رصدت الهيأة العليا للاتصال السمعِي البصرِي ثغراتٍ القنوات الوطنيَّة، كلٌّ على حدَة، في بثِّ البرامج التي تتخذُ منْ الجريمَة موضوعًا لها، في تقرير موضوعاتِي حديث، لتوصِيَ المنابر الصحافيَّة بتبنِي مقاربة قانونيَّة وحقوقيَّة تضمنُ احترام المساطر القضائيَّة والحياة الخاصَّة للمواطنِين.
“الهاكا” استهلَّتْ تقريرها عنْ برامج “الجريمة” بالشكايات التي وردتْ ضدَّ برامج، من قبل مواطنين رأوْا أنَّها مست بقرينة براءتهم أوْ كشفتْ هويتهم للعمُوم، زيادةً على شكايات من المجلس الوطنِي لحقُوق الإنسان ووزارة الاتصال والمندوبيَّة العامَّة لإدارة السُّجُون وإعادة الإدمَاج ووزارة الاتصال.
ووفقًا للتقرير، فإنَّ بالرُّغم من الانتقادات التي جرى توجيهها إلى برامج “الجريمة”، سواء على خلفيَّة عدم مراعاتها الحياة الخاصَّة والجمهُور الناشئ، إلَّا أنَّها استطاعتْ أنْ تستأثر بنسب مشاهدة مهمَّة، حيثُ تشيرُ أرقام قياس المشاهدة لـ”مارُوك ميترِي” إلى أنَّ برنامجيْ “مداولة” و”أخطر المجرمِين” كانَا بين البرامج العشرة الأكثر مشاهدَة في 2013، حتى أنَّ حلقة من أخطر المجرمِين جذبتْ أربعة ملايين وَ256 ألف مشاهد.
ويوردُ التقريرُ أنَّ 18 في المائة من الجمهُور الناشئ، الذي يتراوحُ عمره بينَ 5 وَ14 سنة، يشاهدُون برنامج “أخطر المجرمِين”، كما أنَّ الأطفال يشكلُون عشرين في المائة منْ مجمل منْ يشاهدُون البرنامج.
وتظهر خلاصات التقرير أنَّه كلَّمَا زادَ المستوى التعليمِي للمشاهد خفَّ إقباله على مشاهدَة الجريمة، حيثُ إنَّ 62 بالمائة منْ مشاهدِي برامج الجريمة لا يحوزُون أيَّ شهادة تعليميَّة، في حين يشكلُ أصحاب الشهادات المتوسطَة 30 بالمائة، ولا يشكلُ حاملُو الشهادات العليا سوَى 8 بالمائة.
وانكبَّ التقرير على العناوين المتخذة لبرامج الجريمَة في المغرب لتخلص إلى أنَّه باستثناء برنامج “مداولة” على القناة الأُولى، الذِي يكتسِي خصوصيَّة بإشارته إلى المرحلة ما قبل النهائيَّة لقضيَّة أمام القضاء.، يحملُ عنوانَا “أخطر المجرمِين” و”مسرح الجريمَة” إدانة مسبقة لأحد أطراف القضيَّة.
وحلَّ القتل في صدارة الجرائم التي جرت معالجتها في برامج الجريمة بالمغرب، على أنَّ القنوات تفاوتتْ من حيث التركيز عليها، ففي الوقت الذِي شكل القتل 50 في المائة من حلقات برنامج “مداولَة” وصلَت نسبته إلى 79 في المائة منْ مواضيع “أخطر المجرمِين” على القنَاة الثانيَة.
وتوضحُ الدراسة أنَّ برنامج “مداولة” التزمَ باحترام الكرامة الإنسانيَّة، بالنظر إلى تقديمه أسماءً غير حقيقيَّة وقضايا صدرت في حقها أحكامٌ نهائيَّة، كما لمْ تتضمن أيُّ حلقة من حلقات البرنامج مشاهد حقيقيَّة. فيما نبهتْ برنامج “أخطر المجرمِين” إلى عدم الفصل بين إعادة التمثيل والوقائع الحقيقيَّة وتنبِيه المشاهد إليهَا.
وتحثُّ الدراسة متعهدي برامج “الجريمة” باستحضار إجراءات حماية الجمهُور الناشئ، علاوةً على وضع معجم لتدقيق بعض المفاهِيم القانونيَّة والحقوقيَّة، وفتح نقاشٍ حول الحقِّ في النسيان، في مقابل الحق في الإخبار، وعمَّا إذا كانت برامج “الجريمة” تندرجُ ضمن وظائف الإعلام العمومي.