعودية ان تكف عن التخبط بين “عاصفة” تلاشت ، و”امل” بعيد المنال ، وان تترك اليمنيين يقررون مصيرهم بانفسهم ، وان تتعظ بغيرها من المعتدين وعلى رأسهم أمريكا ، فإن كانت امريكا بكل جبروتها وغطرستها عجزت عن تحقيق اي شيء بحروبها الظالمة على الشعوب ، فإن السعودية لا محالة أعجز ، بل سيتضاعف عجزها ، حين نعرف ان المعتدى عليه هو الشعب اليمني .. والتاريخ اكبر شاهد على ما نقول.