القدوة فكرة
من المهم ان نلاحظ ان القدوة ليست دائماًً شخصاًً نقتدي به، قد يتغير بحسب الظروف والمراحل . فهي قد تكون ايضاًً فكرة دينية أو سياسية يحملها الانسان ويتأثر بها ويحاول تقليدها والعيش وفقاًً لمقتضياتها. وقد يتبناها الانسان ثم يتخلى عنها الى فكرة أخرى، فيغير طريقته في التفكير،وفي التصرف.من ذلك على سبيل المثال من يقتدي بالفكرة السياسية التي تدعو الى الاحتجاج السلمي والى التظاهر والى المشاركة في الانتخابات وغير ذلك مما نعرف عن معظم الأحزاب والحركات السياسية في عالمنا المعاصر.وما يشيع في اوساط المنتمين الى هذه الحركات من عادات مشتركة ومن زي متشابه ومن طريقة في السلوك وفي العلاقات بين الجنسين وفي احياء المناسبات السياسية والاجتماعية… وبين من يقتدي باتجاهات سياسية اخرى دينية او غير دينية تدعو الى العنف او الى التكفير وتفرض على اتباعها العزلة عن المجتمع وزياًً خاصاًً يتمايز به اتباع هذه القدوة عن غيرهم… وقد تكون القدوة بيئة ثقافية غير محددة المعالم ،(يبدو التعرف عليها اكثر صعوبة واكثر تعقيداًً) مثل ما تفعل وسائل الاعلام التي تبث طوال اليوم ومن دون توقف كل ما يمكن ان يشكل عناصر هذه البيئة الثقافية بمضامينها الفنية والاخلاقية والترفيهية والاجتماعية وسواها…وهي بيئة يصعب حصر اولها من آخرها وضبط ما يدور فيها…اذاًً القدوة ليست دائماًً شخصاًً أو نموذجاًً محدداًً يمكن ان نتعرف إليه
ونشير الى مواصفاته المحددة،على الرغم من أهمية الشخص/القدوة ودوره التاريخي في كل المجتمعات دون استثناء.بل هي أكثر من ذلك ايضاًً. فهي فكرة وهي بيئة وهي اطار يحيط بالانسان.وما يزيد من اهمية ومن خطورة هذه الفكرة او هذه البيئة انها باتت بفضل وسائل الاعلام الحديثة غير محددة المعالم تماماًً،وتتوجه الى أكثر من جيل، والى اكثر من فئة اجتماعية في وقت واحد…فباستطاعة وسائل الاعلام اليوم ان تتوجه الى كل افراد الاسرة في وقت واحد. وهي تتوجه اليهم في كل ساعات اليوم.وبات بمقدور الاغنياء والفقراء ان يشاهدوا الافلام والمسلسلات نفسها والنماذج القيمية والثقافية التي تبثها الفضائيات ومواقع الانترنت المختلفة من دون تمييز بين من يقدر على تقليد ما يدور فيها وبين من لا يجد قوت يومه لاشباع عياله… ما يجعل “القدوةًً التي تبثها تلك الوسائل “قدوة عالميةًً على مستوى الزي والأفكار والثقافة والسلوك والعلاقات …تتجاوز الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لهذا البد أو ذاك..بحيث نشهد الاعلانات نفسها حول مساحيق التجميل وحول عروض الازياء والعلاقات بين الجنسين والفنانيين والممثلين ..من الولايات المتحدة الى الصين وصولاًً الى بنغلادش وأفريقيا وباقي الدول الاسلامية…