الرئيسية / شخصيات اسلامية / السیدة زینب (س) هی النموذج الحی الذی یتأسى به المسلمون رجالاً ونساءً

السیدة زینب (س) هی النموذج الحی الذی یتأسى به المسلمون رجالاً ونساءً

۱۵ من شهر رجب الأصب یوافق ذکرى وفاة السیدة العظیمة زینب الکبرى(علیها السلام)، شاطرت أخاها فی رسالته خصوصاً بعد مقتله (ع) وحملت أعباء تلك المسؤولیة فی إظهار کلمة الحق ودحض الباطل.

أنّ السیدة زینب الکبرى(س) نموذج متکامل للمرأة المسلمة، أی أنَّها الأسوة التی یقدّمها الإسلام ویضعها بین یدی شعوب العالم کنموذج لتربیة المرأة.‏
وإن شخصیة زینب الکبرى(س) ذات أبعاد عدیدة، فهی عالمة بأمور الدین وعارفة مرموقة وإنسانة بارزة، یُذعن لعظمة علمها ومعرفتها ونفسیتها کلُّ من وقف على حقیقة شخصیتها.‏
وربّما کان أهم بُعد یمکن لشخصیة المرأة المسلمة أن تضعه أمام أعین الجمیع، هو أن شخصیة المرأة المسلمة بفضل الإیمان والثقة برحمة الله وعظمته من السعة والعظمة بحیث تتصاغر أمامها جمیع الحوادث الکبیرة.‏
وهذا هو البُعد الأبرز فی حیاة زینب الکبرى(س) فإنَّها لا تزعزعها الحوادث وإن کانت بحجم یوم عاشوراء.‏
ولا یمکن للجبروت الظاهری الذی یتمتّع به ساسةُ جورٍ من أمثال یزید وعُبید الله بن زیاد أن ینتقص من کبریاء زینب الکبرى(س) وعظمتها.‏
وإن زینب الکبرى(س) تعمل على صیانة شخصیتها وکبریائها وعظمتها المعنویة سواءً أکانت فی المدینة المنورة مهد استقرارها وعزّتها، أم فی کربلاء موطن محنتها ومأساتها، أم فی مجالس جبابرة مثل یزید وعبید الله بن زیاد، بل وتعمل على إذلال من یحاول المساس بشموخها وکبریائها.‏
إنّ یزید وعبید الله بن زیاد قد تصاغرا أمام هذه المرأة الأسیرة الّتی مَثُلت أمامهما مغلولة الیدین.‏إذ وظّفت یَومها جمیع ما تمتلکه من عواطف المرأة وعظمتها، واطمئنان قلبها وثبات جناحها، وفصاحة لسانها وهو لسان الصادقة المجاهدة فی سبیل الله، المنهمر بزلال المعارف المنبجسة من فؤادها، فیسود الوُجُوم وتستولی الدهشة على السامعین والحاضرین.‏
إنّ قوة کبریائها کإمرأة تجعل الکبریاء الکاذب والمزیف متصاغراً ومحتقراً أمامها.‏
إنّ عظمتها کإمرأة عبارة عن مزیج من الحماسة والعاطفة الإنسانیة التی لا یمکن توفرها فی أیّ رجل، والمتانة الشخصیة والاستقامة الروحیة التی تستوعب جمیع الحوادث الکبیرة والخطیرة، وتطأ بقدمیها جمر المحن بشجاعة وتتجاوزها، وفی الوقت نفسه تقدّم الدروس وتُلهب النفوس، وتعمل على توعیتها.‏
وتسهر کأم عطوف على راحة إمام زمانها زین العابدین، وتجعل من نفسها سدّاً منیعاً لتحفظ صغار أخیها وغیرهم من أیتام هذه الحادثة، وتصونهم وسط هذا الطوفان العاتی والزوبعة الجارفة.‏
أسوة النساء‏:
إنّ المرأة بما تتمتّع به من نقاط القوة التی أودعها الله فی کیانها، مصحوبة بالإیمان العمیق والاطمئنان الناشئ من اتکالها على الله، وعفّتها وطهارتها تمکّنها من القیام بدور استثنائی فی المجتمع، لا یمکن لأیّ رجل أن یقوم به.‏
فإنها فی الوقت الذی تکون فیه جبلاً راسخاً من الإیمان تعمل على إرواء الظامئین بینبوع عاطفتها وحبّها ومشاعرها وصبرها وتحمّلها.‏
ویمکن لمثل هذا الحضن الرؤوف أن یعمل على تربیة الإنسان، ولولا وجود المرأة بما تتمتّع به من هذه الصفات لَما کان هناک للإنسانیة من معنى.‏
وهذه هی قیمة المرأة وشخصیتها، التی لیس بإمکان العقول المادیة الغربیة المتحجّرة أن تفهمها أو تدرکها.‏
إنّ الذین لم یحصلوا على نصیب من الدین والمعنویة لا یسعهم أن یفهموا کُنه هذه العظمة.‏
وإنّ الذین یرون أن شخصیة المرأة تکمن فی تبرّجها وجعلها ألعوبة بید الرجال، لا یمکنهم أن یدرکوا الهُویة التی یمنحها الإسلام للمرأة.‏
وإن زینب الکبرى أسوة نسائنا على طول التاریخ، فی العقل والمتانة، والقوّة والشجاعة والحماسة، والشعور العاطفی، وصراحة القول، وثبات الجنان واستقامة الروح، ممزوجة بالأمومة والأخوّة، ومواصلة الناس، وإشاعة الحنان فی أجواء الأُسرة، ودعوة الزوج والأبناء إلى مائدة العطف والمحبّة.‏
وهذه هی خصائص المرأة المسلمة، ولا یزال هناک فی مجتمعنا قسط کبیر من هذه النعمة العظیمة لحسن الحظ، وإن کان الأعداء یسعون إلى القضاء علیها.‏
فی حین أن البلدان والمجتمعات التی لا تمنح المرأة هذه الهُویة تشکو من تزعزع الاُسس التربویة والأجواء الأخلاقیة والمعنویة فی المجتمع.‏
ویمکن استخراج جمیع هذه القیَم المعنویة من مرکز الأسرة الدافئ الذی تشکّل المرأة قطب رحاه، وقلبه النابض، ومحور الحنان فیه ونشر المعنویات على صعید المجتمع.‏
وأرجو من بناتنا ونساء مجتمعنا أن یدقّقن فی شخصیة زینب الکبرى(س)، ویَرین فیها هویّتهن وشخصیّتهن، وما عدا ذلک مجرّد أمور هامشیة.‏
فإنّ جوهر ذات الإنسان إذا أمکنهُ بلوغ التسامی والخلوص تصاغر أمامه کلّ شی‏ء، وأخذ بزمام قدرته على توجیه جمیع الأمور وإدارة دفّتها.‏
إنّ المرأة لا تحتاج إلى منزلة تشریفیة مصطنعة لترقى إلى مستوى شأنها ومتانتها ووقارها وسکینتها الروحیة.‏
فقد أودعها الله طبیعة لطیفة، وحَباها جمالاً ودفئاً یخوّلها توجیه ذاتها والأجواء المحیطة بها ـ سواء فی البیت أو غیره من الأمکنة ـ نحو المعنویات والرقی، وتسلّق المقامات العلمیة والعملیة.‏
عبادتها علیها السلام:
کانت السیدة زینب علیها السلام ثانیة أمها الصدیقة الزهراء علیه السلام فی العبادة والتهجد والذکر، فکانت صوّامة قوامة قانتة لله تعالى تائبة إلیه تقضی أکثر لیالیها متهجدة تالیة للقرآن الکریم ولم تترک کل ذلک حتى فی أشد اللیالی لیلة الحادی عشر من محرم. وعن الفاضل النائینی البرجردی: أن الحسین علیه السلام لما ودع أخته زینب وداعه الأخیر قال لها: “یا أختاه لا تنسینی فی نافلة اللیل”.
وفاتها:
توفّیت السیدة زینب علیها السلام فی 15 رجب فی دمشق الشام سنة 62هـ على أصحّ الأقوال، ودُفنت فی ضواحی دمشق فی قریة یقال لها راویة، ولها مزار یناسب جلالتها وعظمتها. وهناک قول أنها دُفنت فی مصر، ولها هناک أیضاً مقام یؤمه الناس ویتبرکون به.